أهالي معرة النعمان: العودة مستحيلة إلى “حضن” آلة الموت

camera iconمخيمات "مشهد روحين" في إدلب (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – هدى الكليب

“لن أعود ونظام الأسد لا يزال قائمًا”، بهذه العبارة فسّرت السيدة الأربعينية رويدة الدودي سبب رفضها العودة إلى مدينتها معرة النعمان، بعد إعلان النظام استعداده لاستقبال العائدين إليها، و”تسوية” أوضاعهم السياسية والأمنية.

وكان فريق “الدفاع المدني السوري” رصد، نهاية 2019، آثار الدمار الحاصل في معرة النعمان، بعد تعرضها لقصف مكثف من الطيران الحربي الروسي والسوري.

وبدت المدينة خالية من سكانها بعد نزوح معظمهم، وتدمير المراكز الحيوية والبنى التحتية والأحياء السكنية، بحسب “الدفاع المدني”.

رويدة قالت لعنب بلدي، إنها تفضّل بقاءها في خيمتها التي لا تقي حر صيف أو برد شتاء، وتحمّل أشكال المعاناة وقلة الموارد، على الرضوخ لمطالب النظام والعودة إلى مناطق سيطرته، بعد ما رأوه من مجازر مروّعة ارتُكبت بحق سكان المدينة.

وتابعت متأثرة، “فقدتُ اثنين من أبنائي في القصف الذي طال أسواق المدينة، حين انهالت حمم المدافع والطائرات على رؤوس الأطفال والأبرياء. من ينسينا دماء أطفالنا، وكيف نجد الأمان في ظل آلة الموت والقهر”.

وأضافت أنه لم يعد يخفى على السوريين، وخصوصًا النازحين منهم، الادعاءات الكاذبة للنظام وراء رغبته بإعادة الأهالي رغم كل وعوده وتطميناته.

اعتبرت رويدة أن النظام يدبّر المكايد من وراء حملات العودة، مشيرة إلى أن ما حصل في درعا حين أعلن عن “مصالحة”، وأعقبها باغتيالات لعدد من القياديين واعتقال كثير من أهالي المحافظة، دليل على منهجية الاستدراج التي يسير عليها.

وأكدت أن النازحين في محيطها ليسوا على استعداد لإعادة تلك التجربة مع النظام، والمخاطرة بحياتهم وحياة أبنائهم.

عودة نحو “المجهول”

التقت عنب بلدي العديد من أهالي معرة النعمان النازحين في المخيمات التي لجؤوا إليها، مثل “دير حسان”، و”مشهد روحين”، و”أطمة”، و”قاح”، وجميعهم أبدوا قناعة بعدم العودة، وأن العودة تحمل في طياتها المجهول.

في 15 من تشرين الأول الحالي، بثت قنوات موالية للنظام السوري مشاهد من داخل مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وظهرت بعض العوائل من أهالي المدينة ضمن مركز الاستقبال الذي افتتحه النظام لعودة الأهالي إليها، زاعمة بدء العودة إلى المدينة، وتأمين الخدمات الأساسية لها.

تتمتع معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي بموقعها الاستراتيجي على الطريق الدولي دمشق- حلب (5M)، وتبعد عن دمشق نحو 300 كيلومتر، وعن حلب نحو 80 كيلومترًا، وعن حماة نحو 60 كيلومترًا.

تقع المدينة تحت سيطرة النظام منذ حوالي ثلاث سنوات، وبعد تعرض بيوتها ومرافقها للسرقة و”التعفيش”، سُمح للأشخاص والعوائل التي كانت تقيم ضمن مناطق سيطرته خارج المدينة بدخولها.

وكان يقطن المدينة بين 85 و100 ألف شخص قبل إعلان النظام السيطرة عليها وتدميرها، مطلع عام 2020.

وفي كانون الأول 2019، وصف مدير قطاع “الدفاع المدني” في إدلب، مصطفى حاج يوسف، لعنب بلدي، الوضع في معرة النعمان بأنه “كارثي”، وأن سكان المدينة البالغ عددهم أكثر من 100 ألف نسمة “معظمهم أصبحوا نازحين”.

واعتبر معارضون وناشطون سياسيون خطوة النظام بالسماح بعودة السكان النازحين من معرة النعمان إلى مدينتهم بأنها “مسرحية هزلية“، يحاول النظام عبرها تحسين صورته أمام المجتمع الدولي، ليكسب الدعم المالي لإعادة الإعمار.

وكان النظام افتتح مركز “تسويات” لسكان محافظة إدلب، مطلع أيلول الماضي، في مدينة خان شيخون المدمرة بريف إدلب الجنوبي، لكن هذه المحاولة لم تنجح بإقناع المهجرين بالعودة.

لا ثقة بالنظام ومصالحاته

لا نية للنازح علاء البجري (37 عامًا) بالعودة إلى ما سماه “حضن النظام” بعد أن شوّه النظام المدينة، وحوّلها إلى أطلال شاهدة على الدمار الذي لحق بها، بعد استهدافها المستمر بالطائرات والراجمات.

وأكد أنه لا يثق بالنظام السوري، الذي راوغ والتف بمصالحاته السابقة، ليعيد مكانته في الأوساط الدولية، وينتقم من معارضيه بحجة المصالحات المزعومة.

قابل فهد الخديجة (55 عامًا)، النازح من معرة النعمان، دعوات النظام الأخيرة لعودة السكان إلى منازلهم بالسخرية، وقال إن الفكرة أشبه بالانتحار.

ولفت إلى أن المدينة لا تعدو كونها مدينة أشباح، لا مقومات للعيش فيها، إذ تحولت أحياؤها إلى أكوام من الحجارة، جراء القصف الذي استهدفها على مدى السنوات الماضية.

ووصف فهد مزاعم من ادعى العودة إلى مناطق سيطرة النظام، بأنها مجرد مسرحية.

الناشط المدني إبراهيم التناري (44 عامًا)، وهو من أهالي معرة النعمان، قال لعنب بلدي، إن “النظام منذ إعلانه السماح بعودة الأهالي، لم تُرصد عودة أي أسرة إلى المدينة”.

واستبعد أن تلقى عروض النظام أي تجاوب من النازحين الآن أو بعد حين.

وأكد عدم ثقة الأهالي بالنظام الذي قتل واعتقل ودمر وشرد، وسلبهم أمنهم، قاطعًا بذلك الطريق أمام عودة فعلية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة