المطاعم السورية في تركيا.. أجور التوصيل لا ترضي المشتري

عامل توصيل طلبات يركب دراجته النارية لتوصيل طلبات الزبائن_ 29 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

camera iconعامل توصيل طلبات يركب دراجته النارية لتوصيل طلبات الزبائن- 29 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تفرض بيئة العمل على السوريين في تركيا التعامل مع مطاعم توفر لهم وجبة الغداء، التي يحين موعدها في منتصف وقت الدوام اليومي، أيًا كان عدد ساعات العمل، التي لا تقل بأفضل الظروف عن تسع ساعات ونصف.

وأمام الاختبار اليومي لتحديد المطعم والوجبة، يجد السوري نفسه بين خيارين، الطلب من مطعم تركي أو سوري، لكن ومع تفضيل البعض الأطعمة السورية، تخرج فكرة أجرة التوصيل لدى هذه المطاعم كعامل منغص عند الطلب، على خلاف المطاعم التركية، التي لا تتقاضى بمعظمها أجرة لقاء توصيل الطلب إلى المنزل أو مكان العمل.

دفع أكثر

نور الدين شاب سوري يعمل ضمن مؤسسة في اسطنبول، أوضح لعنب بلدي أنه يطلب الطعام من المطاعم السورية لمرة أو مرتين في الأسبوع، مبيّنًا أن الطلب يكون مشتركًا مع مجموعة من الزملاء يتقاسمون أجور التوصيل فيما بينهم.

واعتبر الشاب مطالبة المطعم بأجرة توصيل خيارًا جيدًا عند مقارنته برفع سعر الوجبة “بحجة التوصيل”، ما يتيح الحصول على الوجبة بسعر طبيعي عند الشراء من منفذ البيع (المطعم نفسه).

وبالنظر إلى تطبيقات الطعام التي تتعامل معها المطاعم، مثل “يميك سيبيتي”، غالبًا ما يكون سعر الوجبة عبر التطبيق أغلى مما هو عليه عند الحصول عليها من المطعم نفسه، على اعتبار أن التطبيق يفرض أجرة توصيل يتقاضاها من المشتري.

“المطاعم السورية تستغل أحيانًا رغبة المشتري بالطلب منها، فتفرض أجرة توصيل كبيرة، خاصة إذا كان المكان بعيدًا نسبيًا، لكنني أفضّل المطاعم التي لا تتقاضى أجور توصيل للوجبات”، أضاف نور الدين.

بعزف الشاب في مرات كثيرة عن الطلب، حين لا يكون عدد الراغبين بشراء الطعام من رفاقه كبيرًا، في سبيل تقاسم أجور التوصيل، التي يمكن أن تصل إلى 30% من قيمة الوجبة، إذا انخفض عدد المشتركين في الطلب.

توصيل طلبات

شاب يتجهز للانطلاق على دراجته النارية لتوصيل طلبات الزبائن- 29 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

أفضل المتاح

على الجانب الآخر من القضية، أجاب مدير مطعم عن أسئلة عنب بلدي، بأن توصيل الطلب مشكلة معقدة غير مريحة لطرفي الطلب (البائع والمشتري).

وأضاف لعنب بلدي أن التوصيل كان يقوم على امتلاك المطعم دراجة نارية يعمل عليها موظف، لكن بالنظر إلى المشكلات المرافقة، من أعطال في الدراجة، أو مخالفة مرورية للسائق، تحوّلت المطاعم لتوظيف عمال توصيل يمتلكون دراجاتهم الخاصة، لكن العمال لا يفضّلون توصيل الطلبات البعيدة، خوفًا من إجهاد الدراجة.

المطعم أشار أيضًا إلى استغناء مطاعم تركية عن أجرة التوصيل، مقابل رفع سعر الوجبة خارج المطعم، ما يعني إضافة تكلفة التوصيل إلى ثمن الوجبة، وهي خطوة تدر ربحًا أكبر للمطعم، على اعتبار أن أجرة توصيل الطلب يمكن استبدالها بأضعافها عبر رفع ثمن الوجبة، ما يشكّل أجرة توصيل لكل وجبة على حدة.

وتتراوح الأجور التي تفرضها تطبيقات الطعام على المطاعم بين 25 و37% من قيمة الوجبة، ما يعني أن التعامل مع التطبيق سيفرض رفع أسعار الوجبات، وطالما أن المطعم وضع الأسعار بداية للراغبين بالشراء منه مباشرة، فكل التكاليف الإضافية تشكّل خسارة.

معيبة

عملية توصيل الطلب، على بساطتها، تنخرط فيها عدة أطراف، من المطعم، وعامل التوصيل، وصاحب الطلب نفسه، وجميعهم لا يحبذون الفكرة كما يبدو.

محمد الحمصي، عامل توصيل طلبات في أحد المطاعم السورية على دراجته الخاصة، اعتبر وجود أجرة لتوصيل الطلب مسألة معيبة بحق المطعم، ومزعجة للزبائن، مبينًا أن أجرة التوصيل تعود كليًا للمطعم، ولا نصيب لعامل “الديليفري” فيها.

كما أنها أوقفت “التيبس” أو “البراني” في إشارة إلى ما يتركه صاحب الطلب لعامل التوصيل كمكافأة.

وفي الوقت نفسه، يتحمل عامل التوصيل تكلفة المحروقات وأضرار دراجته، ما يجعله ميّالًا للتهرب من الطلبات البعيدة.

ويمكن لصاحب المطعم جمع المعاش الشهري لعامل التوصيل من أجور توصيل الطلبات، إذ يمكن أن تتخطى أجرة التوصيل للمسافات البعيدة قيمة الطلب نفسه، وفق ما بيّنه محمد، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن ظهور فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) عزز فكرة توصيل الطلبات، ومنحها سوقها.

عبد الودود، عامل توصيل في مطعم آخر، لكن بنظام مختلف للتعامل مع أجور التوصيل، أوضح أن تكلفة توصيل الطلب تُقاس بالمسافة (من عشر إلى 12 ليرة على كل كيلومتر)، ويتقاسم المطعم هذه الأجرة مع عامل التوصيل إذا تخطّت مسافة توصيل الطلب خمسة كيلومترات.

وحول أهمية امتلاك عامل التوصيل دراجته الخاصة، لفت عبد الودود إلى أن ذلك يعفي صاحب الدراجة من مهام إضافية قد يفرضها صاحب العمل، فلو كانت الدراجة للمطعم سيبحث صاحب المطعم عن أي مهمة لإشغال العامل بها في وقت فراغه، لكن امتلاك الدراجة الخاصة يعني أن العامل يعمل لحسابه الشخصي، كما يعزز ذلك فرص إيجاد بدائل في سوق العمل.

اسطنبول

شاب يضع بعض الطلبات (Order) في صندوق الدراجة النارية لتوصيلها- آب 2021 (عنب بلدي)

ألغت “التيبس”

وتأتي أجور التوصيل لدى المطاعم السورية كـ”رشة بهار” تضاف إلى ثمن الوجبة المرتفع أصلًا، في ظل ظروف اقتصادية خفّضت قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي (18.6 ليرة تساوي دولارًا واحدًا حتى إعداد المادة).

ترافق ذلك بموجة غلاء أسعار لا تتماشى مع مستوى الأجور التي يبلغ حدّها الأدنى 5500 ليرة تركية، وفق ما أعلنه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مطلع تموز الماضي، على أن يصدر حد أدنى جديد لأجور العاملين نهاية العام الحالي.

ويتفق عبد الودود مع محمد في تأكيد غياب “التبيس” مع ارتفاع أجور التوصيل، إذ يشعر الزبون بالاستغلال، مع عدم إمكانية إلغاء أجور التوصيل، رغم عدم وجود هذه “العادة” لدى المطاعم التركية.

كما أشار العاملان أيضًا إلى اتجاه المطعم لتأمين معاش عامل التوصيل من توصيل الطلبات نفسها.

ورغم ارتفاع أسعار الوجبات، ووجود أجور توصيل مرتفعة أيضًا لدى المطاعم السورية، فإن أجرة العاملين في هذه المطاعم أقل مما يتقاضاه العاملون في مطاعم تركية، وفق رأي عبد الودود.

وبلغ عدد السوريين في تركيا المسجلين ضمن “الحماية المؤقتة” ثلاثة ملايين و530 ألفًا و57 لاجئًا سوريًا، بحسب إحصائية إدارة الهجرة التركية، في 24 من تشرين الثاني الماضي.

وينخرط بعضهم في بيئات عمل تركية خالصة، كالمعامل والشركات والمصانع التي تتولى توفير وجبة الغداء للعامل خلال أيام العمل، والتي تأتي ضمن معايير معيّنة أساسها بعض التنوع.

إلى جانب ذلك، فإن كثيرًا من مؤسسات العمل السورية تزيح عن كاهلها مسألة طعام العاملين لديها، تاركة الأمر بيد الموظف والعامل نفسه.

وفي 5 من أيلول الماضي، نشرت وكالة تخطيط اسطنبول (İPA) في بلدية اسطنبول الكبرى (İBB)، تقريرًا أوضحت فيه زيادة تكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من أربعة أفراد في مدينة اسطنبول، إذ بلغ متوسط التكلفة نحو 23 ألفًا و586 ليرة شهريًا، ما يجعل الطعام في العمل وأجور توصيله همًا آخر يعوق العامل في طريق تأمين التزاماته المادية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة