الشراء بالغرام.. سكان إدلب يقتصدون في التمور خلال رمضان

يغيب التمر عن مائدة صالح بعد مرور 20 يومًا من شهر رمضان، إذ أجبرته الحالة المالية المتردية على التخلي عن التمر الذي اعتاد توزيع عدة حبات منه لكل فرد من أسرته وقت الإفطار، خلال الأعوام الماضية.

قال صالح الصايغ (42 عامًا) وهو مهجر يقيم في مدينة إدلب، إنه لم يكن يتخيل سفرة الإفطار في رمضان دون وجود التمر، نظرًا لارتفاع سعره مقارنة بدخله إذ يعمل بالمياومة في أعمال البناء، ولا تتجاوز الأجرة اليومية 100 ليرة تركية في أحسن الأحوال (ثلاثة دولارات).

وأضاف لعنب بلدي أن انخفاض أجور العمال يقابله ارتفاع بأسعار المواد الغذائية، ما أربك حسابات العائلة، ووضعها في حيرة ومحاولة لاقتصاد التكاليف وتأمين طبخة للإفطار قدر المستطاع.

ويتشابه حال صالح مع 80% من سكان شمال غرب سوريا، والذين يعملون بأجرة يومية تصل في أحسن الأحوال إلى 100 ليرة تركية، وهذا مبلغ زهيد لا يكفي لإعداد وجبة إفطار بسيطة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص.

بدورها أرجعت ربة المنزل هديل الحسن (35 عامًا) وتقيم في مدينة إدلب غياب التمور عن سفر الإفطار، إلى تراجع توزيع السلل الإغاثية، والتي كانت تحتوي عدة أصناف أطعمة من ضمنها التمور.

وقالت لعنب بلدي، إن هذا العام كان استثنائيًا على عائلتها المؤلفة من خمسة أشخاص، وذلك لعدم حصولها على أي سلة إغاثية لأسرتها، إذ كانت لا تشعر بعبء شراء التمر سابقًا من خلال الحصول عليه من المساعدات.

أسعار مرتفعة

بحسب جولة لمراسل عنب بلدي في أسواق إدلب، فإن سعر كيلوغرام التمر من النوع المتوسط (المقبول) يبلغ 50 ليرة تركية، أي نصف أجرة يومية العامل.

ويبلغ سعر كيلو الرطب السعودي 80 ليرة والطلب عليه قليل جدًا، أما الأنواع الفاخرة فتنتشر في المدينة تمور باسم “عمي الحاج” وسعر الكيلو 150 ليرة، و”الخضري” بـ170 ليرة، و”الراجحي” بـ375 ليرة، و”الصقعي” ولون الحبة شقراء بـ450 ليرة.

مصطفى صغير، وهو عامل في مجمع “أبو أوس الاستهلاكي” في إدلب، قال لعنب بلدي إن مبيعات التمر تراجعت بنسبة 50% هذا العام مقارنة بعام 2023، وبات الزبائن يشترون الكميات بالغرام وهو أمر غير معتاد.

وذكر أن أصحاب المحال وتجار المواد الغذائية بادروا لإجراء عروض على التمور، ووصل سعر الكيلو منها إلى 30 ليرة تركية، وذلك للتشجيع على الشراء وبيع الكميات لديهم، لافتًا إلى أن الأصناف الفاخرة راكدة وتباع لعدد محدود من الزبائن “ذوي الدخل المرتفع”، على حد قوله.

أما محسن الصعيدي، وهو تاجر مواد غذائية في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي إن تردي الأحوال المعيشية أدى إلى تراجع تجارة التمور، وخلق تغييرًا في عادات الشراء لدى السكان، منها شراء نصف أو ربع كيلوغرام من التمر. 

ويعتبر التمر أحد أهم أصناف الأطعمة الحاضرة على سفرة الإفطار، واعتاد السوريون على شراء كميات وافرة منه، لكن سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية أدى إلى تراجعه أو حتى غيابه أمام قائمة احتياجات أساسية للعائلات.

ويسكن شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، منهم 4.1 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.