حكومات توزع مازوت الشتاء في سوريا.. مناطق تنتظر المنظمات

شاحنة لتوزيع المازوت في محافظة الحسكة (ARTA)

camera iconشاحنة لتوزيع المازوت في محافظة الحسكة (ARTA)

tag icon ع ع ع

بدأت الإدارات والحكومات بمختلف مناطق السيطرة في سوريا، بتوزيع مخصصات مادة المازوت لموسم الشتاء المقبل، مع اختلاف أسعارها وكمياتها، حسب قرارات إدارة كل منطقة في توزيعها.

وتزامنت عملية التوزيع مع ارتفاع الأسعار في السوق السوداء للمادة، وحلول الشتاء، إذ يخشى السوريون تكرار معاناة خبروها في سنوات الحرب والتهجير.

وتوقعت الأمم المتحدة أن تشهد سوريا واحدًا من أقسى فصول الشتاء هذا العام، بسبب نقص الوقود والطاقة، وتدهور الوضع الاقتصادي.

وقال المتحدث الرسمي لدى الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن نحو ستة ملايين سوري سيحتاجون إلى مساعدة إنسانية للتصدي لظروف الشتاء القاسية، بزيادة قدرها 33% مقارنة بالعام الماضي.

وترتفع أسعار المواد النفطية باستمرار منذ بداية النزاع في سوريا، كما يشهد هذا العام ارتفاع أسعار النفط الخام على مستوى عالمي، بعد قرار مجموعة “أوبك+” خفض الإنتاج في تشرين الأول الماضي.

مناطق نفوذ النظام السوري

يسيطر النظام السوري على العاصمة دمشق ومركز محافظة حلب، والشريط الساحلي والمنطقة الوسطى والجنوبية، وأجزاء من الشرق بما فيه مركز دير الزور.

وبات النظام عاجزًا عن تأمين المحروقات الكافية للسوق في المناطق التي يديرها، مع خروج أغلبية آبار النفط السوري عن سيطرته منذ سنوات، ما اضطره لاستيراد المادة من الدول “الصديقة” مثل إيران، أو شراء النفط السوري من “الإدارة الذاتية”، الجهة المسيطرة على الآبار في شمال شرقي سوريا.

وأعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية السورية سابقًا، عبر صفحتها في “فيس بوك“، البدء بالتسجيل على مازوت التدفئة للموسم الحالي اعتبارًا من 14 من أيلول الماضي، وذكرت أن الكمية ستكون خلال الدفعة الأولى 50 ليترًا للعائلة الواحدة.

وأضافت الوزارة في منشورها أن أولوية التنفيذ بعد التسجيل ستكون تبعًا لأقدم عملية شراء سابقة للمشتري، دون توضيح الكمية المستحقة للعائلة هذا العام.

وأقرت حكومة النظام، العام الماضي، 200 ليتر للعائلة، رغم تسلّم معظم الأهالي الدفعة الأولى فقط، وهي 50 ليترًا، وتعتبر غير كافية، الأمر الذي دفع الأهالي لشراء حاجتهم من المازوت من السوق السوداء، بسعر مرتفع تضاف إليه تكاليف أخرى كالنقل.

وأِشارت بوابة الحكومة الإلكترونية السورية إلى أن سعر ليتر المازوت “المدعوم” 186 ليرة سورية (سعر الليتر 180 وست ليرات أجور ضخ)، وأن أولوية التوزيع ستكون للمناطق الأكثر برودة.

لم تلتزم حكومة النظام بتوزيع المشتقات النفطية وفق “البطاقة الذكية” بالسعر “المدعوم”، رغم مضي أكثر من شهرين على التسجيل على مادة المازوت وثلاثة أشهر على الغاز المنزلي، ما رفع من أسعار المحروقات في السوق السوداء مع حلول فصل الشتاء.

ويبدأ سعر ليتر المازوت “غير المدعوم” في سوريا من 2500 ليرة سورية بحسب الأسعار الرسمية، إلا أنه يتراوح بين 5000 و8000 ليرة في السوق السوداء، ما يجعل تأمين المازوت مكلفًا جدًا في الأيام الحالية على معظم السكان في مناطق سيطرة النظام.

ولم تتحسن واردات المشتقات النفطية إلى المحافظات رغم الوعود من جهات مسؤولة، ولم تُحدث انفراجات في أزمة النفط على صعيد القطاعات الأخرى، كما لم يلحظ المقيمون في مناطق سيطرة النظام أي تحسن بوجود البنزين والمازوت، أو انخفاض أسعار المحروقات في السوق السوداء، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية”

اتبعت “الإدارة الذاتية” صاحبة النفوذ في شمال شرقي سوريا، المدعومة من الولايات المتحدة، نهج العام الماضي في عملية توزيع المازوت.

وذكر المجلس التنفيذي التابع لـ”الإدارة”، عبر موقعه الرسمي، أن لجنة محروقات المنطقة الوسطى بدير الزور، بالتنسيق مع مديرية المحروقات العامة في المدينة، باشرت بتوزيع مازوت التدفئة على الأهالي.

وأشار، في 21 من آب الماضي، إلى أن كمية المخصصات ستكون 300 ليتر للعائلة الواحدة، وبسعر 150 ليرة سورية لليتر الواحد، ويشمل القرار كل المناطق التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، وبدأت بتوزيع المازوت في منتصف آب الماضي على بعض العائلات في أحياء القامشلي.

وفي العام الماضي، خصّصت “الإدارة” 440 ليترًا للعائلة الواحدة من مادة المازوت، بسعر 80 ليرة سورية لليتر الواحد.

ويشتكي سكان مناطق شمال شرقي سوريا من مساوئ مادة المازوت الموزعة، كرداءة الجودة وصعوبة الاشتعال وإصداره روائح خلال الاشتعال، ما يجبر البعض على شراء كميات أخرى أفضل جودة وخلطها بها.

وتزيد أعباء التكاليف، حيث يبدأ سعر ليتر المازوت الواحد في السوق الحرة بـ1200 ليرة سورية، بحسب ما نقلته وكالة “نورث برس” الشهر الماضي.

وتعامل “الإدارة الذاتية” مدينة دير الزور بطريقة مختلفة عن بقية مناطق نفوذها، إذ احتج سكان المدينة على تأخر تسلّم مستحقاتهم، وتخفيض توزيع المواد النفطية في سوق المدينة.

وتدعم الولايات المتحدة الأمريكية “الإدارة” لوجستيًا وإداريًا، واتهم النظام السوري البيت الأبيض بسرقته النفط السوري وتهريبه عبر العراق، بحسب ما تنشره وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

مناطق نفوذ المعارضة

لا تُوزّع أي مخصصات من مادة المازوت في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، سواء في مناطق سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة” المدعومة من تركيا، والتي تسيطر على ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تل أبيض ورأس العين شمال شرقي سوريا، أو مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” التي تسيطر على محافظة إدلب وريف حلب الغربي وأجزاء من ريفي اللاذقية وحماة.

وتضخ “الحكومة المؤقتة” احتياج السوق من المحروقات في مناطقها عن طريق شرائها من “الإدارة الذاتية”، ويتم إدخالها عن طريق المعابر المشتركة بينهما، فيما تستورد حكومة “الإنقاذ” المحروقات الأوروبية عبر تركيا لسد احتياجات مناطقها.

ولم تُوجِد المعارضة السورية آلية أو نظامًا لتأمين المازوت المدعوم لفصل الشتاء لتوزيعه كما كان عليه السوريون في عهد نظام الأسد.

فيما اعتاد سكان المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة تسلّم مازوت التدفئة من جمعيات أو مؤسسات إغاثية، إذ تعمل هذه المؤسسات أو الجمعيات على حملات دعم لمشاريع توزيع المازوت، أو أي مواد أخرى للتدفئة.

ولا يعني هذا وصول المادة إلى جميع الأهالي، فهذا يعود على الموزعين وأي فئة يستهدفون والكمية الموجودة، علمًا أن أسعار المحروقات في المناطق التابعة للمعارضة ترتفع في مواسم الطلب على المادة.

ورصد مراسل عنب بلدي سعر ليتر المازوت الأوروبي اليوم، الثلاثاء 15 من تشرين الثاني، وبلغ 0.97 دولار، ما يعادل 2924 ليرة سورية، في ريف حلب، بينما في إدلب وصل سعر ليتر المازوت إلى 1.078 دولار، ما يعادل 3250 ليرة سورية.

دخل لا يتناسب مع تكاليف المعيشة

يعاني من 75 إلى 80% من العائلات في سوريا الإنفاق الذي لا يتوافق مع الدخل لتلبية الاحتياجات الأساسية، وبحسب أرقام الأمم المتحدة.

وتعتمد 85% من العائلات في الشمال السوري لتأمين دخلها المادي على الأجور اليومية، وتعاني 94% من العائلات في مجمل سوريا عدم القدرة الشرائية.

ومن إجمالي عدد السكان البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة في الشمال، يقدّر أن حوالي 2.7 مليون نازح يعتبرون أشخاصًا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، بحسب تقارير مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR).

شكّلت مادة المازوت لسنوات طويلة وسيلة أساسية للتدفئة لدى السوريين، واعتادت العائلات في سوريا قبل قدوم لفصل الشتاء تخزين المازوت في خزانات بيوتهم لتُستخدم في تدفئة منازلهم، لكن آثار الحرب خلقت أزمة في تأمين احتياجاتهم من المادة على مرور سنوات طويلة.

اقرأ أيضًا: “كراتين” الدعم لا تسد رمق الشمال




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة