الإعلام الجديد ينظّم نفسه

شبكات ومجموعات عمل للنهوض بالمؤسسات الإعلامية إداريًا وتنظيميًا

camera iconالاجتماع التأسيسي لرابطة الصحفيين السوريين - عنب بلدي.

tag icon ع ع ع

لم تقتصر المرحلة الجديدة من عمر الإعلام السوري على إصدار الصحف وإطلاق الإذاعات والمواقع الإلكترونية، بل تعدت ذلك إلى دخول القائمين على هذا الإعلام في مرحلة جديدة باتجاه تطوير تجاربهم، وهي تأسيس مجموعات وكيانات مشتركة للعمل الجماعي، تشكل بيئة للتعاون ولتبادل الخبرات بين المؤسسات الجديدة، وتخلق فرصًا جديدة للدعم والتدريب، وتؤدي بطبيعة الحال إلى تنظيم العمل الإعلامي وزيادة درجة تأثيره في الجمهور السوري.

 تأسيس أول أرشيف للمطبوعات السورية

أمام الزخم الكبير لوسائل الإعلام الجديدة، وزيادة عدد المشاريع الصحفية، لا سيما المطبوعة منها، وجدت الحاجة لتأسيس أرشيف يجمع إصدارات المؤسسات وينظمها ويضعها بين أيدي القراء والباحثين والمهتمين بها، بشكل منظم وعملي.

“أرشيف المطبوعات السورية” (syrianprints.org) مشروع قيد التطوير أنشأته مؤسسة عنب بلدي مطلع العام 2013، كأحد مشاريع حفظ الذاكرة السورية، بعيدًا عن تجربتها الخاصة في الصحافة السورية، كجريدة مطبوعة وموقع إلكتروني.

ويقول القائمون على الأرشيف أنه يقدم خدمات وميزات تستهدف، بالإضافة إلى جمهور القراء، الإعلاميين والباحثين والمنظمات الدولية والمحلية المهتمة بمراقبة ودعم الصحافة السورية.

وقد جمع الأرشيف حتى منتصف أيار الحالي أكثر من 6500 عدد، احتوت على ما يزيد عن 95 ألف صفحة، يعتقد مديرو المشروع أنها “وثائق مهمة تؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ سوريا”.

كما أصدر الأرشيف مجموعة أوراق بحثية اعتمدت منهجية الرصد والتتبع لأبرز ما تناولته الصحف السورية أثناء تغطية أحداث ومواضيع بارزة في الموضوع السوري، في محاولة لتحليل أداء الصحف الجديدة في تناول القضايا المختلفة.

ومن أبرز الأهداف التي وضعها الأرشيف في صفحة التعريف على الموقع الإلكتروني، “تشجيع التواصل والتعاون بين الأفراد والمؤسسات المعنية بإصدار الصحف السورية” و”أرشفة وتبويب الصحف الصادرة في مرحلة الثورة السورية بكل متغيراتها وتطوراتها للحيلولة دون ضياعها، ما يسهم في حفظ التاريخ السوري وتشكيل ذاكرة السوريين”.

ائتلاف من خمس صحف لتشكيل الشبكة السورية للإعلام المطبوع

اتحدت خمس صحف محلية (جديدة)، تحت مسمى “الشبكة السورية للإعلام المطبوع”، وهي صحف صدى الشام، وعنب بلدي، وسوريتنا، وكلنا سوريون، وتمدن، بهدف توحيد طاقات الصحفيين، وتوفير الجهود من أجل خلق أكبر قدر ممكن من التأثير في الجمهور، بعدما تباينت مستويات تأثير وسائل الإعلام الجديد، وفي ظل عدم وجود معايير لقياس مستويات التأثير أصلًا، ما يتسبب بهدر كم كبير من الجهود دون طائل.

التجربة الجديدة التي انطلقت منتصف العام 2014، تمكنت من تحقيق الأهداف التي وضعها بيان التأسيس بين الصحف المشاركة، عبر تبادل الخبرات وتغطية النقص الحاصل بين الكوادر وأعداد الطباعة، فضلًا عن مقاطعة الأفكار بين إدارات هذه الصحف وابتكار أدوات جديدة ومنتجات تعزز وجود هذه الصحف وتعمل على تطويرها. كما ساهمت صحف الشبكة في إنتاج ميثاق “شرف” للإعلاميين السوريين، الذي يعد أهم الوثائق المهنية التي أنتجها الإعلام السوري الجديد.

في أيلول الماضي، فتحت الشبكة باب الانضمام إليها بغية تعزيز حضورها، وزيادة عدد المؤسسات المستفيدة من خدماتها، لا سيما في الطباعة والتوزيع، فضمت كلًا من جريدة “زيتون”، التي يصدرها إعلاميون من محافظة إدلب، ومجلة “عين المدينة” الناطقة باسم محافظة دير الزور.

إطلاق “ميثاق شرف” لضبط جودة الإعلام الجديد 

لطالما اشتكى العاملون في الإعلام الجديد، وكذلك الصحفيون الأكاديميون ومعهم المراقبون، من غياب الضوابط والأخلاقية التي تحكم عمل هذه المؤسسات، ما تسبب بتدني جودة المنتج الإعلامي، وأدى إلى عشوائية التناول والطرح لكثير من القضايا في الشأن السوري، على مدار السنوات الخمس الماضية. ولوضع حد لهذا “الاستنزاف” في الطاقات والجهود، أطلقت نحو 20 مؤسسة إعلامية جديدة بين صحف وإذاعات وموقع إلكترونية في أيلول 2015 “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين”، الذي يهدف لضبط الخطاب الإعلامي ورفع مستوى مهنيته ليكون مساهمًا جديًا في بناء المجتمع السوري الجديد، وفق ما جاء في الميثاق.

يعتبر حسين برو، رئيس هيئة الميثاق، أن إعلان إطلاق الميثاق هو بداية للعمل الحقيقي لمأسسة الإعلام في سوريا، فيما اعتبر رئيس رابطة الصحفيين، رياض معسعس، في حديثٍ سابق إلى عنب بلدي، أن الميثاق هو الأول من نوعه منذ تأسيس الدولة السورية، بعد هيمنة أنظمة الحكم على سير الإعلام وفرض الوصاية عليه.

واستمرت النقاشات بين الإعلاميين والصحفيين الذين أعدوا الميثاق نحو عامين، تضمنت نقاشات مستفيضة حول مبادئ المواثيق العالمية ومقاربتها مع الحالة السورية، وأفضت إلى ثماني مواد أساسية تشكل الجسم الرئيسي له.

“تخوين” الإعلام.. وأجندات المنظمات الدولية الداعمة

كثيرة هي المنظمات التي دخلت على خط دعم الإعلام السوري الجديد، ووفرت المال والمعدات وورشات التدريب والتطوير والسلامة المهنية للعاملين في هذا المجال، من ناشطين وصحفيين داخل سوريا وخارجها، لكن حالة من عدم الرضا تشق صف الإعلاميين السوريين باختلاف قدراتهم المهنية وخبراتهم حيال هذه المنظمات، هذا الاختلاف مستوحى من فكر المؤامرة الذي ينشده النظام السوري في معرض تبريره لما يتعرض له من ثورة شعبية تريد اقتلاعه.

المؤامرة التي يراها عدد من الصحفيين والمراقبين، والتي تسعى هذه المنظمات للخوض فيها من أجل تحقيق غايات محددة، تنفيها عدد كبير من هذه المؤسسات الإعلامية الجديدة، والتي تقول إن حدود المنظمات محصورة في إطار توفير الدعم المادي لضمان الاستمرارية، والمشورات والدورات التدريبية لتطوير وتأهيل الكوادر، وينفي هؤلاء بشكل قاطع أن يكون للداعمين والمنظمات أي دور في توجيه الصحف والإذاعات، أو تغيير سياساتهم التحريرية لخدمة أجندات معينة، وأن ما تقدمه المنظمات من دعم يندرج في إطار التنمية الدولية، وذلك في إطار برامج دعم تحددها حكومات دول لتنمية الإعلام وقطاعات أخرى خدمية وصحية في دول العالم الثالث، وما الحالة السورية إلا نموذج ينطبق عليه ذلك، مؤكدين أنه مع أي تغيير سياسي مقبل في المشهد السوري فإن هذه المنظمات ستغير بوصلتها بالتأكيد وتوجه الدعم إلى دول أخرى، بعد أن تكون استفادت كثيرًا من التجربة السورية.

ويرى عدد من العاملين في حقل الإعلام الجديد، أن فكرة “تسييس الدعم” موجودة، لكنها لا تطبق في الحالة السورية إلا فيما ندر، ولا توجد تجارب واضحة أو ظاهرة معروفة يمكن الأخذ بها كمثال على أن الدعم هو المتحكم بمفاصل العمل في مؤسسة ما.

وينطلق من يجاهر بالقول إن الدعم هو تبعية بأي شكل من الأشكال، من باب أن الممول هو المتحكم، وبالتالي ينفي هذا صفة “الوطنية” عن الإعلام، لكن هناك من يقول إن إعلام النظام السوري كان قبل الثورة يتلقى تمويلًا، ويخضع العاملون فيه لبرامج دعم وتدريب وتأهيل ممولة من منظمات دولية وكانت في الغالب أوروبية، وهي معظمها الآن تدرّب إعلاميي وصحفيي الإعلام الجديد، أي أن المسألة لم تختلف كثيرًا.. فكيف يكون الإعلام هناك وطنيًا وفي حالة الإعلام السوري الجديد غير ذلك؟

رابطة للصحفيين السوريين “مع وقف التنفيذ”

ضمت رابطة الصحفيين، منذ تأسيسها عام 2012، عددًا من الصحفيين السوريين، أملًا من القائمين على هذا المشروع في تأسيس رابطة حقيقية تمثل الصحفيين فعلًا، وهي تضم اليوم نحو 350 صحفيًا من مختلف المناطق السورية في الداخل والخارج، ما يعتبر أكبر تجمّع لهم في الإعلام الجديد.

سجلت الرابطة في فرنسا منذ تأسيسها، لكنها إلى الآن لم تتمكن من التسجيل في تركيا رغم أن لها مكتبًا رئيسيًا في مدينة غازي عنتاب التركية.

وسعت إلى سد الفراغ بعدما انسحب صحفيون إلى جانب الثورة منها، وعملت على تشكيل نظام داخلي من أجل تأسيس تكتل مستقل يضم الصحفيين السوريين ويخاطب الجهات الدولية، لكن الرابطة إلى الآن لم تتمكن من الانضمام إلى الاتحاد الدولي للصحفيين بسبب اتخاذها منهجًا معاديًا للنظام السوري، إذ تنص قوانين الانتساب للاتحاد على أن تكون المنظمة أو الرابطة محايدة كونها نقابة مهنية لا شأن لها بالسياسة.

خلال الفترات الماضية سادت النقابة أجواء من التوتر بين أعضائها على خلفية مشكلات سياسية وخلفيات مرتبطة بالأحداث في سوريا، وقد أثرت على الرابطة ككل، فانسحب عدد من الصحفيين والإعلاميين الذين انضموا إليها مع بداية تأسيسها.

عملت الرابطة منذ تأسيسها على إعداد أنظمة داخلية وتأسيس لجان عضوية وعقدت مؤتمرها العام الأول،  في كانون الأول 2014،  كما أسست مركزًا للحريات الصحفية يصدر تقريرًا شهريًا، مختصًا بالانتهاكات بحقّ الصحفيين السوريين.

الدورة الحالية للرابطة تنتهي في شهر تموز، وستجرى انتخابات عامة جديدة لانتخاب هيئة إدارية جديدة، لكنّ صحفيين وناشطين سوريين يقلّلون مما قدمته الرابطة لهم، رغم أنها تقدم نفسها على أنها جامعة لهم.

وحول ما يقال عن أن الرابطة لا تقدم شيئًا للصحفيين، ردّت ميساء حسين، عضو مجلس إدارة الرابطة، “هذا كلام عام، حاولت الرابطة منذ تأسيسها أن تكون كيانًا جامعًا للصحفيين السوريين وأن تكون بديلًا عن اتحاد الصحفيين التابع للنظام، وقد وضعت أنظمة وقوانين داخلية وتضم في عضويتها صحفيين في الداخل والخارج”.

تابع قراءة ملف: الإعلام “البديل” في “الغربال”.. تحسّس رؤوس مع انطفاء بريق الداعمين

الصحافة الورقية الجديدة.. طفرة ما بعد الثورة

هل مؤسسات الإعلام الجديد “غير وطنية”؟

دور الإعلام السوري الجديد “ملتبس”

“إعلام جديد” مقابل تنظيم “داعش” والنظام

الإعلام السوري الجديد في “غربال” المنظمات الداعمة

منظمات دولية دعمت الإعلام السوري الجديد

تأثير في مناطق المعارضة.. وغياب عن “مناطق النظام”

درعا.. تجارب إعلامية محلية تشوبها “المناطقية” وتنقصها الخبرات

“حلب اليوم” تلفزيون “ثوري”.. ينقد الثورة

الإذاعات السورية.. صراع من أجل البقاء ومسيرة يعرقلها “مزاج الداعم”

مرحلة “تحسس” رؤوس.. هل يستمر الإعلام الجديد؟

تجربة شبكة أبراج.. الأولوية “ليست للعمل الجماعي

تجارب إعلامية تتأسس في الحسكة بعد ارتخاء قبضة النظام

“شام”.. أقدم شبكة إعلامية في الثورة بدون تمويل

استمرارية الإعلام السوري الجديد على المحك

ناشطون: الإعلام الجديد.. يشبه كل السوريين “الأحرار”

تطور آليات التوظيف في المؤسسات الإعلامية الجديدة

الوضع القانوني شرط أساسي لاستدامة المؤسسات

 تجارب جديدة في التمويل الذاتي.. “التفكير خارج الصندوق”

شبكات ومجموعات عمل للنهوض بالمؤسسات الإعلامية إداريًا وتنظيميًا

إعلاميون: “الإعلام الجديد” سيقود القاطرة في سوريا

لقراءة الملف كاملًا في صفحة واحدة: الإعلام “البديل” في “الغربال”.. تحسّس رؤوس مع انطفاء بريق الداعمين




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة