تحقيق صحفي: إيطاليا تجاهلت استغاثة قارب لجوء قبل غرقه

بقايا حطام قارب كان يقل لاجئين تحطم على السواحل الإيطالية (AFP)

camera iconبقايا قارب كان يقل لاجئين تحطم على السواحل الإيطالية (AFP)

tag icon ع ع ع

نشر موقع “Light house reports” تحقيقًا صحفيًا قال فيه، إن السلطات الإيطالية و”وكالة الحدود الأوروبية” (فرونتكس) تجاهلتا استغاثة أطلقها قارب كان يقل نحو 200 لاجئ على مقربة من حدود إيطاليا، ما أدى إلى غرقه متسببًا بوفاة 94 شخصًا بينهم 35 طفلًا.

وأشار التحقيق المنشور اليوم، الجمعة 2 من حزيران، وترجمته عنب بلدي، إلى أن قاربًا خشبيًا تحطم، في 26 من أيار الماضي، بالقرب من شاطئ بلدة كوترو في إقليم كالابريا بإيطاليا، كان على متنه نحو 200 شخص، معظمهم لاجئون من أفغانستان.

تبادل اتهامات

ونتج عن تحطم القارب وفاة ما لا يقل عن 94 شخصًا، من بينهم 35 طفلًا، علمًا أن “فرونتكس” رصدت القارب المحمّل باللاجئين قبل ست ساعات من تحطمه الفعلي، خلال معاناته من سوء الأحوال الجوية.

وبينما صدمت أعداد الوفيات بالقرب من الشاطئ الإيطالي كلًا من سلطات البلاد وأوروبا، ألقت “فرونتكس” والسلطات الإيطالية كل منهما باللوم على الآخر، بحسب التحقيق.

من جانبها، قالت “فرونتكس”، إن القارب “لم يظهر عليه أي علامات استغاثة”، معتبرة أن الأمر متروك لإيطاليا لتقرر ما إذا كانت ستبدأ عملية إنقاذ أم لا.

من جانبها، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، إن السلطات الإيطالية لم تكن تعرف أن القارب على وشك الغرق، ولم تتدخل لأن “فرونتكس” لم ترسل إليها أي “اتصال طارئ”.

“هل يعتقد أي منكم أنه كان بإمكان الحكومة الإيطالية أن تنقذ حياة 60 شخصًا، بمن في ذلك طفل يبلغ من العمر حوالي ثلاث سنوات تم العثور على جثته اليوم، ولم يحدث ذلك؟” أضافت ميلوني.

وبحسب التحقيق، فإن كلًا من السلطات الإيطالية وقيادة “فرونتكس” كانا على علم بأن القارب يظهر علامات استغاثة عندما شوهد لأول مرة قبل ست ساعات من تحطمه، لكنهما قررتا مع ذلك عدم التدخل، ثم حاولتا إخفاء مدى معرفتهما.

وثائق سرية مسربة

التحقيق أشار إلى “تقارير سرية مسربة” (تسجيل مصوّر) عن مهمة “فرونتكس” حصل عليها “Light house reports”، كشفت عن أن طائرة تديرها وكالة الحدود أبلغت عن علامات استغاثة لكل من الوكالة والسلطات الإيطالية قبل ساعات من الرحلة.

وحذر المشغلون من “رياح قوية” في البحر الأيوني، ثم اكتشفت “فرونتكس” القارب عن طريق تتبع مكالمات هاتفية متعددة عبر الأقمار الصناعية أجراها أشخاص على متنه على مدار اليوم.

ويُظهر سرد مفصل لمكالمات اللاجئين أن “فرونتكس” كانت تعلم احتمالية أن يكون القارب يقل لاجئين فعلًا دون سترات نجاة، وكانت هناك “استجابة حرارية كبيرة” من السطح السفلي للقارب، ووفقًا للمكتب الصحفي لـ”فرونتكس”، يعد هذا مؤشرًا على وجود عدد “غير عادي” من الأشخاص على متن القارب.

ويشكّل سوء الأحوال الجوية والافتقار إلى سترات النجاة والاكتظاظ على قارب ما “علامات محنة”، بموجب القواعد البحرية الخاصة بوكالة الحدود الأوروبية وإيطاليا، لكن السلطات البحرية لم تبدأ عملية البحث والإنقاذ بعد الحطام.

وبحسب شهادات أوردها التحقيق لناجين من القارب، فإن محامي بعض عائلات الضحايا يخططون لرفع دعوى قضائية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قائلين إنه يجب تحميل إيطاليا المسؤولية عن “الانتهاك غير القابل للإصلاح بحق المهاجرين”.

قانون إيطالي ضد الهجرة

في 5 من أيار الماضي، صدر قانون في إيطاليا لتقويض حقوق المهاجرين وإمكانية حصولهم على إقامات، بالإضافة إلى بعض الخدمات الأخرى، وأُطلق اسم “كوترو” على القانون نسبة إلى بلدة كوترو في إقليم كالابريا بأقصى جنوب شبه الجزيرة الإيطالية، حيث غرق نحو 80 مهاجرًا نهاية شباط الماضي كانوا قادمين من تركيا.

نُشر نص القانون في الجريدة الرسمية بإيطاليا حينها، وتضمن مجموعة من الإجراءات التي “تقوّض حقوق المهاجرين” حسب انتقادات معارضي القانون.

ويرمي قانون “كوترو” إلى جعل الحصول على إقامة “الحماية الخاصة” أكثر صعوبة، إذ صارت تُمنح لشريحة محدودة ممن “يعانون أمراضًا شديدة جدًا ولا يمكن معالجتها بطرق مناسبة في البلدان الأصلية”.

وأدخل القانون نوعًا جديدًا من الجرائم هو “القتلى والجرحى جراء تهريب المهاجرين غير الشرعيين”، وتصل عقوبة المهربين إلى السجن 30 عامًا في حال وفاة أحد المهاجرين أو عدد منهم لدى عبورهم البحر المتوسط.

ويشدد القانون أيضًا العقوبات بحق كل شخص “يحفز ويوجه وينظم ويموّل وينقل الأجانب إلى الأراضي الإيطالية”.

وحمل القانون الإيطالي بندًا يتيح للسلطات الاحتفاظ بالمهاجرين ممن اعتُبروا “غير شرعيين”، لفترات أطول داخل مراكز الاحتجاز، إذ إن المدة القصوى للاحتجاز 135 يومًا.

وتريد الحكومة الإيطالية بناء “مركز احتجاز للترحيل” في مناطق البلاد، إذ تملك حاليًا عشرة مراكز تتسع لـ1500 شخص.

وحدّثت إيطاليا لائحتها للبلدان الآمنة بموجب القانون، إذ يمكن إعادة المهاجرين إليها، ومن بينها نيجيريا والجزائر والسنغال والمغرب وتونس وغامبي ضمنها.

وسيكون استقبال المهاجرين ضمن “نظام الاستقبال والإدماج” (Sai) مخصصًا فقط لمن حصلوا على صفة “لاجئ” وليس لطالبي اللجوء، ولم يعد نظام “Sai” يكفل إمكانية الوصول إلى الخدمات القانونية والاجتماعية والصحية والتربوية كدروس اللغة الإيطالية للبالغين والإدماج المدرسي للقصّر كما كان سابقًا.

وبحسب قانون “كوترو”، هناك عدد محدد للإقامات التي ستمنح في السنوات الثلاث المقبلة، فعلى سبيل المثال، ستمنح 82 ألف تأشيرة في عام 2023.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة