ضباط سوريون يبحثون عن التسريح من الجيش.. العقوبة مصيرهم

جنود بقوات جيش النظام النظامي بالقرب من مدينة منبج شرقي حلب (AFP)

camera iconجنود في قوات النظام النظامي بالقرب من مدينة منبج شرقي حلب (AFP)

tag icon ع ع ع

انتقلت عدوى الاستقالة من الوظائف الحكومية في سوريا إلى قطاع الجيش، إذ بدأ ضباط من أصحاب الرتب الصغيرة بتقديم طلبات التسريح من عملهم لعدم قدرتهم على تحصيل مكاسب أو حقوق، نتيجة الفساد المستشري في القطعات، واقتصار مردودهم المالي على رواتب لا تغطي نفقات عملهم.

وأفقد تدهور الوضع المعيشي في مناطق سيطرة النظام، وارتفاع سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، رواتب وأجور الموظفين والعاملين في حكومة النظام قيمتها، إذ يبلغ متوسط الرواتب ما لا يزيد على 150 ألف ليرة سورية (22 دولارًا)، بحسب موقع “Salary Explorer” المختص برصد أجور العمال والموظفين حول العالم.

ولم يخفِ الإعلام الرسمي ظاهرة نزيف موظفي القطاع العام، وتحدث عن استقالة العاملين في مختلف القطاعات بسبب تدني الرواتب والأجور.

مساعد مجند في فرع التنظيم بقيادة “الفرقة السابعة” في الجيش قال لعنب بلدي، إن 72 طلبًا للتسريح قُدمت من الضباط أصحاب الرتب الصغيرة، ما بين ملازم أول ورائد لفرع التنظيم في “الفرقة”.

وقوبلت جميع الطلبات بالرفض وفرض عقوبة سجن عشرة أيام إدارية، سُجلت لكل ضابط تقدم بطلب تسريح.

وأضاف المساعد أن طلبات التسريح لم تُرسل إلى “إدارة القوى البشرية” للبحث فيها، إنما رُفضت من قبل قائد “الفرقة” مباشرة، علمًا أن أي تغيير لم يطرأ على حال هؤلاء الضباط، إذ لا تزال رواتبهم الشهرية لا تكفيهم أجورًا للمواصلات وثمن الطعام اليومي.

وأشار إلى أن الرتب العسكرية الصغيرة تُحرم من حصص الفساد في المؤسسة العسكرية، فمخصصات المازوت والبنزين والطعام التي تُسرق من “الفرقة” تُقسم بين الضباط القادة ورؤساء الأقسام من رتب عسكرية تبدأ بالعقيد ومن يعلوه.

وتبلغ رواتب الضباط برتبة رائد أو أقل في صفوف الجيش حوالي 200 ألف ليرة سورية.

أعمال حرة خلال الإجازات

يضطر الضباط من أصحاب الرتب الصغيرة للعمل خلال فترة الإجازة كعمال مقابل أجور يومية لمحاولة الصمود في وجه الوضع المعيشي المتهاوي في مناطق سيطرة النظام.

ملازم أول من ملاك “الفرقة 18” قال لعنب بلدي، إنه يعمل في محل لبيع لحم الدجاج (مسلخ) خلال فترة إجازته، في محاولة لتأمين المال اللازم لتغطية نفقاته المعيشية.

وأضاف أنه وزملاءه أيضًا يضطرون للعمل في الأعمال الحرة كعمال تحميل في سوق “الهال” أو في معامل البناء (مكبس) في فترات الإجازة.

وتعتبر أكبر مشكلاتهم اليوم، أنهم لا يستطيعون ترك وظائفهم من دون الموافقة على أمر تسريحهم، وفي حال امتنعوا عن مراجعة القطعات العسكرية سيتعرضون للملاحقة من قبل “الأمن العسكري” و”الشرطة العسكرية”، إذ تمنعهم القوانين من التسريح قبل الخدمة لمدة 15 سنة على الأقل والوصول إلى رتبة “مقدم” في الجيش.

وأوضح الملازم أنه في حالة التوقف عن مزاولة العمل دون الموافقة على طلب التسريح، يعتبر الضابط بحكم “المنشق عن الجيش”، وتترتب عليه ملاحقة أمنية تحت هذه التهمة.

انخفاض في عدد الملتحقين

يعاني جيش النظام قلة في عدد المجندين الملتحقين في صفوفه، إذ انخفض عدد الملتحقين إلى مستويات قياسية، بحسب مصادر مطلعة على أرقام التجنيد قابلتهم عنب بلدي.

مصدر مطلع في قيادة الأركان لديه وصول إلى أرقام الملتحقين بالمؤسسة العسكرية قال لعنب بلدي، إن عدد الملتحقين من صف الضباط خلال عام 2022 حوالي 1500 شخص فقط، فيما كان في العام الماضي حوالي 11 ألف ملتحق.

وأرجع المصدر قلة عدد الملتحقين إلى عدم تحديد مدة الخدمة العسكرية وعدم القدرة على تغطية نفقات الخدمة العسكرية، فالمجند الملتحق حديثًا يحصل على 17 ألف ليرة (دولاران ونصف) كراتب خلال مدة الخدمة الإلزامية البالغة سنة ونصفًا، وهي لا تكفي أجور سفر لمرة واحدة بين المحافظات.

منير، مجند لمصلحة قيادة “الفيلق الثالث” قال لعنب بلدي، إن أغلب الملتحقين في الوقت الحالي ممن يسرّحون وفق القوانين بعد انتهاء الخدمة الإلزامية (سنة ونصف) إما أن يكونوا معيلين، أو حاصلين على نسبة عجز 30% تخولهم التسريح ولا يدخلون بالاحتفاظ.

أزمة محروقات تنعكس على المؤسسة العسكرية

وكانت وزارة الدفاع عمّمت على وحداتها العسكرية عامة في جميع المناطق السورية قرارًا بتخفيض كمية المحروقات المخصصة للتدفئة من تسعة ليترات من المازوت إلى ثلاثة ليترات شهريًا.

وجاء في التعميم “3604” الصادر عن وزارة الدفاع، في 12 من كانون الأول الحالي، وحصلت عنب بلدي على نسخة منه، أن المصلحة العامة اقتضت ”ترشيد استخدام المحروقات قدر الإمكان”، وبموجبه تخفض حصص الجنود الشهرية من مخصصات مازوت التدفئة.

وخفضت هذه المخصصات بحسب التعميم من تسعة ليترات بالشهر الواحد إلى ثلاثة ليترات، وشملت جميع قطع الجيش العسكرية، وبدأ العمل به منذ لحظة طرحه.

كما حمل التعميم توقيعًا صادرًا عن مدير إدارة التعيينات في الجيش، ياسر محمد سبور.

وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من جنود بقوات النظام السوري، فإن حصة المجند من مازوت التدفئة خلال السنوات الماضية كانت تبلغ تسعة ليترات في الشهر الواحد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة