درعا.. قلة المياه تجبر مزارعين على اقتلاع الرمان وبيعه حطبًا

camera iconمحصول رمان تأثر بموجة الجفاف في ريف درعا الغربي_ 25 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

مع اقتراب نهاية جني محصول الرمان في ريف درعا، بدأ بعض المزارعين ممن لم يتمكنوا من سقاية محاصيلهم بقص أشجار الرمان واقتلاعها، واستبدال أشجار الزيتون بها، إذ يعتبر أكثر تحملًا للعطش مقارنة بالرمان.

هذه الخطوة تأتي تماشيًا مع الواقع الحالي في شح مياه الري، إثر جفاف معظم الينابيع في درعا، وتراجع منسوب الآبار، إلى جانب التكلفة المالية المترتبة على سقاية المحاصيل بسبب غلاء المحروقات، والزيوت، وقطع تبديل المحركات لآبار الري.

العطش بوابة لـ”التحطيب”

لم يتمكن ماهر (30 عامًا) من سقاية أشجار الرمان لديه بالكامل، في ريف درعا الغربي، وذلك بعد جفاف البئر التي كان يعتمد عليها لسقاية حقله، كما جفت العديد من الينابيع والآبار مؤخرًا في الفوار والمزيريب وزيزون.

ومنح ماهر حقل الرمان بعد جني المحصول لتاجر حطب تكفّل بقصه وتقطيعه وبيعه، إذ يبلغ سعر كل طن من حطب الرمان مليون ليرة سورية، وهو حطب سريع الاشتعال ومناسب للمدافئ، وفق ما ذكره لعنب بلدي.

وأعرب الرجل عن حزنه لقص الأشجار، كونها مصدر رزقه الوحيد، وتمتد على مساحة 14 دونمًا، لكن قلة مياه الري دفعته لاتخاذ هذا القرار.

وبعد الرمان، قرر ماهر زراعة حقله بأشجار الزيتون، كونها أكثر تكيفًا مع العطش، ولا تحتاج إلى الري أكثر مرتين خلال فصل الصيف، في الوقت الذي يتطلب به شجر الرمان الري والسقاية لأكثر من عشر مرات خلال الموسم، والتأخير في موعد الري يعني بالضرورة تأثيرًا سلبيًا على جودة الثمار من جهة، وعمر الأشجار من جهة أخرى.

وإذا كانت أسعار الحطب مناسبة من وجهة نظر البائعين، فإن مستهلكي المادة لا يبدون ترحيبًا بتلك الأسعار، إذ قالت نعمة (30 عامًا) من سكان ريف درعا، إن التجار تحكموا بسعر الحطب، وإن ثمن الطن الواحد من حطب الرمان يبلغ مليون ليرة سورية، والطن من حطب الزيتون بمليون و200 ألف.

السيدة أوضحت لعنب بلدي أنها تجمع أغصانًا ناعمة من شجر الرمان وتخزنها لفصل الشتاء، بسبب عدم قدرتها على شراء الحطب للتدفئة.

ويدفع ارتفاع أسعار المحروقات في سوريا، وصعوبة الحصول عليها، الأهالي للبحث عن خيارات بديلة وحلول مبتكرة للتعامل مع فصل الشتاء، والحطب جزء من هذه البدائل.

ووصل سعر ليتر المازوت في السوق المحلية “السوداء” إلى ستة آلاف و500 ليرة سورية، بينما يبلغ سعر الليتر من المازوت “المدعوم” 500 ليرة سورية.

وكانت حكومة النظام خصصت، في 2021، كمية 200 ليتر مازوت للتدفئة لكل عائلة على أربع دفعات خلال الشتاء، لكن نسبة توزيع الدفعة الثانية لم تتجاوز 30%، وفق تصريحات حكومية.

ساعة المياه بـ20 ألفًا

جابر (45 عامًا)، مزارع يمتلك حقلين من الرمان، اقتلع بعض أشجارهما وقصها لاستخدامها كحطب، محتفظًا بالقسم الآخر، قال لعنب بلدي، إنه ومع استمرار الوضع على ما هو عليه من جفاف خلال السنوات المقبلة، فإن مساحات أخرى من حقول الرمان ستخرج من حسابات المزارعين.

وأضاف الرجل أن تكلفة ساعة مياه الري من بعض الآبار يمكن أن تصل إلى 20 ألف ليرة سورية.

وبلغ سعر الدولار الأمريكي الواحد نحو 5200 ليرة سورية، وقت إعداد هذه المادة.

وربط جابر ارتفاع تكلفة الرمان بغلاء الأسمدة والأدوية الزراعية، وأجور الأيدي العاملة، مشيرًا إلى ضيق هامش الربح بالنظر إلى هذه التكاليف.

يبيع المزارع جابر إنتاجه من الرمان للتجار الذين يخزنونه في برادات ووحدات تبريد، لكنه اضطر هذا الموسم لبيع الإنتاج لسوق “الهال” (سوق المنتجات الزراعية) بسعر منخفض، كما أن نسبة جيدة من الرمان تشققت بسبب نقص المياه.

ويتراوح سعر كيلوغرام واحد من الرمان ضمن السوق المحلية ما بين ألفين و400 ليرة سورية، من الصنف الفرنسي الممتاز، وألف و700 ليرة للأصناف الأقل جودة.

ويُباع الرمان الذي تعرض للعطش ولم تنضج ثماره بشكل جيد للسوق المحلية بسعر 900 ليرة للكيلوغرام، بينما يُباع الرمان المتشقق للعصر بسعر 200 ليرة للكيلوغرام.

وذكر مهندس زراعي مقيم في درعا، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لعنب بلدي، أن قلة مياه الري تؤدي لإضعاف الأشجار وتشقق الثمار، فعطش المحصول يسبب ضمورًا في الثمرة، ما يجعلها غير صالحة للتخزين ضمن برادات.

وقدّرت مديرية الزراعة في درعا إنتاج الموسم الحالي من الرمان بنحو 15 ألفًا و250 طنًا، كما تبلغ المساحة المزروعة بالرمان ألفًا و21 هكتارًا، تضم 445 ألف شجرة في مرحلة الإنتاج.

ويتراوح إنتاج الشجرة بين 30 و40 كيلوغرامًا، وفق ما ذكره رئيس دائرة الإنتاج النباتي في ، وائل الأحمد، للوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) في 20 من تموز الماضي.مديرية زراعة درعا

مخاوف من تصحر الريف الغربي

شهدت عدة ينابيع في ريف درعا انحسارًا في المياه وصل إلى مرحلة الجفاف في بحيرات المزيريب، وزيزون، وعيون العبد، غربي درعا، وكذلك تراجع منسوب مياه عيون الساخنة، والصافوقية، والأشعري.

ويأتي ذلك بعدما كان الفائض من هذه الينابيع يُستخدم لمياه الري، في حين لم تعد تلبي حاجة السكان بمياه الشرب.

وإلى جانب الينابيع، شمل الجفاف بعض الآبار السطحية، ما سبب سرعة جفاف الينابيع والبحيرات.

وفي الوضع الطبيعي، يعتمد المزارعون على فائض المياه من الينابيع، لكن تراجعها دفعهم للجوء إلى مياه الآبار التي جف كثير منها منذ الصيف الماضي، بالإضافة إلى تراجع منسوب بعضها الآخر، في بلدات تل شهاب وزيزون والعجمي.

وفي تموز 2020، أرجع مدير الموارد المائية بدرعا، منير العودة، جفاف بحيرة “المزيريب” إلى وجود أكثر من 100 بئر في الحرَم المائي للبحيرة، وفق ما نقلته “سانا” حينها.

وقدّر العودة عدد الآبار المخالفة في محافظة درعا بحوالي أربعة آلاف بئر، أسهمت في جفاف 13 نبعًا بالمحافظة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة