“كيرة والجن”.. الاحتلال الإنجليزي لمصر بعين السينما

tag icon ع ع ع

يقدّم الفيلم المصري “كيرة والجن” حضورًا مختلفًا في السينما المصرية على مستوى القصة والمعالجة، وتوظيف الأدوات لخدمة الفكرة التي يتمحور حولها العمل.

يركز العمل على تقديم معالجة “غير تاريخية” أو “غير توثيقية” لحدث مؤثر في تاريخ مصر المعاصر، وهو ثورة عام 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي، فينوه صنّاع العمل إلى أن الفيلم مستوحى من أحداث حقيقية، دون اعتباره وثيقة تاريخية في الوقت نفسه.

وعلى الرغم من أن الفيلم يمتد لساعتين و45 دقيقة تقريبًا، لكن كثافة الأحداث واتساع المرحلة التي يحاول الإضاءة عليها تجعل الزمن يفلت سريعًا من المشاهد، سيما وأن الفيلم يدخل سريعًا في صلب الحكاية، فيبدأ بمذبحة “دنشواي” التي ارتكبتها القوات الإنجليزية في قرية تحمل الاسم ذاته، في ريف محافظة المنوفية، غربي الدلتا.

وبعد وخلال تصوير انتهاكات القوات الإنجليزية، واعتداءاتها التي لا تتوقف بحق المدنيين وأبناء الريف، تتكون نواة مقاومة محلية وأهلية، من سبعة أشخاص، يقودهم أحمد عبد الحي كيرة، الطبيب المصري الذي شهد إعدام القوات الإنجليزية لوالده في مزرعته، ليدفنه بالحبل الذي أعدم فيه.

يواجه كيرة، كما يدعوه أصدقائه، حربًا من اتجاهين، فهو مقرب من الإنجليز، ويعمل معهم في القطاع الطبي، ما يضعه عرضة لاتهامات لا آخر لها من أبناء منطقته، وكلها تصب في إطار تخوينه، وتشويه صورته، حتى أمام أسرته، ويصبح في مواجهة مع أحكام مسبقة من مجتمع لا يعرف حقيقة النضال الخفي للطبيب، الذي يقود سرًا حربًا بلا هوادة ضد الوجود الإنجليزي في بلاه.

حضن الثورة واسع

يضيئ “كيرة والجن” على اتساع حضن الثورة، واستيعابها مختلف أطياف المجتمع، بما فيها غير المتجانسة منها، فباسم الثورة، يتحول كيرة للصديق  المقرب لعبد القادر الجن، الشاب الذي يعيش حياته طولًا وعرضًا، مرورًا بالمخدرات والكحول، والعلاقات الغرامية العاجلة، قبل أن يفيق على مقاومة حرك جذوتها داخله قتل ضابط إنجليزي لوالده.

كما تتسع الثورة لتضم مختلف الديانات والطوائف، مع حضور نسائي لا يمكن تجاهله أو إهماله في هذا السياق.

يشكّل الفيلم حالة إمتاع على المستوى البصري، فيستفيد من تقدّم وتطور أدوات العمل الفني للعودة وتجسيد المرحلة المطلوبة، فتبدو الإضاءة خافتة بالمجمل، بما يضع المشاهد ضمن المناخ النفسي المنشود، إلى جانب تجسيد العمل على يد مجموعة من نجوم الشاشة لا يجتمع مثلهم في عمل واحد عادة.

“كيرة والجن” مقتبس عن رواية “عام 1919″، للكاتب أحمد مراد، الذي تشكل أعماله الروائية مادة خصبة لأعمال سينمائية ذائعة الصيت وواضحة النجاح، ومنها “الفيل الأزرق بجزأيه، وتراب الماس، وهو التعاون الخامس بين الكاتب ومخرج العمل، مروان حامد، بعد “الفيل الأزرق 1، والأصليين، وتراب الماس، والفيل الأزرق 2”.

“كيرة والجن” من بطولة كريم عبد العزيز، وأحمد عز، وهند صبري، وسيد رجب، وأحمد مالك، ورزان جمال، وهدى المفتي، وروبي، وهو متاح للمشاهدة عبر منصة “شاهد”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة