السويداء.. محاولات أهلية لتغطية الخدمات بغياب الدولة

camera iconمواد غذائية معدة للتوزيع ضمن مبادرة أهلية في السويداء- 1 كانون الثاني 2023 (السويداء 24)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

مع استمرار تفاقم الوضع المعيشي في سوريا، فضّل قسم من سكان محافظة السويداء الاحتجاج والاعتصام، مطالبين مؤسسات النظام بتأمين الحد الأدنى من الخدمات.

اختلفت أشكال الاحتجاج بين منطقة وأخرى، ووصل أحدها إلى حد اختطاف المسؤول عن قطاع المحروقات في مؤسسة المياه الحكومية بالسويداء.

ومع عجز النظام عن تلبية احتياجات السكان، أو ما يعتبره مدنيون من السويداء “عدم رغبة”، اتجهت جهات أهلية وسياسية ومنظمات في المحافظة إلى مبادرات تؤمّن بموجبها الخدمات للمدنيين، ولو بحدودها الدنيا.

مبادرات أهالٍ ومنظمات

تُعتبر خدمات الخبز والماء والكهرباء من الخدمات الأساسية إلى جانب المحروقات، وقد تنعدم الحياة في منطقة ما إذا فُقدت منها، وهو ما لا تعمل حكومة النظام السوري على تأمينه بالقدر الكافي لسكان محافظة السويداء.

وخلال السنوات الماضية، احتج سكان السويداء، ومنهم موالون للنظام، مرارًا، مطالبين بخدمات أساسية، لكن الحال لم تتغير.

بدأت المبادرات المحلية منتصف عام 2022، مركّزة على سد الفراغ الأمني الذي خلّفه غياب النظام، عندما قرر سكان بعض القرى غربي السويداء، إقامة دوريات لحماية قراهم ليلًا من عمليات السرقة والسطو التي انتشرت في الأرجاء.

ثم امتدت المبادرات لتشمل جوانب خدمية، عبر توزيع الخبز والمحروقات على العائلات المعدَمة، ثم محاولات تأمين الكهرباء في المنطقة التي تسهم بدورها بتأمين مياه الآبار.

الناشط ريان زين الدين، وهو من أبناء السويداء ومقيم فيها، قال لعنب بلدي، إن وجهاء وأفرادًا من قرى جنوبي السويداء عقدوا، منذ مطلع كانون الأول 2022، عدة اجتماعات ضمت أهالي وفعاليات قرى المجيمر، وعرى، ورساس، بهدف تأمين مياه الشرب للأهالي عن طريق تمديد خط كهرباء يعمل بشكل دائم وعلى مدار الساعة، لتغذية بئر الشرب في قرية المجيمر.

وشُكّلت في القرية نفسها لجنة حملت اسم “لجنة جباية الأموال” لتمديد خط “الكهرباء الذهبي”، ويهدف لتغذية بئر القرية وتأمين مياه الشرب للجميع، إذ ضمت اللجنة خمسة من وجهاء القرى، و20 عضوًا آخرين.

في حين طالبت اللجنة المغتربين من أبناء السويداء بالتبرع لإتمام عمل البئر التي تصل تكلفتها إلى 250 مليون ليرة سورية، بحسب زين الدين.

منظمة “جوليا” التي تنشط في السويداء أيضًا، وتُعنى بمشاريع دعم المرأة، نشرت عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك” أنها تمكنت، في 21 من كانون الأول 2022، من توزيع الدفعة الثانية من المساعدات المالية على نساء من الأرامل، ومن لا يملكون معيلًا لهم.

المحروقات محصورة بحزب “اللواء”

تنوعت المبادرات المحلية والأهلية في السويداء، لكنّ أيًا منها لم يتطرق إلى نقص المحروقات الشديد الذي تعانيه المحافظة، خصوصًا أن أسعارها مرتفعة، وغير متوفرة في ظل انخفاض التوريد إلى كامل المحافظات السورية من بينها السويداء.

حزب “اللواء السوري” المعارض للنظام أطلق، منذ مطلع كانون الأول 2022، مبادرة لتوزيع المحروقات المخصصة للتدفئة على سكان السويداء.

أحدث دفعات المحروقات وزعها الحزب في 19 من الشهر نفسه، وشملت توزيع مادة المازوت على 50 عائلة في السويداء.

سبقتها بنحو أسبوع حملة أخرى، شملت العدد نفسه من العائلات، كما حدد الحزب الأسبوع الأخير من كانون الأول موعدًا لإطلاق الدفعة الثالثة من المحروقات، بحسب ما نشره في حسابه الرسمي عبر “فيس بوك”.

الناشط ريان زين الدين قال، إن حملة توزيع المحروقات اقتصرت على حزب “اللواء”، بينما شملت المبادرات الأخرى جمع مبالغ وتأمين خدمات الماء والكهرباء.

وكان حزب “اللواء السوري” أصدر، في 28 من تموز 2021، بيانًا عبر “فيس بوك”، قال فيه إنه حزب سياسي غير مسلح، ويعتمد على العمل المدني في دعم قضيته وأهدافه.

وخوفًا من تعرض أفراده للقمع والاعتقال، نسّق الحزب مع قوة “مكافحة الإرهاب”، وهي كيان عسكري مسلح يهدف لحماية المدنيين في محافظة السويداء.

لا تسد الرمق

ماهر (55 عامًا)، وهو من سكان محافظة السويداء، قال لعنب بلدي، إن مؤن الأهالي والمبادرات الأهلية من الطبيعي أن تتركز حول المواد الأولية والأساسية، كالطعام والملابس والأدوية، لكنها أيضًا لا تلبي حاجة السكان، خصوصًا أنها تنظَّم خلال فترات زمنية متباعدة قد تصل إلى ستة أشهر.

بينما يعتمد معظم سكان المحافظة على أبنائهم أو أقاربهم من المغتربين الذين يرسلون لهم الأموال من الخارج، وباتت هذه الأموال شريان حياة بالنسبة لمعظم سكان السويداء، بحسب ماهر.

المصدر أشار أيضًا إلى أن معضلة الكهرباء لا تزال إحدى المشكلات الرئيسة بالنسبة لسكان السويداء، إذ تنقطع لحوالي 20 ساعة يومًا، حتى إن المستشفيات في المحافظة تنقطع عنها المياه الرئيسة لفترات طويلة.

كما أن المياه تنقطع عن بعض الأحياء في السويداء لفترات طويلة، قد تتجاوز الشهرين.

ومنذ عام 2020، تشهد محافظة السويداء احتجاجات شعبية متكررة، حمل بعضها مطالب ذات طابع سياسي، نادت بإسقاط النظام السوري، بينما لم يتجاوز معظمها حدود المطالب بتحسين الواقع الأمني والخدمي.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة