قطاف الملوخية وبيعها.. فرصة عمل موسمية لنازحات في إدلب

تقطيف الملوخية وتحضيرها للبيع في إدلب في آب 2022 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

camera iconتقطيف الملوخية وتحضيرها للبيع في إدلب في آب 2022 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

tag icon ع ع ع

بعناية وإتقان، ترافقها سرعة كبيرة، تبدأ سارة قدري يومها بتقطيف أوراق الملوخية الخضراء، بالتعاون مع أختها وجارتها، محاولة استثمار الموسم السنوي لكسب بعض المال، وإنفاقه على عائلتها الصغيرة المكوّنة من زوج وطفلين.

قالت سارة (29 عامًا) لعنب بلدي، إنها بدأت العمل في تقطيف الملوخية منذ نزوحها عن بلدتها كنصفرة بريف إدلب الجنوبي، حين شنت قوات النظام وحلفاؤها، بغطاء روسي، عمليات عسكرية على المنطقة أواخر عام 2019، واستقرت في مدينة الدانا شمالي إدلب.

وأضافت الشابة أنها اختارت هذا العمل بعد أن عجز زوجها عن إيجاد فرصة عمل، وسط ظروف النزوح والفقر والغلاء “الذي راح يعصف بحياتهم”، بحسب تعبيرها.

وحول آلية عملها قالت سارة قدري، “زوجي يتسوّق لنا الملوخية كل صباح، بينما نتعاون أنا وأختي وجارتي بتقطيفها وتجفيفها وتعبئتها في أكياس بلاستيك، ثم بيعها للتجار وأصحاب المحال التجارية”.

يبيع زوج سارة كل كيلوغرام من الملوخية المجففة بمبلغ 50 ليرة تركية (2.5 دولار تقريبًا)، وتحصل العائلة على أرباح تصل إلى 20 ليرة تركية عن كل كيلوغرام، يتم تقاسمها بين الأشخاص الأربعة المتعاونين على إنجاز العمل.

ويعتمد المبلغ اليومي الذي يحصلون عليه على مدى سرعتهم بالعمل، ومهارة شراء أنواع الملوخية الجيدة، وتنظيفها من الأعواد وما علق بها من شوائب.

ورغم رواج المنتجات في الأسواق، فإن عمل تلك النسوة يخضع لعدد من التحديات، وذلك لقلة كمية الإنتاج مقارنة بمنافسة المعامل والمراكز الكبيرة، ما يعني أسعارًا مرتفعة وأرباحًا قليلة.

وتشكّل صناعة المؤونة فرصة عمل لنساء معيلات في إدلب، يسعين لتحضير كميات من المواد الغذائية المحفوظة (المونة)، لبيعها بهدف تأمين دخل موسمي يساعدهن في تلبية احتياجات عائلاتهن مع قدوم فصل الشتاء الذي بات يشكّل هاجسًا لمعظم المقيمين في المنطقة.

 “أفضل من الحاجة”

رغم التعب والإرهاق المصاحب للعمل، وقلة المردود، فهو يبقى “أفضل من الحاجة والسؤال”، على حد تعبير سمية حاج قدور (35 عامًا)، التي بدأت مشروعها بتقطيف الملوخية مع بداية فصل الصيف هذا العام، ولا تنوي التوقف عن عملها قبل نهاية الموسم مع قدوم فصل الشتاء.

استطاعت سمية إيجاد مشروعها بتقطيف الملوخية بعد نزوحها عن مدينتها سراقب، بريف إدلب الشرقي، وإقامتها في بلدة كفريحمول مع عائلتها المؤلفة من زوج مصاب وثلاثة أبناء، خصوصًا أن المنزل الذي استأجرته يضم فسحة ملائمة لهذا العمل.

“بعد إصابة زوجي في يده وقدمه اليسرى ونزوحنا الأخير، أصبحت حياتي صعبة، وباتت المسؤولية المالية ملقاة على عاتقي، وهو ما دفعني للبحث عن وسيلة دخل ومصدر رزق”، قالت سمية، موضحة أنها لم تجد سوى هذه المهنة كونها لا تحتاج إلى خبرات ولا شهادات ولا رأس مال كبير.

وتعتمد الشابة الثلاثينية في بيع منتجاتها من الملوخية المجففة على الطلبيات التي تصلها من التجار، والنساء ممن يفضّلن شراء المؤونة الجاهزة من المنازل، بدل الاعتماد على المواد المعلبة في الأسواق.

وقالت نجوى الكريم (31 عامًا)، وهي ممرضة تعمل في مستشفى “الشفاء” بمدينة سرمدا، شمالي إدلب، إنها تشتري المؤونة المصنعة يدويًا كل عام، وتفضّلها على الجاهزة المصنعة والمعلبة آليًا، لأن دوامها اليومي في المستشفى يمنعها من إيجاد الوقت الكافي للقيام بذلك بنفسها.

وأضافت الممرضة أن حفظ المؤونة كان وسيلة لتخفيف المصاريف الكثيرة خلال فصل الشتاء الطويل، لكن غلاء أسعارها هذا العام، يمنع البعض من الحصول على كميات تكفي عائلاتهم.

وارتفعت البطالة في إدلب بنسبة تتراوح بين 75 و80% بين السكان المحليين، بحسب أرقام حصلت عليها عنب بلدي من مكتب “منسقو استجابة سوريا”، باستثناء الذين يعملون بشكل يومي.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يعاني ما بين 75 و80% من العائلات في سوريا، باستمرار، من فجوة في الدخل والإنفاق لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وهذا يشكّل خطرًا أكبر في الاعتماد على آليات المواجهة السلبية، بما في ذلك الاقتصادات غير المشروعة، وعمالة الأطفال، والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة، ومخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة