“المقاومة الشعبية”.. شرعنة النظام السوري لهجمات إيران ضد أمريكا

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد خلال لقائه رئيس هيئة "الحشد الشعبي" في العراق صالح الفياض- 16 شباط 2023 (سانا)

tag icon ع ع ع

تصاعدت حدة الهجمات العام الحالي على القواعد الأمريكية في سوريا، وبالتحديد في شمال شرقها، وتبنّت بعض هذه الضربات ميليشيات إيرانية يصفها النظام السوري بـ “المقاومة الشعبية”.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية، إن 23 جنديًا أمريكيًا أصيبوا في سوريا بصدمات دماغية خلال هجومين نفذهما “متشددون مدعومون من إيران” على مواقع أمريكية في شمال شرقي سوريا في آذار الماضي.

وبحسب بيان صادر عن “القيادة”، في 14 من نيسان الحالي، رصدت 11 حالة جديدة لصدمات دماغية خفيفة جراء الهجمات الإيرانية في 23 و 24 من آذار الماضي.

وأضاف البيان، أن 23 من الجرحى الذين أصيبوا نتيجة الهجمات الأخيرة، تم تشخيص حالاتهم على أنها صدمات دماغية خفيفة، لافتًا إلى أن الفرق الطبية تواصل فحص وتقييم الجنود لرصد أي مؤشرات على الإصابة بهذه الصدمات، وأدت الهجمات، إلى مقتل متعاقد أمريكي وإصابة آخر، وإصابة 25 جنديًا أمريكيًا بجروح مختلفة.

وفي 11 من نيسان الحالي، استهدف هجوم صاروخي قاعدة التحالف الدولي في موقع حقل “كونيكو للغاز”، شمال شرقي سوريا، دون أنباء عن أضرار، لترد قوات التحالف بقصف المواقع التي انطلق منها الهجوم، والتي تقع ضمن نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

“شبكة نهر ميديا” المحلية قالت إن مجموعة من ثلاثة أشخاص، يعتقد بانتمائهم لميليشيات موالية لإيران، قصفت من بادية بلدة جديدة عكيدات الخاضعة لسيطرة “قسد” قاعدة التحالف في حقل “كونيكو”.

ولدى الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا، بهدف محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، مع دعمها لـ “قسد” وفق تصريحات مسؤوليها.

شرعنة للهجمات

تبنت جماعة مسلحة موالية لإيران الهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية شرقي الحسكة بطائرة مسيّرة، وأسفر عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة جنود آخرين في آذار.

وأعلنت الجماعة العسكرية التي تطلق على نفسها اسم “لواء الغالبون”، في 26 من آذار، عن مسؤوليتها عن الهجوم على القاعدة الأمريكية، مرفقة المنشور بتسجيل مصوّر يظهر لحظة إطلاق الطائرة، ومتوعدة بالمزيد من الهجمات حتى خروج القوات الأمريكية.

صحيفة “تشرين” الحكومية، احتفت بهذا الهجوم والهجمات التي تبعته عبر نشرها لثلاث مواد في 30 من آذار الماضي، أرجعت فيها الهجمات لـ “المقاومة الشعبية”، على حد وصفها، متوقعة أن يستمر التصعيد من قبلها حتى رحيل القوات الأمريكية.

وفي نهاية العام الماضي، قالت وزارة الخارجية السورية، إن طرد القوات الأمريكية من الأراضي السورية “ليس أمرًا بعيد المنال مع الضربات التي توجهها المقاومة الشعبية لهذه القوات والرفض المستمر لوجودها”.

وجاء ذكر “المقاومة الشعبية” على لسان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في مقابلة مع وكالة “روسيا سيغودنيا” عام 2020، كخيار أخير لطرد القوات الأمريكية من سوريا في حال لم تقبل بالانسحاب.

الباحث في الشأن الكردي ورئيس مركز “رامان للبحوث والاستشارات”، بدر ملا رشيد، قال لعنب بلدي، إن استخدام مصطلح “المقاومة الشعبية”، هي محاولة لإضفاء صفة شرعية على هذه الهجمات.

ويرى ملا رشيد أن إطلاق هذه الصفة هو أمر متفق عليه بين النظام وإيران، بالأخص في ظل وجود محاولات عربية للتطبيع مع النظام، مع غياب قدرة الأخير على مواجهة الوجود الأمريكي شرقي سوريا، لذا يحاول أن يرمي الكرة في ملعب العشائر والقبائل العربية في المنطقة، ويعطي للمتحالفين منهم مع الميليشيات الإيرانية ضوءًا أخضرًا للقبول بتنفيذ العمليات.

وتعود الزيادة في الهجمات الإيرانية على القواعد الأمريكية في سوريا، وفق الباحث السوري، بجزء منها لعملية نقل إيران لحالة الاستهداف من العراق إلى سوريا، بعد اتفاق الفرقاء العراقيين على تشكيل حكومة موالية بالكامل لإيران في العراق.

وبجزء آخر يعود سبب التصاعد للخلاف الإيراني- الأمريكي في موضوع البرنامج النووي الإيراني، وتراجع واشنطن عن الاتفاق، واستمرار الضغوط الإسرائيلية على حلفاء وأذرع إيران في سوريا.

وفي لقاء أجرته وكالة “تسنيم” الإيرانية، في 11 من أيلول 2021، مع القيادي في “لواء الباقر” الذي أشارت إليه بأنه “إحدى أذرع المقاومة الشعبية في منطقة الجزيرة السورية”، قال عمر الحسين الحسن، إن “المقاومة” تنظر إلى “قسد” على أنها إحدى أدوات “الاحتلال الأمريكي” في المنطقة الشرقية.

وفي دلالة على حجم ارتباط “المقاومة الشعبية” المزعومة بإيران، قال القيادي، إن “الإيرانيين كانوا السند الصادق لنا في محاربة (داعش) ومقاومة جيش الاحتلال الأمريكي وميليشيات (قسد)”.

نقل تجربة “الحشد الشعبي”؟

تشكلت هيئة “الحشد الشعبي” العراقي من فصائل مسلحة منتصف عام 2014 استجابة لفتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد سيطرته على أربع محافظات شمالي وشمال غربي البلاد واقترابه من حدود بغداد.

وفي 11 من حزيران 2014، أعلنت اللجنة الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء العراقي حينها، نوري المالكي لإدارة أزمة هجوم تنظيم “الدولة”، عن تشكيل أفواج من المتطوعين تحت اسم “الحشد الشعبي” لدعم الأجهزة الأمنية، وتشكيل “مديرية الحشد الشعبي” كهيئة مستقلة.

وفي تشرين الثاني عام 2016، صدّق مجلس النواب العراقي على قانون “هيئة الحشد الشعبي”، لإضفاء صيغة قانونية على وضع قواته باعتبارها مساندة للجيش مع الحفاظ على هويتها وخصوصيتها.

وتقدر أعداد الحشد بعشرات الآلاف من فصائل مختلفة أغلبها شيعية كمنظمة “بدر”، وكتائب “حزب الله” العراقي، و”عصائب أهل الحق”، وحركة “النجباء”، كما يضم حشودًا عشائرية سنية وفصائل مسيحية مثل “كتائب بابليون”، وأيضًا “سرايا السلام” التابعة لزعيم التيار “الصدري”، مقتدى الصدر.

وتحاول ميليشيات “الحشد الشعبي”، الانتشار في سوريا، وهو ماعززته كارثة الزلزال في شباط الماضي، وفق تقرير معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، الذي قال إن “الحشد الشعبي” وبتفويض رسمي من الحكومة العراقية، استطاع نشر قواته في سوريا تحت غطاء أنشطة الإغاثة الإنسانية، بعد أن كانت تأتي سابقًا دون غطاء قانوني.

الباحث في الشأن الكردي ورئيس مركز “رامان للبحوث والاستشارات”، بدر ملا رشيد، قال إن إيران تستمر في محاولات خلق “قوى فصائلية” في عموم سوريا، وذلك لكي تعطيها مرونة التحكم واستهداف الأطراف المعارضة لها، وقد حاولت منذ عامين بدء خطوات فاعلة في هذا الاتجاه عبر استقبال شخصيات وشيوخ عشائر مناصرين للنظام في طهران.

وانخرطت إيران في محاولات تشكيل قوة شبيهة بـ”الحشد” في المنطقة، لكنها لم تنجح بشكل فعلي في ظل استمرار الولايات المتحدة بتقديم دعم قوي وفعال لـ”قسد”، وفق ملا رشيد، الذي يرى أن سيطرة “قسد” على مناطق انتشار “الدفاع الوطني” في القامشلي والحسكة أدى لصعوبة تطور هذه الميليشيات مع انعدام مساحات جغرافية واسعة تحت سيطرة النظام.

ومن جانب آخر يعتقد ملا رشيد أن انخراط إيران في مشروع كهذا سيبقى في حدود ممارسة ضغط يثبت وجودها، كما أنها لا ترغب أن تعكر مثل هكذا خطوة العلاقة الجيدة بين الأطراف المتحالفة معها وبين “قسد”، وبالأخص على خط الحدود العراقية- السورية.

وعن مدى انتشار تأثير “المقاومة الشعبية” بين أهالي المنطقة، قال الباحث في الشأن الكردي إنه ليس هناك “تأثير فاعل” حتى الآن لما يسمى بـ”المقاومة الشعبية” في المنطقة، كونها تعرضت “لتغيّرات كبيرة” في هوية الأطراف المسيطرة عليها خلال الاعوام الممتدة من 2012 حتى 2018.

ومع عمليات النزوح الكبيرة وعدم وضوح زمن عودة النظام لها، يحاول من تبقى من موالي النظام في مناطق شرقي الفرات الحفاظ على ما تبقى لديهم من مكتسبات، وفق ملا رشيد.

وشُكّلت “المقاومة الشعبية” في الرقة منتصف عام 2018، بحسب ما أعلنته عبر “فيس بوك”، قائلة إنها تعمل على “انتفاضة الرقة ضد مشروع الاحتلال الأمريكي”.

وذكر تقرير لمركز “حرمون للدراسات”، في 6 من نيسان الحالي، أن إيران لا تهتم بخسائرها البشرية من الوكلاء المحليين، بقدر ما تهتم بفقدان القيادات من الجنسية الإيرانية والخبراء الفنيين “الثمينين”، وأن أي ردود فعل أمريكية متحفظة، يمكن أن تعدها القيادة الإيرانية من مؤشرات الضعف في استراتيجية الولايات المتحدة، ومن ثم تشجعها على الدفع بمزيد من العمليات العدائية، بتكاليف أعلى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة