no image
tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 76 – الأحد 4-8-2013
8
قرر زوجها أن يفاجئها في عيد زواجهما الثامن بهدية تسر خاطرها، وتعيد بريق الحياة إلى عينيها الذابلتين كلما أبصرت أولاد الحي يلعبون ويمرحون، إذ تراقبهم وقلبها ينبض أسى، متضرعة إلى الله أن يهبها طفلًا يُدخل البهجة إلى قلبها وقلب زوجها.
خرج الزوج في طريقه إلى السوق، وقد عقد نيته أن يشتري لزوجته خاتمًا مرصعًا بالفضة، وقميصًا كان في خاطرها، إذ لم ترفع عينيها عنه يوم اصطحبها إلى السوق، ولعلمها بحال زوجها كبتت رغبتها في نفسها إلى أجل غير مسمى، لكن زوجها أحس بما يختلج صدرها، فأرادها أن تكون مفاجأة سارة لرفيقة دربه، بعد أن أخبرها الطبيب المختص أنه لا أمل من متابعة العلاج، وبعد أن باءت محاولة الإنجاب الاصطناعي بالفشل، لم يعد أمامها سوى الاستسلام للقدر.
أوقفه أحد الحواجز، وطالته يد الغدر، لتقطّع أوصاله، وأراقت دمه على الأرض، ثم أخذوا مقتنياته الشخصية وفتحوا جواله، قرأوا آخر رسالة وصلته إنها من زوجته، إذ كتبت فيها: «حبيبي أنت وينك، غلي قلبي عليك، طوّلت كتير مالك بالعادة… ليش ما عم ترد علي لما أدقلك… لا تشغل بالي أكتر… طمني عليك بتعليمة إذا أنت بخير… أحبك».
تُراه هل شعر أن درب الوصول لحبيبته مستحيلًا؟ وهل انتابه إحساس أنه لن يلبسها الخاتم في إصبعها، ولن يبصر الفرحة في عينيها عندما يقدم لها ذاك القميص الذي حلمت به ذات يوم ليس ببعيد؟ هل كان على علم أنه لن يحتفل بعيد زواجهما الثامن، وهل كان يدري أن الفرحة التي كان يود أن يهبها لزوجته ستستحيل إلى فاجعة كبيرة؟
اتصال هاتفي من رقم الزوج يَرِد إلى الزوجة التي ترتعد خوفًا «ألو…السيدة سميرة؟ وجدنا لك عدة مكالمات فائتة على هذا الجوال، فمن تكونين لصاحبه»، وعندما أخبرتهم بصلة القرابة قالوا لها: «نودّ أن نهنئك بنيل زوجك شرف الشهادة لأن المسلحين الإرهابين قد قتلوه، ورموا بجثته الطاهرة الزكية عند حاجز الأربعين».
الطريق إلى حاجز الأربعين الواصل بين دمشق ومناطق الغوطة الغربية مرورًا بالسومرية، يزخم بالعديد من الحواجز والآليات العسكرية لقوات الأسد، وعدد كبير من عناصر الأمن المدججين بكامل عدتهم وعتادهم، مع ذلك تمكنت العناصر المسلحة -كما زعموا- أن تجتاز كل الحواجز، وتصل بيدها لتأسر الزوج، وتقطّع أوصاله.
تقول الزوجة «ثم تابعوا سلسة إيلامي إذ أرسلوا لنا جثة زوجي، ووضعوا مع الجثة الهدية التي اشتراها لي يومها، وورقة كتبوا عليها (حظ أوفر)».
ويبقى حاجز الأربعين يشكل هاجس الخوف عند شباب مدينة داريا النازحين إلى المناطق المجاورة، إذ قام الحاجز منذ أكثر من سبعة أشهر بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق المدنيين، واعتقال عدد كبير من شباب المدينة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة