رشاوي ومواد أولية.. علاقات مالية بين الشركة الإسمنتية و"داعش"

“لوموند”: شركة “لافارج” الفرنسية دفعت أموالًا لتنظيم “الدولة”

مصنع لافارج الإسمنتي قرب مدينة عين العرب (إنترنت)

camera iconمصنع لافارج الإسمنتي قرب مدينة عين العرب (إنترنت)

tag icon ع ع ع

قالت صحيفة “لوموند” إن الفرع السوري لشركة “لافارج” الفرنسية لصناعة الإسمنت قدم أموالًا لتنظيم “الدولة الإسلامية” بين العامين 2013 و2014، كضمان لاستمرار عمل المصنع.

ويقع مصنع “لافارج” الإسمنتي في قرية “جلبية” الواقعة قرب مدينة عين العرب (كوباني)، وإلى الشمال الغربي من بلدة عين عيسى في محافظة الرقة، على طريق حلب- الحسكة، واشترته الشركة الفرنسية عام 2007 من شركة “أوراسكوم” المصرية.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية، في عددها الصادر الثلاثاء 21 حزيران، أن قيمة المصنع قدّرت حين شرائه بحوالي 600 مليون يورو، وهو ما جعله المشروع الأكثر أهمية في الاستثمارات الخارجية لـ “لافارج”، وهي أضخم شركة إسمنتية في العالم.

واضطرت “لافارج” إلى منح نسبة من أسهم الشركة إلى رجل الأعمال السوري المقرب من النظام آنذاك فراس طلاس، تماشيًا مع القانون السوري، وأطلق على الفرع السوري اسم “Lafarge Cement Syria”.

الشركة تورطت مع التنظيم

وسردت الصحيفة ذائعة الصيت في فرنسا وقائع تورط الشركة في تقديم أموال للتنظيم، ابتداءً من ربيع عام 2013، حينما كان الأخير بصدد بسط سيطرته التدريجية على محيط المصنع، فضلًا عن الطرق المؤدية إليه في المنطقة.

وكان المصنع ينتج بوتيرة اعتيادية حتى عام 2013، ولم يتأثر بالاحتجاجات ضد النظام في آذار 2011، وتولّت قوات الأسد حمايته حتى صيف 2012 عندما انسحبت من المنطقة، لتتكفل “وحدات حماية الشعب” الكردية بهذه المهمة. وابتداءً من العام 2013، بدأت وتيرة إنتاج المصنع في التراجع، ما جعل أسعار الإسمنت ترتفع بشكل كبير في السوق السوداء، بحسب “لوموند”.

ويعود التعامل بين “لافارج” وتنظيم “الدولة” إلى الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 2013 و2014، بحسب الصحيفة، حين سيطر التنظيم على مدينة الرقة وبعدها مدينة منبج التي تبعد عن المعمل نحو 65 كيلومترًا، فبدأت الشركة تبحث عن ضمانات لتأمين طرق الشاحنات والعمال.

وسيط أردني والإدارة تعلم

فاستعانت الشركة الفرنسية بدايةً بخدمات شخص أردني يدعى أحمد جلودي، بعثته الإدارة إلى مدينة منبج مستهل العام 2013، ليتولى تأمين اتصالات مع مسؤولي التنظيم وأمرائه المتواجدين في الرقة المجاورة، وتقول “لوموند” إن جلودي لا يوجد له أثر في سجلات الشركة كمسؤول رسمي، لكنه ورغم ذلك كان يتوفر على حساب إلكتروني باسم “لافارج”.

وعمل الرجل الأردني على ترتيب أمور “لافارج” مع التنظيم، ودفع “أتاوات” له مقابل تصاريح ممهورة بختم “الدولة الإسلامية”، تتيح لشاحنات المصنع المرور عبر حواجزه العسكرية، وكذلك السماح لشاحنات الوقود بالوصول إلى المصنع وإمداده، بما يكفي لضمان اشتغال الآلات والصهاريج الإسمنتية، بحسب الصحيفة.

وذكرت “لوموند” أنها حصلت على نسخ من رسائل إلكترونية متبادلة بين جلودي والمدير العام للفرع السوري للشركة، فريديريك جوليبوا، الموجود في العاصمة الأردنية عمان، وتتعلق بالتحويلات المالية اللازمة لـ “رشوة التنظيم”، وكانت الرسائل تصل إلى مدير أمن الشركة في باريس، جان كلود فييار، ما يثبث أن إدارة “لافارج” كانت موافقة على التعاون مع التنظيم وتمويله بطريقة غير مباشرة عبر “الأتاوات”، بحسب تعبيرها.

قناة ثلاثية من داخل الشركة

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن “لافارج” كانت تشتري النفط من تجار على علاقة بالتنظيم، فضلًا عن بعض المواد الأولية اللازمة للإنتاج مثل “الجبصين والبوزولان” من مناطق محاذية لمدينة الرقة، وأضافت أن شخصًا يدعى أحمد جمال، وهو تاجر من مواليد الرقة، كان الوسيط الأساسي بين جلودي ومسؤولي التنظيم، بالإضافة إلى شخص آخر يدعى محمود الخالد، وهو مقرب من النظام السوري، وكان يتولى منصب مدير الإنتاج بالمصنع.

وحصل أحمد جمال على مبالغ مالية من “لافارج”، عبر تحويلات مالية إلى حساب مصرفي في بيروت، يملكه الدكتور عمرو طالب، وهو يشتغل رسميًا مستشارًا لشركة “لافارج”، وهو رجل أعمال سوري حاصل على الجنسية الكندية، ويبلغ 28 عامًا، وتخرج من جامعة “هارفارد” الأمريكية، ويملك شركة للتصدير والاستيراد مقرها في مدينة غازي عنتاب التركية، بحسب “لوموند”.

وخلصت الصحيفة إلى أن تفاهمات “لافارج” مع التنظيم كانت تمر عبر قناة ثلاثية: محمود الخالد (مدير الإنتاج) وأحمد جمال (المموّن الرئيسي) وعمرو طالب (المنسق المالي)، وأكدت ان هؤلاء الثلاثة واصلوا التعاون مع “داعش” حتى 19 أيلول 2014، حين استولى التنظيم على مقر المصنع، ما دفع “لافارج” الفرنسية للتخلي عنه، رغم محاولات عمرو طالب بإعادة فتحه.

في شباط 2015، دمّر تنظيم “الدولة” نحو 80% من المصنع، عبر تفخيخ شبكة أنفاق الكهرباء الخاصة فيه، وبعد أن سحب معظم الآلات وما يمكن حمله، ليعود إلى سيطرة “وحدات حماية الشعب” في ذات العام، وتتركز بالقرب منه وحدات أمريكية تقدّم دعمًا للفصائل الكردية في المنطقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة