أخطرها العائدة لـ”الهجرة”.. مخالفات السوريين بتركيا وآثارها

camera iconسوريون ينتظرون في الصف المخصص لمعاملات "الكملك" في باحة مبنى إدارة الهجرة في اسطنبول- 11 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

يتعرض اللاجئون السوريون في تركيا لعديد من المخالفات والضرائب في تركيا، أسوة بالمواطنين الأتراك، فيما يضاف إليهم مخالفات تخص الأجانب تتبع لدائرة الهجرة التركية، وقد يؤدي إغفالها إلى تهديد بالترحيل من تركيا.

وينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مثل مجموعات “فيسبوك” الخدمية في تركيا، استفسارات متنوعة عن نتيجة عدم دفع أو الاستجابة لنوع محدد من هذه المخالفات، فيما تتوالى أجوبة المعلقين باحتمالات مختلفة مثل الترحيل، دون وجود مصدر رسمي لمعلوماتهم. 

عمر (22 عامًا)، يسكن في ولاية أنقرة التركية، ويعمل في جمع الكرتون والمواد القابلة لإعادة التدوير، تعرض لمخالفة مرورية قيمتها 8190 ليرة تركية، بسبب قيادته دراجة نارية تساعده بالعمل دون حصوله على شهادة قيادة، وفق ما قاله لعنب بلدي.

وبسبب مخاوفه من تبعات عدم دفعه مستحقات المخالفة، يفكر عمر ببيع دراجته النارية التي قد يصل سعرها إلى القيمة المطلوبة، إذ لا يملك مدخرات إضافية تسمح له بدفع المخالفة.

ولم يستطع عمر استخراج شهادة قيادة ليتجنب الوقوع بالمخالفة، كون بطاقة “الحماية المؤقتة” (الكملك) التي يملكها مستخرجة من ولاية غير التي يسكن فيها حاليًا، كما أن من شروط استخراج الشهادة حصول المتقدم على شهادة دراسية تركية أو معادلة في تركيا أو شهادة محو أمية من المؤسسات التركية، وهو ما لا يملكه.

مخالفات تؤدي إلى الترحيل

حيرة عمر النابعة عن عدم معرفة عواقب إهمال دفع المخالفة، دفعته للنشر مستفسرًا على إحدى مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي الخدمية، لكن الإجابات العديدة والمختلفة التي تلقاها زادت من حيرته، وبعضها زاد من مخاوفه بتطور المخالفة لقضية ترحيل.

ولإيضاح خطورة أنواع المخالفات وعواقبها، تواصلت عنب بلدي مع المحامي العامل في المحاكم التركية وسيم قصاب باشي، الذي أكد عدم وجود أي غرامة مالية تستوجب الترحيل فيما عدا الغرامات الصادرة عن مديرية الهجرة التركية.

ووصف قصاب باشي غرامات مديرية الهجرة بـ”الأخطر”، والتي تسبب “تهديدًا حقيقيًا” للأجنبي الذي يهملها بمن فيهم حملة “الكملك”، مثل المخالفات التي تؤدي بصاحبها لوضع “كود” أو ترميز على ملفه لدى المديرية، والسفر بين الولايات دون “إذن سفر”، وتغيير عنوان الإقامة دون الإبلاغ عن العنوان الجديد.

وعن طريقة معرفة المخالفات أو الغرامات المقيدة باسم حامل “الكملك” قال المحامي قصاب باشي، يجب مراجعة شعبة الأجانب للتأكد منها، أو عن طريق توكيل محامٍ.

وحول عواقب بقية المخالفات، أوضح قصاب باشي أن بعض الغرامات المالية تستوجب الحبس مثل الغرامات الجمركية، أما الغرامات الضريبية فتستوجب الحجز على الأملاك فقط دون حبس أو ترحيل، حسب القانون التركي.

وتستوجب الغرامات القضائية “تشديد الحكم”، وهي الناتجة عن غرامات أنواع أخرى، مثل رفع شركة الإنترنت دعوى قضائية على المشترك نتيجة عدم دفعه فواتيرها.

ويؤدي عدم دفع الغرامات المالية التابعة لوزارة المالية، مثل المخالفات المرورية، إلى الحجز على الأموال، بحسب المحامي، الذي أوضح أن قيمة هذه الغرامات تزيد بشكل سنوي بنسبة حوالي 13%.

وعلى عكس مخالفات دائرة الهجرة، يمكن معرفة المخالفات المرورية والضريبية والقضائية دون مراجعة الفروع التابعة لكل إدارة، عن طريق صفحاتها الموجودة على موقع أو تطبيق الحكومة الإلكترونية (E-devlet).

مصاعب قانونية تؤدي إلى المخالفات

الناشط الحقوقي السوري ومدير مركز “عدالة لحقوق اللاجئين” في اسطنبول، أحمد قطّيع، نشر عبر حسابه على “فيسبوك”، في 11 من كانون الثاني الماضي، توصيات للاجئين السوريين حملة بطاقة “الحماية المؤقتة” لتفادي المخالفات الإدارية لدى الهجرة التركية، والتي يمكن أن ينتج عنها تجميد للقيود والترحيل.

ومن هذه التوصيات عدم مغادرة الولاية المسجل فيها دون “إذن سفر”، واستخراجه بشكل شخصي دون اللجوء للسماسرة تجنبًا للوقوع في فخ التزوير، وعدم العمل دون “إذن عمل”.

كما طلب قطيّع من اللاجئين التأكد من خلو القيد الشخصي من أي أرقام هواتف مسجلة، أو اشتراكات ضمن شركات الكهرباء والماء والإنترنت والغاز، دون علم صاحبها، والتحقق من خلو السجل العدلي من أي دعاوى مرفوعة من قبل المؤسسات الضريبية أو المالية عبر الموقع الحكومي الإلكتروني.

وأضاف قطّيع بوجوب عدم الهجرة بطريقة غير شرعية، حيث سيكون من يتعرض للإعادة القسرية إلى تركيا عرضة للتوقيف الإداري وتجميد قيوده ومنه للترحيل.

ويعاني عديد من السوريين مثل هذه المصاعب القانونية في حياتهم اليومية، ما ينتج عنه وضع “أكواد” على قيودهم تعوق وصولهم للخدمات أو حقوقهم الشخصية، مثل فتح عمل خاص، أو في بعض الأحيان تصل للترحيل.

عبد الرحمن شافع (33 عامًا)، مقيم في ولاية اسطنبول، تعرض لمخالفة عدم امتلاكه “إذن سفر” منذ سنتين بقيمة 944 ليرة تركية، وذلك خلال عودته من ولاية أنطاكيا على أحد الحواجز الطرقية، وفق ما قاله لعنب بلدي.

وعلى الرغم من عدم دفع عبد الرحمن للمخالفة، لم تزدد قيمتها كضرائب تأخير، لكنه بعد الحملات الحكومية الأحدث والتضييق على وجود الأجانب، أصبح متخوفًا من توقف قيده بسبب هذه المخالفة.

وتشترط السلطات التركية منذ عام 2016 على السوريين الحاملين لبطاقات “الحماية المؤقتة” الإقامة في الولاية المسجلة فيها بياناتهم وعناوينهم، ومن غير المسموح لهم التنقل بين الولايات إلا بالحصول على “إذن سفر” بشكل مجاني، عبر البوابة الحكومية الإلكترونية.

في حين يجد السوريون، وخاصة في الولايات الحدودية أو ذات الكثافة بالسوريين التي تحاول السلطات التركية تخفيف وجودهم فيها، صعوبة بالغة في الحصول على “إذن سفر”، ما يتركهم عرضة لاستغلال “سماسرة” يستخرجون لهم إذنًا مقابل مبالغ مالية.

ومن شروط الحصول على إذن للسفر، وجود حاجة مهمة للاجئ في الولاية التي يسافر لها، وإثبات وجود هذه الحاجة كتقرير وفاة لأحد الأقارب، أو زيارة لأفراد العائلة (يجب توفير هوياتهم وعناوينهم)، أو الحصول على إذن عمل في الولاية التي سيسافر إليها.

ويعاني مؤخرًا أصحاب المحال السورية صعوبة استخراج أذون عمل مطلوبة لاستمرار عملهم، بسبب تراكم الديون الضريبية عليهم من جهة، وكون “الكملك” الذي يملكونه صادرًا من ولاية أخرى من جهة ثانية.

ويعد موضوع تثبيت عنوان الإقامة من المواضيع التي يؤدي عدم الاهتمام بها إلى إيقاف القيود ومن ثم الترحيل، حيث نشطت عدة حملات من مديريات الهجرة للتأكد من العناوين المسجلة لديها للسوريين، وفي حال عدم إثبات وجوده في العنوان يجري إيقاف القيود.

وبعد الإعلان عن خطة الحكومة التركية لتخفيف وجود السوريين والأجانب في بلديات معيّنة، أصبحت خيارات السوريين ضيقة في تسجيل عناوينهم الجديدة ضمن الولاية.

وأعلنت مديرية دائرة الهجرة، في تموز 2022، عن منع الأجانب الحاملين لكل أنواع الإقامات، والسوريين المسجلين في البلاد تحت “الحماية المؤقتة”، من تقييد نفوسهم في 16 ولاية تركية، و1169 حيًا في 52 ولاية.

عفو رئاسي

أصدر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عفوًا عن عدد من الديون والضرائب والمخالفات والفوائد، تشمل الأتراك والأجانب بمن فيهم السوريون، بحسب توضيحات المحامي وسيم قصاب باشي.

وأعلن أردوغان عن العفو بعد تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في 14 من أيار المقبل، ويعفى بموجب ذلك المواطنون الذين يدينون لمكاتب الضرائب بمبلغ لا يزيد على ألفي ليرة، لمرة واحدة في جميع الحقوق، مثل الضرائب والغرامات والفوائد، شرط أن يكون تاريخ الضريبة قبل 31 من كانون الأول 2022، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول“.

وقال أردوغان، إن تركيا تعد اقتراح إعادة هيكلة المستحقات العامة للمؤسسات، مثل مكاتب الضرائب والجمارك والبلديات والإدارات، وأقساط التأمين.

كما اقترح الرئيس التركي إزالة غرامات الديون من جميع المؤسسات، لتدفع نسبة من الغرامات فقط، مع إمكانية التسديد على دفعات (بالتقسيط).

وأضاف أردوغان أنه سيتم حذف نقاط الجزاء على رخص القيادة الخاصة بالسائقين البالغ عددهم 2.5 مليون سائق، وستعاد عشرة آلاف رخصة قيادة لأصحابها. 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة