ارتفاع أسعار النقل و"اللكعة" وتلاعب ببطاقات الدور

فلاحون يشتكون معوقات تسليم القمح في القامشلي

camera iconشاحنات القمح في القامشلي حزيران 2023 (مجد السالم عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مجد السالم

أمام أحد مراكز تسلّم الحبوب في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، اصطفت عشرات الشاحنات خلف بعضها على امتداد عدة كيلومترات، بانتظار السماح لها بتفريغ حمولتها من القمح، بعضها تنتظر منذ يومين.

المزارع حسين الجواد (50 عامًا) من ريف بلدة جزعة، قال لعنب بلدي، إن الازدحام أمام مراكز التسلّم يسبب له خسائر كبيرة وزيادة في المصاريف مع كل ساعة تأخير.

حسين واحد من مئات الفلاحين شمال شرقي سوريا ممن ينتظرون موسم القمح، الذي يعدّ محصولًا استراتيجيًا في سوريا.

يشحن حسين إنتاجه من القمح بإحدى سيارات الشحن نوع “إنتر”، من ريف جزعة إلى مركز تسلّم صوامع القامشلي.

وينص الاتفاق مع صاحب الشاحنة على 150 دولارًا كأجور للشحن، ولكن بعد يومين من الانتظار على الدور، يضطر لدفع 50 دولارًا عن كل يوم تأخير.

لا تتوقف متاعب حسين على الانتظار وزيادة الأجور، بل تمتد إلى اضطراره للنوم داخل الشاحنة في بعض الأحيان، وهو أمر متعب ومرهق للمزارعين الذين يخشون من سرقة محصولهم من الشاحنات.

وطالب حسين “الإدارة الذاتية” بتسريع إجراءات تسلّم المحصول من المزارعين وفتح مزيد من المراكز.

لا رقيب على التسعيرة وكلها بالدولار

أحمد جلال، مزارع من ريف تل حميس الجنوبي، قال لعنب بلدي، إنه واحد من عدد من المزارعين الذين دفعوا 500 دولار أجور شحن.

“لا توجد تسعيرة محددة من قبل الجهات المعنية” تجبر اصحاب الشاحنات بأنواعها (إنتر، قاطرة، قاطرة ومقطورة) على الالتزام بها، قال المزارع.

الأمر متروك لأصحاب الشاحنات وسيارات الأجرة لتحديد الأسعار بشكل “كيفي”، وفق أحمد، الذي اتهم أصحاب الشاحنات باستغلال المزارع وحاجته إلى بيع محصوله بأسرع وقت، فزيادة الطلب على سيارات الشحن خلال الأيام الحالية، صعّب من إمكانية إيجاد وسيلة نقل تستطيع أن تتفاوض معها على سعر الشحن.

ويشترط السائقون أن يكون الدفع بالدولار حصرًا، وبشكل مسبق قبل تسلّم فاتورة المحصول، حتى وإن كان ذلك يجبر المزارعين على استدانة “مصاريف الشحن”.

المزارع طالب بتشكيل لجنة من قبل “الإدارة الذاتية “، مكوّنة من اتحاد الفلاحين ومكتب النقل ورئيس نقابة سائقي الشاحنات والرقابة والتموين، لتحديد سعر الشحن حسب المسافة وحسب “لكعة الشاحنة” (بالعامية تسمى مدة انتظار الشاحنة أمام مراكز التسلّم بـ”اللكعة”، وقد تكون يومًا أو اثنين حسب فترة التأخير، ويدفع المزارع لصاحب الشاحنة أجرة لكل يوم).

وحددت “هيئة الزراعة التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، في 16 من أيار الماضي، أجور الشحن بالليرة السورية خلال الموسم الزراعي ما يعادل 60 دولارًا للمسافة بين كيلومتر وعشرة كيلومترات، على أن يزيد المبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية لكل كيلومتر واحد بعد المسافة المحددة.

فيما حددت “اللكعة” بمبلغ 50 ألف ليرة سورية عن كل يوم تأخير على المزارع والصوامع.

ووصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية إلى تسعة آلاف، حسب موقع الليرة اليوم المتخصص.

الشاحنات للنقل والحراسة

سائقون قالوا لعنب بلدي، إن أجور النقل التي يتفقون عليها مع المزارعين هي “طبيعية ومناسبة إلى حد ما”، ومن الأفضل أن تكون بالدولار لأن كل المصاريف التي تحتاج إليها سياراتهم هي بالدولار، وكون المزارع سيأخذ قيمة فاتورته بالدولار أيضًا.

إبراهيم، وهو أربعيني صاحب شاحنة لنقل الحبوب، قال لعنب بلدي، إن عملية شحن الحبوب والوقوف في طابور الانتظار عدة أيام في حر الصيف أمر مرهق ومتعب جدًا للسائقين، الذين يتعرضون لكثير من المخاطر خلال فترة الانتظار خصوصًا في ساعات الليل.

وأضاف أن بعض السائقين تعرضوا للابتزاز من قبل بعض “البلطجية وهم في حالة سكر” ضمن مدينة القامشلي، وأخذوا أكياسًا من القمح بالتهديد، دون أن تكون هناك دوريات حراسة تحمي السيارات المتوقفة على امتداد عدة كيلومترات، لذلك من حق أصحاب الشاحنات أن يأخذوا التسعيرة المتفق عليها، لأنهم يعملون حراسًا على القمح إلى جانب عملية النقل.

تلاعب وفساد

المزارع إبراهيم، اتهم القائمين على مراكز تسلّم الحبوب بالفساد، والتلاعب بعملية “الدور”، مشيرًا إلى أن هناك سوقًا سوداء لبيع بطاقات الدور، إذ تصل قيمة البطاقة إلى نحو 500 ألف ليرة سورية.

وقال إن اختلاف نوعية سيارات الشحن يؤثر أيضًا على سرعة تفريغ الحمولة، فالشاحنات “القلاب” تفرغ حمولتها أسرع من تلك التي تحتاج إلى عملية تفريغ بالعمال، وهذا أيضًا يطيل مدة الانتظار في الطابور.

من جهتها، نفت “الإدارة الذاتية” وجود أي تصريح ينص على عدم تسلّم محصول القمح، على أن تُصدر تعميمًا من مديرية النقل لتفادي “استغلال المزارعين في أثناء تسويق محاصيلهم”، وذلك في اجتماع للهيئة الرئاسية للمجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية”، عقد في 7 من حزيران الحالي.

وبحسب “هيئة الزراعة والري” التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، فإن كمية القمح المتسلّمة بلغت 200 ألف طن، وتوقعت وصول الكمية هذا العام إلى مليون طن، بعد 14 يومًا منذ بدء عمليات التسلّم، وإن ذلك جرى دون عوائق.

وحددت “الهيئة” 25 مركزًا موزعًا على جغرافيا شمال شرقي سوريا لتسلّم محصول القمح من المزارعين بسعر 43 سنتًا للكيلوغرام الواحد، مع مراعاة نظام الدرجات.

وتوجد في ناحية المالكية عدة مراكز، هي بروج، وتل علو، وكر زيارات، والقحطانية، وتل معروف، والقامشلي، وعامودا، وحطين، وكبكا، والحسكة، وصباح الخير.

وتوجد في ريف دير الزور مراكز “سبعة كيلو” وهجين، وفي منطقة الرقة مراكز سلحبية، وكالطة، وبدر، وكبش، وشنينة، والرافقة، وفي منطقة الطبقة مركز صوامع “البو عاصي”، بالإضافة إلى مركز منبج، وفي عين العرب صوامع روفي، وجلبية، وصرين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة