إيران تستخدم الأرض السورية ضد إسرائيل.. قواعد اشتباك جديدة

camera iconمدرعة إسرائيلية بالقرب من الحدود السورية (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

يشير التصعيد الأخير بين مجموعات عسكرية في لبنان وسوريا من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، إلى تغييرات محتملة في قواعد الاشتباك بين إسرائيل وأطراف في المنطقة، بعد تعرض مناطق في الجولان السوري المحتل لقصف صاروخي مصدره سوريا ولبنان، تبعه قصف إسرائيلي.

خبراء وباحثون تحدثوا لعنب بلدي عن “رسائل سياسية إيرانية” قد تنذر بتوتر متصاعد قادم إلى المنطقة.

في 9 من نيسان الحالي، أعلن سلاح الجو الإسرائيلي أن طائراته قصفت أهدافًا داخل الأراضي السورية، شملت مجمعًا عسكريًا تابعًا لـ”الفرقة الرابعة”، وأنظمة رادار عسكرية ومواقع مدفعية تستخدمها القوات المسلحة السورية.

وجاء الاستهداف ردًا على صواريخ أُطلقت من سوريا باتجاه الجولان السوري المحتل، لم تخلّف أضرارًا، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

ولم ينتهِ الرد الإسرائيلي عند هذا الحد، إذ قصف الجيش الإسرائيلي مواقع في الجنوب السوري، وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية، منها “القناة 13“، عن أن الضربات استهدفت مقرًا تابعًا لماهر الأسد، قائد “الفرقة الرابعة”، وشقيق بشار الأسد.

الباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، قال لعنب بلدي، إن الصواريخ التي أُطلقت من الأراضي السورية حملت معها “رسائل سياسية”، ولم تكن لغرض إحداث أضرار عسكرية، إذ شكّلت خرقًا في معادلة “الردع” التي تحاول إسرائيل خلقها في المنطقة المحاذية لسوريا ولبنان.

وأضاف أن إيران أوصلت رسالتها التي تضمنت “توحيد ساحات المقاومة” في سوريا ولبنان، خصوصًا أن القصف الصاروخي جاء عقب أيام من قصف مشابه مصدره لبنان، تزامنًا مع آخر مصدره فصائل فلسطينية متمركزة في قطاع غزة.

قدور قال إن التصعيد جاء بعد أشهر قليلة من زيارة قائد “فيلق القدس”، إسماعيل قاآني، إلى لبنان، تبعتها زيارة إلى سوريا في شباط الماضي.

وتهدف استراتيجية “توحيد ساحات المقاومة” إلى توزيع الضغط العسكري على جبهة طويلة في حال حدوث تصعيد ضد إيران في سوريا ولبنان، بحسب قدور.

وكان الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، دعا إلى تشكيل “جبهة موحدة للدول الإسلامية” لدعم فلسطين ومعارضة إسرائيل، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون.

القواعد تغيرت

محلل الشؤون الدولية الإيراني رحمن كهرمانبور قال حول المواجهة بين إيران وإسرائيل في مقابلة مع صحيفة “اعتماد” الإيرانية، إن شدة ونطاق الحرب غير المباشرة بين إسرائيل وإيران يتزايدان باستمرار.

وكانت هذه المواجهة في الماضي محصورة فقط في محيط إسرائيل وداخل إيران، في حين امتدت الآن إلى البحر الأحمر والخليج العربي وحتى البحر الأبيض المتوسط.

وتزداد حدة هذه المواجهة تدريجيًا، بحسب كهرمانبور، ويزداد تواترها وعدد مرات تكرارها ويتسع نطاقها بشكل مستمر أيضًا، بحسب المحلل.

ويرى المحلل السياسي الإيراني حسن مرهج، أن الهدف الأول من هجوم إسرائيل على سوريا هو “إدخال أمريكا في المعادلة”، خصوصًا أن إسرائيل تُركت وحيدة في مواجهة إيران، إلى جانب مطامح تل أبيب بنقل الأزمة الداخلية إلى الخارج.

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الموالي لتيار “المقاومة والممانعة”، شرحبيل الغريب، قال في مقال رأي عبر موقع “الميادين“، إن إسرائيل بدت خلال التصعيد الأخير “كمن بلع المنجل”، معتبرًا إطلاق الصواريخ من جبهة لبنان “تخطيطًا ذكيًا محكمًا”، وما تبعه من إطلاق صواريخ من سوريا يعطي “مؤشرًا قويًا” على أن “محور المقاومة” اتخذ قرارًا بـ”تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل”.

التوقيت مهم

تزامنت الاستهدافات الصاروخية مع تصعيد في القدس المحتلة منتصف شهر رمضان، إذ عادة ما تحدث مواجهات في عيد “الفصح اليهودي”، إذ يقوم المستوطنون باقتحام ساحات الأقصى، وممارسة طقوس خاصة داخل الحرم القدسي.

وعادة ما تتطور الاقتحامات ومنع المصلين المسلمين من دخول الأقصى إلى معارك تطلق فيها الفصائل الفلسطينية الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، وينتهي التصعيد بعد أيام أو أسابيع إثر تدخل وساطات إقليمية.

وزاد في اشتداد المواجهات مؤخرًا، وجود حكومة إسرائيلية متطرفة، إذ وصفت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، الربع الأول من العام الحالي بأنه “الأكثر دموية” في فلسطين منذ بداية الألفية الثالثة، إذ وُثّق مقتل 94 شخصًا.

وقالت الكيلة في تصريحات، في 3 من نيسان الحالي، إن التصعيد “دليل على أن حكومة اليمين المتطرف تسعى لإثبات ذاتها وتصدير أزمتها على حساب الدم الفلسطيني”.

ودعا وزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، لإعادة سياسة التصفيات في قطاع غزة، وفق هيئة البث الإذاعي الإسرائيلي (مكان).

وعلى خلفية التصعيد الإسرائيلي، ذكر حساب “غزة الآن” الإخباري المحلي، في 8 من نيسان الحالي، أن 44 صاروخًا أُطلقت من غزة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

احتمالات الصدام المباشر

لم تهدأ الاستهدافات المتبادلة بين إيران وإسرائيل في سوريا منذ مدة طويلة، إذ نفذت إسرائيل سبع غارات جوية خلال آذار الماضي وتسعًا أخرى منذ بداية العام الحالي داخل سوريا، بحسب موقع “monitor” الأمريكي، بينما اعترضت إسرائيل طائرة مسيّرة قادمة من سوريا، إلى جانب محاولة تسلل أحد المرتبطين بإيران إلى داخل أراضيها.

القصف الإسرائيلي أسفر عن مقتل ضباط بـ”الحرس الثوري الإيراني” في سوريا، وفق بيان نقلته وكالة “تسنيم” عن العلاقات العامة في “الحرس”.

ونقلت وكالة “رويترز”، في 2 من نيسان الحالي، عن مصدرين استخباريين غربيين لم تسمِّهما، أن إسرائيل قصفت موقعًا يضم عناصر من “حزب الله” المدعوم من إيران إلى جانب مقاتلين إيرانيين، في قاعدة “4T” الجوية غربي مدينة تدمر، ومطار “الضبعة” العسكري الواقع قرب مدينة القصير.

الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، رجح أن المؤشرات تتجه إلى توسيع نطاق السلاح الإيراني المستخدم في التصعيد، ما سيفرض قواعد اشتباك جديدة، وتصعيدًا عسكريًا أكبر، وبسلاح جديد، وقد نشهد توغلًا بريًا إسرائيليًا محدودًا في محافظة القنيطرة ضد أهداف إيرانية، وبناء على الردود الإيرانية سيكون حجم التصعيد المتبادل بين الخصوم.

المختص في الشأن الإيراني ضياء قدور، يرى أن رد فعل إسرائيل الحالي على الاستهدافات الأحدث، سيحدد طبيعة الصراع بين الجانبين في المنطقة، لكن بطبيعة الحال، لا تزال الأحداث بعيدة عن الاتجاه نحو صدام مباشر بين الجانبين.

 

ما الخيارات الإسرائيلية؟

الباحث مصطفى النعيمي يرى أن مسار “الردع العسكري الإسرائيلي” في المنطقة لا يزال مستمرًا، وربما ستلجأ إسرائيل مستقبلًا إلى توسيع نطاق أهدافها للوجود الإيراني في سوريا.

وقال إن إسرائيل تعمل عبر مسارين متلازمين، هما مسار “التهدئة” من خلال رسائل الردع، ومسار “تطوير الجهد الاستخباراتي الجوي والأرضي”، من خلال استثمار جهود العملاء الذين يحددون الأهداف الإيرانية بعناية فائقة.

قناة “I24 news” الإسرائيلية قالت عقب التصعيد الأحدث، إن الحدود الشمالية لإسرائيل على وجه الخصوص، كانت في حالة تأهب مؤخرًا، حيث ألقي باللوم في الضربات الجوية الأخيرة على إسرائيل التي ضربت أهدافًا مدعومة من إيران في سوريا.

ونقلت القناة عن مدير منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، أمير أفيفي، قوله، “إن إيران منخرطة بعمق في كل ما يتعلق بالضفة الغربية وغزة والحدود الشمالية في محاولة لزعزعة استقرار الوضع في إسرائيل”.

أفيفي أشار إلى أن “التهديد الأكبر” هو تقارب الجبهات، معتبرًا أن الحدود اللبنانية “أكثر خطورة”، و”حزب الله”، يعتبر أكثر جرأة بتنفيذ هجمات، ورجح أن يكون منفذ الهجوم بالعمق الإسرائيلي، في آذار الماضي، عبر من لبنان.

واعتبر أن إسرائيل تتعامل مع غزة وكأنها جزء من الجيب الفلسطيني، لكن الحقيقة هي أنها “معقل إيراني”، وتبعية “حماس” هي لإيران مثل “الحوثيين” في اليمن، وأضاف أن لإسرائيل “الدراية والقدرات للتعامل مع هذه التهديدات”.

إسرائيل في سوريا

منذ منتصف 2022، تعمل آليات عسكرية إسرائيلية على إنشاء وتعبيد طريق داخل الأراضي السورية، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في محافظة القنيطرة، ورصدته كاميرات مراسلين إسرائيليين خلال فترات زمنية مختلفة، أحدثها في تشرين الثاني 2022، عندما نشرت قناة “كان 11” الإسرائيلية تقريرًا تضمّن تسجيلات مصوّرة من داخل الأراضي السورية.

ودخلت قوات من الجيش الإسرائيلي إلى داخل الأراضي السورية منتصف 2022، بقوة عسكرية مؤلفة من ست دبابات من نوع “ميركافا” وجرافتين عسكريتين يرافقهما عدد من الجنود لمراقبة الحدود والآليات، وذلك لتشييد طريق حمل اسم “سوفا 53”.

وأفاد مراسل عنب بلدي في القنيطرة، أن الآليات الإسرائيلية مستمرة بعملها في تعبيد الطريق حتى اليوم، وبلغ عمق العمل داخل الأراضي السورية كحد أدنى نحو 100 متر، بينما وصل في مناطق أخرى إلى كيلومتر واحد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة