رغم تقارير حول ضلوعها في تجارة وتهريب المخدرات

بتكليف رسمي.. “الفرقة الرابعة” تتمدد في معابر حمص و”نصيب”

camera iconمعبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

أجرى النظام السوري تعديلات على الجانب الأمني في المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية في سوريا، من ضمنها معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، إلى جانب المعابر في محافظة حمص والمطلة على الأراضي اللبنانية.

وبحسب تعميم صدر عن مكتب الأمن الوطني التابع بشكل مباشر لرئاسة الجمهورية، في 1 من كانون الثاني الحالي، حصلت عنب بلدي على نسخة منه، جرى تشكيل قوة أمنية مكوّنة من خمسة أجهزة أمنية، إلى جانب “الفرقة الرابعة”، لإدارة المعابر الشرعية وغير الشرعية الممتدة على الحدود مع دول الجوار.

التعميم الذي تحققت عنب بلدي من صحته عبر ضابط بقوات النظام برتبة مقدم على رأس عمله في المنطقة الوسطى، ينص على تشكيل حاجز مشترك في المعابر الشرعية من الأجهزة الأمنية الأربعة (أمن سياسي، أمن عسكري، أمن دولة، مخابرات جوية)، وبمشاركة من “الفرقة الرابعة”، وتفتيش الأشخاص والسيارات بمشاركة عناصر من الجمارك.

وفي المعابر غير الشرعية، يشكّل حاجز مشترك للأفرع الأمنية و”الفرقة”، وتسيّر دوريات على خطوط التماس، لضبط عمليات تهريب الأموال والبضائع، والمساعدة في ضبط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.

معبر “نصيب”

في تشرين الأول 2021، وبعد انتهاء “التسويات” في عموم محافظة درعا، انسحبت قوات “الفرقة الرابعة” المنتشرة في معبر “نصيب”، إلى جانب سحب قواتها المنتشرة في مركز المدينة وبالريف الغربي من المحافظة.

هذا الانسحاب حمل معه شرحًا واضحًا لأحد بنود اتفاق “التسوية” الذي سيطر بموجبه النظام السوري على كامل المناطق الجنوبية، إذ نص الاتفاق على الانتشار الروسي في المنطقة، ومنع الانتشار الإيراني فيها، خصوصًا على الحدود بين سوريا والأردن وإسرائيل.

المحلل السياسي الأردني صلاح ملكاوي قال لعنب بلدي، إن نقاط “الفرقة الرابعة” الأمنية توسعت عقب عام 2018، وامتدت في مختلف المحافظات السورية، لكن هذا التوسع استثني منه معبر “نصيب” بين سوريا والأردن، وذلك لـ”توجس الأردن من تبعية (الفرقة الرابعة) لإيران”.

وأضاف أن أحد أهداف إيران الاستراتيجية هو “الوصول إلى نقاط تماس مع الأردن”، وزادت هذه الرغبة مع صدور القانون الأمريكي المتعلق بمكافحة المخدرات في سوريا نهاية عام 2022.

ملكاوي قال أيضًا، إن تعزيزات عسكرية لـ”الفرقة الرابعة” وصلت مؤخرًا إلى المعبر، وحجة النظام هي منع تهريب المخدرات مع العلم أن “الفرقة” نفسها هي “دينامو التهريب والترفيق والتشليح ودفع الإتاوات، ولها تاريخ بهذا المجال”.

وتابع ملكاوي أن الأردن لا يمكن أن يقف دون رد على هذه التغييرات على حدوده الشمالية.

بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الأردني على هذه التغييرات الأمنية المتاخمة لحدوده حتى لحظة تحرير هذا الخبر.

وفي 24 من كانون الأول 2022، وقّع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على ميزانية الدفاع الأمريكية عن السنة المالية لعام 2023، التي قدمها مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس)، متضمنة قانون مكافحة المخدرات التي يديرها النظام السوري.

سباق سيطرة بين الأجهزة

تتسابق الأجهزة الأمنية للسيطرة على معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، في ظل ارتفاع العائدات غير الشرعية في المعبر، والأوضاع الاقتصادية المزرية التي تعانيها سوريا، والضغوطات الدولية فيما يتعلق بملف تهريب المخدرات عبر الحدود.

وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام تتناوب على إدارة المعبر وحمايته، منذ إعادة افتتاحه في تشرين الأول 2018.

عنب بلدي تواصلت مع قيادي عسكري في “اللواء الثامن” بدرعا، من المطلعين على عمل معبر “نصيب”، إذ قال إن قرارات جديدة صدرت مؤخرًا من العاصمة دمشق بشكل مفاجئ تهدف إلى تنظيم عمل المعبر.

وعلى رأس هذه القرارات، طلب مكتب “الأمن الوطني” إلغاء تكليف شعبة “الأمن السياسي” بإدارة وتسيير أمور المعبر بعد أكثر من أربع سنوات على إدارتها له.

تزايد نفوذ “الأمن السياسي” في المعبر جاء بالتزامن مع تحضيرات سابقة أعدّها النظام لاستقبال العائدين من الأردن إلى سوريا، من المطلوبين بتهم سياسية.

في حين تسلّمت “المخابرات الجوية” المقربة من إيران الإدارة المركزية في المعبر، إلى جانب مفرزة من “أمن الدولة” و”الأمن العسكري”.

التغيير الأبرز المغاير لسلسلة القرارات السابقة، أن “الفرقة الرابعة” ممثلة بـ”مكتب أمن الفرقة” صارت المسؤول عن حماية أمن المعبر بالكامل.

القيادي في “اللواء الثامن”، تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، قال، إن كون “الفرقة الرابعة” مسؤولة عن حماية المعبر، فهذا يعني انتشار عناصرها من البوابة السورية في نصيب، وصولًا إلى الجانب الأردني، حيث تقف قوات الأردن الأمنية.

وبلغ عدد عناصر “الفرقة الرابعة” في معبر “نصيب” اليوم 70 عنصرًا يترأسهم المقدم بسيم فواز، الذي كان يشغل منصب قائد حاجز “يعفور”، أهم الحواجز على طريق سوريا- لبنان.

القيادي في “اللواء الثامن” ذكر أن المقدم فواز كان يشرف على عمليات التهريب بين سوريا ولبنان، وضالع في العديد من ملفات التهريب، ما أهّله لإدارة مهام “الفرقة الرابعة” في معبر “نصيب” الحدودي.

معابر التهريب في حمص

التغييرات الأمنية على صعيد المعابر وخطوط التهريب امتدت حتى محافظة حمص، إذ استبدلت قيادة “الفرقة الرابعة” الضابط المسؤول عن قواتها في المنطقة الوسطى، وكلّفته بإدارة المنطقة المتاخمة للحدود السورية- اللبنانية في القلمون بريف دمشق.

وتزامن ذلك مع تغيير في طريقة تعامل حواجز “الرابعة” مع المارة في المنطقة، إذ لم يعد عناصر الحاجز يتقاضون الإتاوات منهم، كما صارت حالة عبور الحواجز روتينية، ولا يخضع المارة للتفتيش منذ بضعة أيام، باستثناء الحاجز المتمركز على مدخل بلدة الجرنية على الحدود السورية- اللبنانية، إذ لا يزال يُخضع المارة للتفتيش، ويمنع عبور المحروقات، بخلاف الموجودة في خزانات الوقود للسيارات والدراجات النارية، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في حمص.

الحاجز المذكور كان يخضع لسلطة “الأمن العسكري” قبل التغييرات الأخيرة، بينما لا تتوفر معلومات حول التغييرات التي طرأت على إدارة الحاجز حتى لحظة تحرير هذا الخبر.

وسبق أن فتحت “الفرقة الرابعة”، مطلع كانون الثاني الحالي، باب الانتساب أمام الشباب في ريف حمص الشمالي والغربي، مقابل رواتب تراوحت بين 200 ألف و250 ألف ليرة سورية، إلى جانب سلة غذائية توزع على العناصر شهريًا.

وتسعى “الفرقة الرابعة” لتعزيز حواجزها الأمنية على الشريط المحاذي للحدود اللبنانية، وفي القرى والبلدات التي تقع على خطوط التهريب ذهابًا وإيابًا، بحسب مقاتلين عاملين في صفوف “الفرقة” قابلتهم عنب بلدي في وقت سابق.

كما نُقلت إدارة بعض الحواجز من سلطة “الأمن العسكري” و”المخابرات الجوية” إلى سلطة “الفرقة”، لتسيطر بشكل شبه كامل على طرقات التهريب بالاتجاهين.

من حلب إلى دير الزور

الحواجز الأمنية لقوات “الفرقة الرابعة” تتمركز على الخطوط الفاصلة بين مناطق النفوذ، بالطريقة نفسها التي تنتشر فيها على الحدود مع دول الجوار، إذ تعتبر هذه الحواجز الخط الأول الذي يفصل مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بمدينة حلب عن مناطق سيطرة النظام.

وتنتشر هذه الحواجز في محيط حيّي الشيخ مقصود، والأشرفية، بمدينة حلب، حيث يخضع الحيّان لسيطرة “الإدارة الذاتية” المدعومة أمريكيًا شمال شرقي سوريا.

وسبق أن أغلقت حواجز “الرابعة” الطرقات أمام حركة شاحنات البضائع المحمّلة بالطحين، ما تسبب بنقص حاد في مادة الخبر داخل الشيخ مقصود، وتكرر هذا الإغلاق في تشرين الأول 2022، مسببًا أزمة محروقات في الأحياء الكردية.

ومن حلب باتجاه الشرق، تتمركز حواجز “الفرقة الرابعة” على مقربة من ريف دير الزور الشرقي المكتظ بمعابر التهريب غير الشرعية بين مناطق نفوذ “قسد” والنظام السوري على ضفاف نهر “الفرات”.

هذه الحواجز أيضًا منعت، في 1 من كانون الثاني الحالي، حركة نقل المحروقات بين منطقتي النفوذ، بل وذهبت حواجز “الفرقة” أبعد من ذلك، إذ اشترطت للسماح بعبور السيارات أن تحمل أقل من عشرة ليترات من المحروقات

وانعكس إغلاق حواجز “الرابعة” الطرقات أمام المهربين بين مناطق نفوذها ومناطق نفوذ “قسد” على سوق الدخان في مدينة دير الزور، إذ ارتفعت أسعار التبغ بنسبة 65%، بحسب شبكة دير الزور 24″ المحلية.

سوريا بلد المخدرات

بحسب “التحالف الأمريكي من أجل سوريا“، حوّل الأسد سوريا إلى دولة مخدرات، إذ يقوم تجار المخدرات بإنتاج وتوزيع كميات هائلة من عقار “الكبتاجون” غير المشروع، الذي يسبب الإدمان ويندرج ضمن عائلة “الأمفيتامين”، وهو حاليًا أكثر أنواع المخدرات طلبًا في منطقة الشرق الأوسط ودول البحر الأبيض المتوسط ​​المجاورة، حيث تم ضبط أكثر من 40 طنًا من الحبوب في عام 2022 فقط.

وحصدت تجارة “الكبتاجون” عائدات تقدّر بنحو 5.7 مليار دولار للنظام في عام 2021، ما سمح للأسد بالتغلب على العقوبات التي كانت تهدف إلى حرمانه من الوصول إلى العملة الصعبة، بحسب “التحالف”.

وسبق أن ناقشت عنب بلدي، مطلع عام 2022، في تحقيق حمل عنوان “المخدرات.. وصفة الأسد للاقتصاد وابتزاز الجوار“، مدى ضلوع النظام، وخصوصًا “الفرقة الرابعة” بقيادة ماهر الأسد، في هذه التجارة، واستخدام عائلة الأسد نفوذها لإنمائها، في ظل تهالك الاقتصاد السوري، واعتمادها مصدر الدخل الأول، إلى جانب استعمال النظام المخدرات ورقة ضغط ومساومة لتحقيق مصالحه، دون محاسبته أو العمل على إيقاف توسعه فيها.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة