“معركة ثورة لا نفوذ”.. ما مبررات طرفي الاقتتال شمالي سوريا

camera iconمقاتلون في "الجيش الوطني" خلال تدريبات عسكرية في أحد المعسكرات المركزية بريف حلب الشمالي– 2 من نيسان 2022 (عزم/تويتر)

tag icon ع ع ع

يستمر الاقتتال الداخلي بين فصائل تابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، مع تعزيزات عسكرية وصلت إلى الفصيلين من فصائل عسكرية أخرى على جبهات مختلفة.

بينما خلط تدخّل “هيئة تحرير الشام” أوراق التحالفات في المنطقة، وعزز وجود حلفين متصارعين هما “الفيلق الثالث”، و”فرقة الحمزة” (الحمزات) التي تؤازرها “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) إلى جانب “تحرير الشام”.

وبحسب معلومات متقاطعة لعنب بلدي، فإن عددًا من القتلى والجرحى من مقاتلي “الفيلق الثالث” وحلفائه سقطوا، إضافة إلى خسائر بالأرواح تكبدتها “فرقة الحمزة” وحلفاؤها إثر المواجهات في أرياف عفرين وجنديرس.

بينما حافظت جبهات القتال شرقي حلب على مناطق التوزع والسيطرة، تزامنًا مع قصف متبادل واشتباكات بين “الحمزات” المتمركزة في بزاعة ومحيطها، مدعومة من مجموعات في “أحرار الشام”، و”الفيلق الثالث” المنتشر بمحيط مدينة الباب.

وتسيطر فصائل “الجيش الوطني” على أرياف حلب الشمالية والشرقية، بشكل أساسي، بينما تسيطر “تحرير الشام” على محافظة إدلب ومحيطها.

ماذا يقول “الفيلق الثالث”

تواصلت عنب بلدي مع مدير المكتب الإعلامي لـ”الفيلق الثالث”، سراج الدين العمر، الذي قدم توضيحات حول العمليات العسكرية في المنطقة منذ بدايتها.

العمر قال إن مواقع “فرقة الحمزة” ومقارها في مدينة الباب لم تتعرض لأي هجوم من “الفيلق الثالث”، إنما هوجمت من قبل سكان مدينة الباب على خلفية مقتل الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم)، على يد مجموعة أمنية تابعة لـ”الحمزات” مكوّنة من خمسة أشخاص.

أحد قطاعات “الفيلق” تدخل في المنطقة كـ”قوات فصل” كان هدفها حماية المدنيين، بحسب سراج الدين عمر، وعندما انسحبت مجموعات “الحمزة” من المقار العسكرية في الباب، عمل “الفيلق” على تسليم جميع المقار العسكرية للمجلس المحلي في الباب، كونها مدارس بطبيعة الحال قبل تحويلها إلى مقار لـ”فرقة الحمزة”.

ومع مرور الوقت، وصلت تهديدات لـ”الفيلق الثالث” من جانب “تحرير الشام”، بشأن نيتها الدخول إلى مناطق شمالي حلب، بحسب العمر، وعلى خلاف المرات السابقة، تعامل “الفيلق” مع هذه التهديدات بـ”جدّية”، ونشر نقاطًا عسكرية على خط التماس مع “تحرير الشام” شمالي حلب.

وعقب ساعات، أعاد “الفيلق” سحب هذه النقاط بغية كسر حدة التوتر مع “فرقة الحمزة”، بحسب مدير المكتب الإعلامي لـ”الفيلق”، إلا أن “تحرير الشام” دخلت فعلًا من النقاط نفسها، وشنت هجومًا على مواقع عسكرية لـ”حركة التحرير والبناء”.

وأشار العمر إلى أن “التحرير والبناء” لم تؤازر “الفيلق”، إنما كانت بحالة دفاع عن النفس من هجوم مباغت شنته “تحرير الشام” على نقاطها.

وتزامنًا مع هذه الأحداث، عملت “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) على تهريب مقاتلين من “تحرير الشام” إلى منطقة شيخ الحديد غربي عفرين، وانطلقت منها عمليات عسكرية قادتها “الهيئة” باتجاه قرية معبطلي شمال غربي عفرين.

وبحسب العمر، فإن “الحمزات” بدورها شنت هجومًا واسعًا على عموم مواقع ومقار “الفيلق الثالث” شمالي حلب “دون سابق إنذار”، ولا تزال مستمرة حتى الآن خصوصًا في المنطقة الشرقية المحيطة بمدينة الباب.

توزع السيطرة في شمال غربي سوريا - 12 من تشرين الأول 2022 (Live map)

توزع السيطرة في شمال غربي سوريا- 12 من تشرين الأول 2022 (liveuamap.com)

ثلاث رسائل من عفرين

في خضم المعارك المحيطة بنواحي مدينة عفرين شمالي حلب، خرج عضو “المجلس الإسلامي”، والمتحدث الرسمي باسم “لجنة رد المظالم” التابعة لـ”الجيش الوطني”، وسام القسوم، المقرب من “الفيلق الثالث”، موجهًا ثلاث رسائل عبر تسجيل مصوّر.

وأوضح القسوم، خلال وجوده في مدينة عفرين مع قياديين في “الفيلق الثالث”، أن المعركة التي يخوضها “الفيلق” اليوم هي “معركة ثورة وليست معركة بسط نفوذ أو سيطرة”.

وفي أولى رسائله قال القسوم، موجهًا كلامه لفصائل “الجيش الوطني السوري”، إن “الدفاع عن الثورة شرف لا تحرموا أنفسكم منه”.

وجاءت ثاني رسائل القسوم إلى ما وصفه بـ”حلف العمشات والحمزات”، ممن تحالفوا مع “تحرير الشام” شمالي حلب، قائلًا إن “هذه الأرض سيدافع عنها أبناؤها بكل ما أوتوا من قوة”.

ودعا في الرسالة الثالثة “عقلاء هذه الفصائل” إلى ترك مجموعاتهم والالتزام بـ”مبادئ الثورة”.

ماذا تقول “تحرير الشام”

مع استمرار غياب التوضيحات الرسمية لـ”تحرير الشام” حول المواجهات الأخيرة، قال مصدر مسؤول في “تحرير الشام”، عبر مراسلة إلكترونية لعنب بلدي، إن توسع القتال بين فصائل ريف حلب باتجاه الباسوطة جنوبي عفرين، أظهر “غايات للتمدد باتجاه المناطق المتاخمة لمناطق إدلب”، وهذا ما لا تسمح به “الهيئة”، ما دفعها للتدخل.

وأضاف المصدر، الذي وافق على تقديم توضيحات حول الاقتتال بشرط عدم ذكر اسمه، أن معاقل طرفي القتال لا تبعد عن بعضها أكثر من بضعة كيلومترات بين مدينتي الباب وبزاعة، معتبرًا أن توسع القتال في محيط عفرين أنذر بمخاطر من وجهة نظر “الهيئة”.

وأشار إلى أن “الهيئة” تبارك محاسبة الخلايا الأمنية الضالعة بعملية قتل الناشط محمد عبد اللطيف (فتيل الاقتتال الأخير بسبب ضلوع مقاتلين من “فرقة الحمزة” في العملية)، وتوحيد المؤسسات وإنهاء حالة الفوضى شمالي حلب، بشرط أن “يرفع كل أحد يديه عن المجرمين القتلة الذين سنّوا سنّة الاغتيالات في ريف حلب الشمالي، وإلا عليه أن يلقى مصيرًا مشابهًا لمصير من آوى قتلة (أبو غنوم)”.

“أبو عمشة” يغرّد

دخول فصيل “العمشات” على خط القتال بريف عفرين أثار تساؤلات حول غرابة التحالف العسكري الذي شُكّل بين الفصيل و”الحمزات” و”تحرير الشام”، إذ لم تكن الأخيرة على وفاق مع حلفاء اليوم خلال السنوات الماضية.

دفع ذلك زعيم “العمشات”، محمد الجاسم (أبو عمشة)، إلى تقديم توضيحات حول الاقتتال بمجموعة من التغريدات عبر حسابه في “تويتر”، قائلًا إن “الحمزات” سلّم الخلية الضالعة باغتيال الناشط “أبو غنوم” للقضاء العسكري، مستنكرًا استمرار الهجوم على الفصيل من قبل “الفيلق الثالث”.

وأوضح أنه حاول التواصل مع قائد “الجبهة الشامية” المنضوية ضمن “الفيلق الثالث”، لـ”ضبط الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة”، لكنه قال إن هذه المجموعات من “الشامية” لا يمكنه ضبطها، ثم أغلق هاتفه.

واعتبر أن “(الفيلق الثالث) يستغل قضية الشهيد (أبو غنوم) لتنفيذ مآرب، مثل اغتنام السيارات والمقار والأسلحة وليس إحقاق الحق”، مشيرًا إلى وجود قضاء ووزارة دفاع يمكنها تولي قضية التحقيق والمحاسبة في هذا الشأن.

وردًا على منشورات “أبو عمشة”، نشر المتحدث باسم “لجنة رد المظالم”، وسام القسوم، عبر “تويتر”، نسخة من قرار “اللجنة” التي عُقدت منذ بضعة أشهر للبت في انتهاكات “أبو عمشة” وأفراد من أسرته بحق مدنيين من سكان مناطق شمالي حلب.

وأشار القسوم إلى أن “أبو عمشة” سبق وجرت إدانته بـ”قرار قضائي وثوري مع إخوته بجرائم متعددة لم يفعلها إلا النظام وأعوانه”، مستنكرًا حديث الأخير عن “حرمة الدماء والأعراض والأموال”.

دخلت المواجهات العسكرية بين الفصائل يومها الثالث على التوالي، وتصاعدت حدتها مع دخول “تحرير الشام” على خط المواجهات، مساء الثلاثاء.

أشعل فتيل الاقتتال ضلوع مقاتلين من “فرقة الحمزة” (الحمزات) بقتل الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) في مدينة الباب، وهو ما أدى إلى استنفار من “الفيلق الثالث”، الذي تشكّل “الجبهة الشامية” نواته، لتفكيك الفصيل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة