“للغاوين بس”.. قصة “أبو عبدو” مع زينة “الموتورات” بتركيا

camera iconدراجة نارية مزينة من قبل السوري رجب مبروك في ولاية غازي عنتاب التركية - 19 كانون الأول 2021 (أبو عبدو النعيمي / يوتيوب)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد فنصة

“بحب أشبه الموتور بالفرس. الخيالة العرب سابقًا كانوا يفتخروا بأحصنتهم”، بهذا التشبيه عبّر رجب مبروك (أبو عبدو النعيمي) عن سبب شغفه بتزيين دراجته النارية.

من ورشته الصغيرة في ولاية غازي عينتاب التركية، تمكّن الشاب رجب من الانتشار والوصول إلى ولايات أخرى، وحتى إلى دول أوروبية، عبر تسجيلاته المصوّرة في قناته على تطبيق “تيك توك”.

وصول أكبر

رجب لاجئ سوري مقيم في تركيا تحت بند “الحماية المؤقتة”، مثله كمثل 3.44 مليون سوري في تركيا، وفق أحدث إحصائية أصدرتها إدارة الهجرة التركية في 16 من آذار الحالي.

ووصل الشاب السوري إلى تركيا منذ عدة سنوات، قادمًا من مدينة حلب شمالي سوريا، حيث كان يقيم ويعمل منذ أن كان عمره سبع سنوات إلى جانب والده في أحد محالهم الثلاثة لصيانة الدراجات النارية، إذ قال، منذ أن “فتحت عيني على الدنيا وحتى اليوم وأنا أعمل في هذه الحرفة”.

وبالنسبة لتزيين الدراجات النارية، أشار رجب إلى أنه بدأ كهواية منذ امتلاكه أول دراجة نارية، ثم توسع الأمر ليشمل تزيين “موتورات” أصدقائه وزبائنه المفضّلين، حين أُعجبوا بزينة مركبة رجب، التي سماها “الهيبة”، وطلبوا منه قطع زينة مماثلة، من إضاءة أو “زمّور” وغيرهما.

منذ أن بدأ رجب بنشر مقاطع مصوّرة في 2019، عبر تطبيق “تيك توك”، زاد وصوله إلى السوريين الراغبين بتزيين دراجاتهم النارية، أو الحصول على قطع الزينة عن طريق الشحن.

أكثر من 50 ألف مستخدم للتطبيق يتابعون رجب، في القناة التي يعرض فيها بعض أعماله في تزيين الدراجات النارية وصيانتها، بالإضافة إلى ظهوره خلال أوقات فراغه في البث المباشر للإجابة عن أسئلة وطلبات المتابعين المتعلقة بالصيانة أو الزينة.

“أبو عبدو”، كما يحب أن يناديه الناس، أشاد بالإقبال الذي لاقاه عبر التطبيق، إذ وصل الطلب على قطع الزينة التي يستخدمها إلى عدة ولايات تركية، حتى فاق الوصول توقعاته عندما بدأ سوريون من ألمانيا والسويد محادثته لشحن بعض أنواع الزينة لسياراتهم.

لا تقتصر جنسية زبائن رجب على السوريين فقط، إذ يشهد محله إقبال عديد من الأتراك أيضًا لصيانة دراجاتهم النارية أو لإضافة زينة إليها، بعد إعجابهم أيضًا بالدراجات المزيّنة، لكنهم يفضّلون حسب رجب وضع عدد محدود من قطع الزينة، مثل الملصقات والإضاءة الملونة على عكس معظم السوريين.

وعلى الرغم من دور وسائل التواصل في انتشاره، يرجع الشاب السوري سبب نجاحه الأول إلى محبته مهنة تصليح الدراجات النارية وبعدها هواية تزيينها منذ صغره، قائلًا، “من شبّ على شيء يحبه، يبقى محفورًا في ذاكرته، ويزيد من خبرته مع الممارسة، ودليل نجاحي إقبال الناس”.

دراجة نارية مزينة من قبل السوري رجب مبروك في ولاية غازي عنتاب التركية – 19 كانون الأول 2021 (أبو عبدو النعيمي / يوتيوب)

“للغاوين بس”

يُعنون رجب بعبارة “للغاوين بس” عدة مقاطع مصوّرة ضمن قناته، ترويجًا لعمله أو لبعض قطع الزينة التي أحضرها حديثًا.

وتشتهر هذه الجملة بين عشاق تزيين “الموتورات”، وخصوصًا الحلبيين منهم، وكلمة “غاوي” باللهجة الحلبية تعنى الشخص الذي يحب “الغوى”، وهو الذي يعني بذات اللهجة المستحضرات التجميلية، في تشبيه زينة الدراجات النارية لها.

ويعترف رجب بوجود انتقادات تخص كثرة وضعه “إكسسوارات” للدراجات النارية، لكنه يبرر ذلك بأنه يعمل وفق طلب الزبون، وهو أمر خاضع لاختلاف الأذواق، فمنهم من يفضّل “الزينة الخفيفة” على حد تعبيره، ومنهم من يحبذ كثرتها.

وتحتاج هذه الهواية إلى جانب إبداعي عند ممارسها، فبالإضافة إلى تنسيق مكان وألوان قطع “الإكسسوارات” على “الموتور”، يصمم “أبو عبدو” عبارات لاصقة توضع على الدراجة، تنم عن الأخلاق الحميدة، أو خواطر تعبر عن مشاعر الشخص، مثل “يا بحر حزني أكبر من همّك”، و”أنغام الرعب”، و”ربّي أعطهم كما يتمنون لي”.

العمل الإبداعي يحتاج إلى وقت أطول يزيد على أوقات الصيانة، وهناك بعض “الإكسسوارات” بحاجة إلى إضافة قطع داعمة لتركيبها، وهو ما يستهلك وقتًا إضافيًا أيضًا، بحسب رجب، الذي قدّر زمن إنجاز “زينة خفيفة” لدراجة نارية بيومين من العمل، بتكلفة تقريبية تتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف ليرة تركية.

ويعيش اللاجئون السوريون في تركيا أوضاعًا اقتصادية صعبة، إذ قالت الأمم المتحدة، إن أكثر من 70% من اللاجئين يعيشون في فقر، وهم معرضون للاستغلال وسوء المعاملة في بلدان اللجوء.

وتعاني تركيا أزمة اقتصادية أفقدت ليرتها أكثر من 28% من قيمتها خلال عام 2022، وفقًا لموقع “Doviz” المختص بتتبع العملة التركية، وأدت هذه الأزمة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة من إيجار المنزل إلى أسعار المواد الغذائية، في حين لم يوازِ الغلاء ارتفاع أجور السوريين الذين يأخذ بعضهم راتبًا أقل من الحد الأدنى للمعاشات.

وعلى الرغم من هذه الأزمة الاقتصادية، وازديادها مؤخرًا تحت تأثير كارثة الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، يعتبر عديد من اللاجئين السوريين مسألة تزيين دراجاتهم النارية من الأولويات.

وعزا رجب اهتمام السوريين بتزيين مركباتهم إلى محبتهم لها، وإعادة ذكريات رحلاتهم التي كانوا يذهبون إليها في سوريا بدراجتهم النارية، التي كانت مُزيّنة بشكل مشابه.

دراجة نارية مزينة من قبل السوري رجب مبروك في ولاية غازي عنتاب التركية – 19 كانون الأول 2021 (أبو عبدو النعيمي / يوتيوب)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة