من منازلهن وعبر الهواتف الذكية

“التسويق الإلكتروني” يدخل نساء من الحسكة سوق العمل 

صفحة لبيع الأدوات المنزلية المستعملة في القامشلي (عنب بلدي)

camera iconصفحة لبيع الأدوات المنزلية المستعملة في القامشلي (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مجد السالم

رغم أنها لم تكمل عامها الـ17، ولا تزال في مرحلة الدراسة الثانوية، استطاعت روجين محمد من بلدة معبدة في محافظة الحسكة، أن تحقق دخلًا شهريًا يعادل نحو ضعفي راتب الموظف الحكومي، وأحيانًا “أكثر من ذلك”، عبر عملها في مجال تسويق المنتجات على وسائل التواصل الاجتماعي.

قالت روجين محمد لعنب بلدي، إنها تشعر بـ”الفخر” لكونها قادرة على مساعدة أهلها في تأمين مصاريف المنزل “الكثيرة”، كل ذلك وهي جالسة في منزلها ومن هاتفها الذكي فقط، فمنذ نحو عام واحد، أنشأت الشابة صفحة على “فيس بوك”، خصصتها لتسويق وبيع مختلف أنواع “الإكسسوارات” والساعات ومواد وأدوات التجميل النسائية، بالتعاون مع أحد مراكز البيع بالجملة في مدينة القامشلي، لقاء “راتب ثابت ونسبة معيّنة من المبيعات”.

تصف الفتاة عملها بأنه مريح ولا يستدعي خروجها من المنزل كالأعمال التقليدية الأخرى، بل إنها تقوم بكل ما يحتاج إليه المنزل من أعمال تساعد فيها والدتها وبقية إخوتها، دون أن يؤثر ذلك على عملها في “التسويق عبر الإنترنت”، الذي “يعتمد بشكل رئيس” على بناء قاعدة متابعين جيدة، وبعض المهارات في كيفية صياغة المواد الدعائية، وطريقة التقاط الصور للمنتجات بمساعدة صاحب البضاعة نفسه.

وككل المهن، يتخلل هذا العمل بعض المشكلات التي تتعلق بالزبائن “غير الجديين” الذين يريدون تمضية الوقت في “الدردشة”، فضلًا عن أن بعض أصحاب المراكز يشترط قيمة معيّنة من المبيعات كي يعطي الموظف نسبة المبيعات الخاصة به، والتي تختلف من متجر لآخر.

وعن نوع البضاعة التي يمكن بيعها بهذه الطريقة في محافظة الحسكة، قالت روجين لعنب بلدي، إن أكثر البضائع رواجًا هي المتعلقة بأدوات ومواد التجميل و”إكسسوارات” الهواتف النقالة، وبعض الألبسة الخفيفة والساعات الشبابية والحقائب النسائية.

وبحسب عدة سيدات قابلتهن عنب بلدي، يلقى هذا النوع من العمل (التسويق والتجارة الإلكترونية) رواجًا وإقبالا متزايدًا من قبل النساء في الحسكة، لعدة أسباب، أبرزها تحقيق الدخل من المنزل دون الحاجة للخروج إلى سوق العمل، والتعرض للصعوبات اليومية كأجور المواصلات المكلفة، كما أنه لا يؤثر على واجباتهن تجاه العائلة خصوصًا المتزوجات، إذ يجدن فيه نوعًا من تحقيق الذات والاستقلال الاقتصادي، إلى جانب المتعة في استخدام الهواتف الذكية، ومرونة العمل وبناء العلاقات الجديدة، كما أنه لا يحتاج إلى شهادات معيّنة أو عمر محدد كالتوظيف بالطريقة التقليدية.

سوق “إلكترونية” للأدوات المستعملة

نجاح (38عامًا) من سكان القامشلي (تحفظت على ذكر اسمها لأسباب اجتماعية خاصة)، قالت لعنب بلدي، إنها تحقق دخلًا شهريًا يتراوح بين 300 ألف و500 ألف ليرة سورية (نحو 100 دولار)، لكنها لا تستخدم “فيس بوك” في عملها، فهي تراه “معقدًا”، وتعتمد بشكل كامل على تطبيق “واتساب” في تسويق البضاعة التي هي عبارة عن “أدوات منزلية مستعملة”.

لدى نجاح نحو ألف جهة اتصال على هاتفها الذكي، ومن خلال خاصية الحالة على “واتساب”، تضيف يوميًا عشرات الصور لأدوات منزلية مستعملة كالبرادات والغسالات والمكانس ومختلف أنواع الأواني وحتى الأثاث، وغيرها من الأشياء التي يرغب أصحابها في بيعها.

أضافت السيدة لعنب بلدي، أن نحو 95% من زبائنها من النساء، وأن عددهم يزداد باستمرار، ولم تتوقع أن يتطور عملها بهذا الشكل “الجيد”، بعد أن كانت البداية فيه “عن طريق الصدفة”، عندما طلب زوجها منها بيع غسالة مستعمله لديهم، حينها وضعتها على خاصية الحالة وبيعت عن طريق صديقاتها خلال ساعات، فبدأ زوجها بإحضار صور لأدوات مستعملة يرغب أصحابها في بيعها، في حين تولت هي البيع.

واعتبرت نجاح أن موجة الهجرة والسفر لدى سكان المنطقة، حققت لها دخًلا يفوق ما يجنيه زوجها “عامل المياومة” عدة مرات، إذ تكون أسعار البيع منخفضة “بداعي السرعة في السفر”، وهذا يزيد من المبيعات، وبالتالي تزيد نسبتها التي تأخذها من كلا الطرفين، البائع والمشتري (1% من قيمة المبلغ)، ما يمكنها من مساعدة زوجها في دفع إيجار المنزل وبقية مصاريف عائلتها المكونة من أربعة أفراد، وتحمّل “صعوبات المعيشة”.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، توجد عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم مدن مختلفة من محافظة الحسكة، وهي متخصصة ببيع وتسويق مختلف أنواع السلع والخدمات التجارية، غالبًا ما تشرف عليها سيدات، بينما تقتصر الصفحات التي يديرها الرجال على الترويج لعملهم الخاص.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة