فعاليات “شكلية” في سجون الأسد تفشل في إخفاء الحقيقة

دورة أجراها المركز الثقافي العربي في سجن حمص المركزي في 16 من كانون الثاني 2023 (وزارة الثقافة السورية)

camera iconدورة أجراها المركز الثقافي العربي في سجن حمص المركزي في 16 من كانون الثاني 2023 (وزارة الثقافة السورية)

tag icon ع ع ع

تجري حكومة النظام السوري فعاليات في السجون المركزية، خلال الأشهر الأربعة الماضية، بمواضيع ثقافية وتوعوية وفنية، في وقت صارت سوريا تعرف بسمعة معتقلاتها وأساليب التعذيب فيها.

وافتتحت وزارة الثقافة في حكومة النظام السوري دورة تصوير فوتوجراف للنزلاء في سجن “حمص المركزي”، في 16 من كانون الثاني الحالي، إضافة إلى ورشة مسرحية أخرى نظمتها في سجن “دمشق المركزي”.

وفي الوقت الذي يواجه فيه النظام السوري اتهامات بانتهاكات في السجون، من بينها عمليات التعذيب الممنهج وحالات الإخفاء القسري التي وثقتها منظمات دولية، تحاول حكومة النظام تصدير صور لنزلاء في سجونها، يخضعون لمعايير السجون في الدول المتقدمة.

ويوجد في سوريا نوعان من السجون بشكل رئيسي، الأول للمساجين على خلفية الجرائم الجنائية، وهو الذي تجري هذه الفعاليات فيه، والثاني معتقلات مخصصة للموقوفين على خلفية مواقفهم السياسية أو لأسباب أمنية، وفيه يعتمد التعذيب وسيلة أساسية لانتزاع الاعترافات أو لمجرد العقاب.

وأصدرت سابقًا منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا يسخر من قانون “تجريم التعذيب” الصادر من النظام السوري في آذار 2022، وذلك في ظل تعرّض آلاف الأشخاص للتعذيب في المعتقلات السورية، تعتبر محاسبة الضالعين بالتعذيب من خلال القانون “أمرًا يصعب أخذه على محمل الجد”، وفق التقرير.

فعاليات “شكلية”

“مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، قال لعنب بلدي إن ما يقوم به النظام “حركات استعراضية وشكلية تفعلها الأنظمة الدكتاتورية للفت الانتباه والأنظار إليها”.

وتتزامن الاستعراضات الأخيرة مع رفض النظام المستمر لدخول لجان تحقيق دولية مستقلة، إلى مراكز الاحتجاز، بحسب عبد الغني.

وأضاف أن النظام ما زال مستمرًا في ممارسة التعذيب في السجون، إذ أدت هذه الممارسات إلى مقتل الآلاف  تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز.

ومن لم يتأكد مقتله في السجن، انضم إلى قائمة المختفين قسريًا في سوريا، وبحسب أرقام “الشبكة”، يوجد ما يقارب 96 ألف مختفٍ قسريًا في سجون النظام السوري.

ترويج “فاشل”

خلال السنوات الماضية، روّج النظام للمرسوم والإفراجات التي أصدرها بحق معتقلين لديه على أنها “مكرُمة قدّمها السيد الرئيس للإرهابيين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء”، لكن الترويج لم يأتِ على قدر الأعداد “الخجولة” التي تم الإفراج عنها.

كما تخلل العديد من حملات الإفراج عن سجناء  ومعتقلين بموجب “عفو عام”، العديد من الانتهاكات بحق ذويهم نتيجة عشوائية السياسة التي ينتهجها في هذا السياق، كان آخرها العفو الصادر في أيار 2022، حيث تجمّع مئات الأشخاص في منطقة “جسر الرئيس”، بانتظار وصول حافلات تحمل المزيد من المعتقلين قادمين من سجن “صيدنايا” سيئ السمعة.

اقرأ ايضًا: “عفو” يقتل ذوي المعتقلين.. موت بطيء تحت جسر “الرئيس

فضل عبد الغني قال أيضًا، إن النظام السوري يعرف بـ”الترويج” لأعماله مهما كانت بسيطة لإثبات أدنى وجود له على الساحة، ولا تختلف الحالة هنا، عن حالات الترويج السابقة التي نظمها في إطار انتخاباته الرئاسية “غير الشرعية”.

ويتعامل النظام مع الشعب السوري، بحسب عبد الغني، بـ”عقلية متحجرة” تعود إلى ما قبل اندلاع الثورة السورية.

ويرى مدير “الشبكة”، في حديثه لعنب بلدي، أن النظام يعتقد أن باستطاعته خداع السوريين، لكن التقارير الحقوقية وعمليات التوثيق دائمًا ما تفشل هذه الحملات الدعائية، ونظرًا لذلك لا يمكنه خداع حتى الموالين له.

“التقارير الحقوقية أسهمت بشكل كبير بالكشف عن جرائم النظام وإظهار حقائقها”، أضاف عبد الغني.

وأشار إلى أن النظام لا يمكن أن يستفيد من هذا الترويج، لأنه ليس عملًا جديًا بل فقط “مواد إعلامية مستهلكة محلية”، ولا تطبق بشكلٍ واسع.

أساليب مستمرة

يحاول النظام إيصال صورة سجونه على أنها مراكز ترفيهية وتعليمية، متناسيًا الصورة المنسوخة في عقول السوريين من أساليب التعذيب المختلفة فيها.

وتأتي هذه الفعاليات في وقت لا تزال فيه مراكز احتجاز المعتقلين، تشهد 72 أسلوبًا للتعذيب الجسدي والنفسي والجنسي بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

ومورست جميع هذه الأساليب على نحو واسع وطالت المعتقلين كافة، بمن فيهم النساء والأطفال والمرضى وذوو الاحتياجات الخاصة دون استثناء، بحسب التقرير الحقوقي.

ويختلف حجم التعذيب في سجون النظام السوري من سجن إلى آخر، بينما يعتبر السجن “المركزي” أفضلها في هذا الصدد، إذ نادرًا ما يخضع المساجين فيه لعمليات التعذيب.

بينما يعتبر سجن “صيدنايا” أحد أبرز السجون، حيث يتعرض فيها المعتقلون (معظمهم معتقلون لأسباب سياسية) إلى عمليات تعذيب وتجويع ممنهجة.

وبحسب تقرير صادر عن “منظمة العفو الدولية عام 2017، قتل الآلاف من المعتقلين السياسيين بإعدامات جماعية، بين عامي 2011 و2015.

ويُعرف السجن بـ”المسلخ البشري و”مصنع الموت” و”القبر”، وغيرها من الأسماء التي يحاول الناجون من خلالها نقل حجم المأساة التي عاشوها داخل السجن.

أرقام متزايدة

رصدت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي الأحدث، أبرز الانتهاكات في سوريا على يد القوى المسيطرة خلال العام الماضي.

وفي مقدمة هذه الانتهاكات، مقتل 1057 مدنيًا، بينهم 251 طفلًا و94 سيدة على يد قوات النظام، إلى جانب 133 شخصًا قتلوا تحت التعذيب.

التقرير أشار أيضًا إلى 2221 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و75 ألف مشرد قسرًا.

في حين لا يزال حوالي 135 ألفًا و253 شخصًا، قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منذ آذار 2011 وحتى تشرين الأول 2022، بحسب التقرير.

ولا تقتصر الاعتقالات على السوريين فقط، إذ أشار فريق رصد “مجموعات العمل من أجل فلسطينيي سوريا” تقريرًا مطلع كانون الثاني الحالي، وثق عبره أكثر من 3076 معتقلًا فلسطينيًا في أفرع النظام الأمنية، بينهم 110 لاجئات فلسطينيات، إضافة إلى عشرات الأطفال دون سن 18.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة