المشكلات الأكثر شيوعًا بين المتزوجين.. ما حلولها

tag icon ع ع ع

صفوان قسام

يظن بعض الشبان والشابات أن الحياة الزوجية حياة وردية تخلو من المشكلات، وخصوصًا عندما تُبنى على الحب، وهذا الاعتقاد الخطير بقدر ما يكون دافعًا لهم للانخراط في تجربة الزواج، بقدر ما يكون محل إحباط وخيبة أمل في الفترة الثانية عند ظهور المشكلات بعد انتهاء الفترة الأولى.

تسمى هذه الفترة “شهر العسل”، وهو اسم اشتُق من كونها فترة فيها شغف قوي بالآخر، وإغداق بالمشاعر وانخراط في العلاقة الحميمية مع خلوها من المشكلات نوعًا ما، خصوصًا عند الفئات الشابة من المتزوجين حيث تكون الهرمونات والنواقل العصبية غزيرة، لأن البنية لا تزال فتية والحالة العقلية مرنة، وتتحكم بالمشاعر والانجذاب نحو الطرف الآخر فتسيطر على ردود الفعل وتدفع لتجاوز المشكلات، على عكس من يتزوجون في سن متقدمة، حيث يكونون أكثر حساسية لتلك المشكلات لكنهم أكثر نضجًا في معالجتها، ثم بعد حالة الإشباع الأولى تبدأ هذه العلاقة بالدخول في حالة من الاعتياد تظهر فيها أمور كانت مخفية أو تم تجاهلها.

ويواجه المتزوجون عديدًا من المشكلات التي تختلف من شخص لآخر، وتعتمد على عوامل متعددة، مثل الثقافة والقيم والتوجهات الشخصية، ومن أشيعها ضعف التواصل، ما يؤدي إلى عدم فهم الاحتياجات والرغبات والمشاعر بشكل صحيح، ويمكن أن يكون السبب ناتجًا عن عدم وجود مهارات التواصل، أو الضغوط اليومية، أو الانشغال بالتزامات أخرى.

ومن المشكلات أيضًا نقص الثقة، التي قد تنشأ نتيجة للخيانة الزوجية، أو الأكاذيب المتكررة، أو تجارب سابقة سلبية في العلاقات.

والاختلافات في الأهداف المشتركة والتوقعات المستقبلية، كأن يرغب أحدهم في إنجاب أطفال، بينما يرغب الآخر في التركيز على الحياة المهنية، ثم ضغوط الحياة المهنية والمالية، ما يؤدي إلى نقص الوقت المخصص للتفاهم والتواصل بين الشريكين.

ومن بين المشكلات صراعات الأدوار والمسؤوليات، بسبب الاختلافات في التوقعات بشأن من يقوم بالمهام المنزلية أو الرعاية الأسرية مثلًا.

عدم علاج المشكلة ضمن إطارها وتعميمها على العلاقة، من بين المشكلات أيضًا، إذ يقوم أحد الزوجين عند حصول مشكلة ما بتعميم تصرف الشريك على حياته كلها فيقول له أو لها: “إنت كل عمرك هيك”، هذه العبارة كفيلة بأن تدفع الشريك ليفتح موضوعًا قديمًا يبرهن فيه أنه ليس “كل عمره هيك”، وهنا تبدأ مناقشة الموضوع القديم الذي غالبًا لن يوصل إلى حل لأنه لم يُحل سابقًا، وهكذا يتعطل التواصل بينهما في كل مشكلة جديدة، وتصبح المشكلات ثقيلة جدًا عليهما، وتتراكم الخلافات دون حل حتى تتحول الحياة إلى جحيم، ويشيع هذا السيناريو كثيرًا لدى من لا يمتلكون مهارات في التواصل وحل المشكلات.

إلا أن هذه المشكلات تبقى ضمن إطارها الطبيعي حتى يقوم الزوجان بعلاجها بطرق خاطئة، كالصمت وعدم التواصل، وقد يتجاهل الأزواج المشكلات أو يخفونها ولا يتحدثون عنها، ما يؤدي إلى تراكم الغضب والاحتقان داخل العلاقة، أو تبادل الاتهام واللوم دون أن يتحمل كل منهما مسؤولية جزئه في المشكلة، أو الانسحاب والهروب عن طريق الانشغال بأنشطة أخرى أو الابتعاد عن الحوار، أو العنف اللفظي أو الجسدي في بعض الحالات الشديدة، أو التهرب والتجاهل عن طريق الانشغال بالعمل أو الأصدقاء أو الأنشطة الترفيهية، ما يؤدي إلى تجاهل القضايا الحقيقية التي تحتاج إلى حل، وهذا ما يزيد من تعقيد الموقف وتعميق الانقسام بين الشريكين.

بينما تحتاج هذه المشكلات إلى طرق مغايرة من أجل حلها، كإنشاء بيئة آمنة ومفتوحة للتحدث بصراحة وصدق، واستخدام مهارات التواصل الفعال، كالاستماع النشط والتعبير عن الأفكار والمشاعر بوضوح واحترام، والتعاون والعمل المشترك لحل المشكلة، وبناء الثقة من خلال الصدق والوفاء بالالتزامات، وتبادل الاحترام والتقدير لوجهات نظر الشريك وقيمه، وتجنب الإهانة أو الانتقادات الجارحة، والتفكير بالحلول الإبداعية خارج الصندوق، والاستعانة بأفكار جديدة ومبتكرة للوصول إلى حلول تناسب الجميع، وعدم مناقشة المشكلات القديمة أو التطرق لها، أو التعميم على الشريك، أو التوقع والتأمل منه.

ومن المهم أيضًا إعطاء الشريك مساحته الخاصة وحريته، فذلك جزء مهم من العلاقة الصحية والمتوازنة بين الزوجين، ويُعتبر الاحترام لخصوصية الشريك وحقه في امتلاك وقته ومساحته الخاصة أساسيًا في بناء الثقة وتعزيز العلاقة، وهو يعني أن تحترم احتياجاته الشخصية، وتسمح له بوقت للتفكير والاسترخاء وممارسة الأنشطة التي يستمتع بها بمفرده، من خلال الاتفاق على تحديد بعض الوقت والمساحة الشخصية لكل منهما، حيث يمكن لكل شريك أن يمتلك وقتًا للاستمتاع بأنشطته الشخصية المفضّلة أو للتأمل أو الاسترخاء، مع الموازنة بينها وبين تفاعل وتواصل الزوجين كزوجين، حيث لا يجب أن تتحول إلى انعزالية تامة أو تجاهل لاحتياجات الشريك الآخر.

ويمكن الاستعانة بالمساعدة الخارجية إذا كانت المشكلة معقدة أو صعبة التعامل، كاستشارة الاختصاصين بالعلاقات الزوجية، إذ يمكن أن يساعدوا في فهم الديناميكيات المختلفة التي تؤثر على العلاقة الزوجية، وتقديم الأدوات والمهارات اللازمة لحل المشكلات وتحقيق التوازن.

وهنا يجب أن نشير إلى وجود فروق بين مواقف الرجال والنساء عندما يتعلق الأمر بعرض مشكلاتهم الأسرية على اختصاصي علاقات اجتماعية، هذه الفروق قد تنبع من العوامل الاجتماعية والثقافية والنمط الشخصي لكل منهما. بشكل عام، يميل الرجال في بعض الثقافات إلى أن يكونوا أقل طلبًا للمساعدة الاستشارية أو العلاجية، ويفضّلون التعامل مع المشكلات بشكل فردي أو محاولة حلها بأنفسهم، وهذا قد يرتبط بالتوقعات المجتمعية للرجال بأنهم يجب أن يكونوا قادة أقوياء ومستقلين.

بينما تكون النساء أكثر ميلًا للبحث عن المساعدة الاستشارية والعلاجية عند مواجهة مشكلات زوجية، وقد ينبع هذا من قدرة النساء على التعبير عن مشاعرهن بسهولة أكبر، ورغبتهن في العمل على تحسين العلاقة والوصول إلى حلول.

وفي الحديث عن مقومات العلاقة الزوجية السليمة، يجب الانتباه إلى أن أهم مقومين في العلاقة ولا فارق بين أهميتهما، إن وُجدا استمرت وإن فُقدا انهارت، ونقص أحدهما يزعزعها، وهما الثقة والاحترام المتبادل، يشمل ذلك احترام الآراء والقيم الشخصية للشريك، وتوفير بيئة آمنة ومحببة للتعبير عن الأفكار والمشاعر دون خوف من الانتقام أو الإهانة.

ثم يأتي التواصل الصحيح والفعّال بين الزوجين كأحد أهم مقومات العلاقة الزوجية السليمة، كالاستماع الجيد دون مقاطعة، والتعبير بصراحة واحترام، والتواصل المفتوح بشأن الاحتياجات والمشاعر، والتفاهم والتعاطف في الأوقات الصعبة، وتفهم المشاعر والاحتياجات، والموازنة بين الحياة الشخصية والزوجية، والدعم المتبادل، والمرونة والقدرة على التكيف.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة