الرعاش العائلي.. يشخّص عن طريق الخطأ على أنه داء باركنسون

الرعاش العائلي

camera iconImage Source: Canva

tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

يحدث لدى بعض الأشخاص ارتعاش في اليدين أو الرأس أو بمناطق أخرى من الجسم، وقد يلاحَظ من قبل المصابين أنفسهم أو من قبل الأهل والأصدقاء، وقد يسبب الإحراج في بعض الأوقات، ولكن إذا لم يترافق بأعراض عصبية أخرى فلا داعي للقلق، إذ غالبًا ما يكون رعاشًا سليمًا يسمى الرعاش الأساسي.

ما المقصود بالرعاش

الرعاش هو حركة اهتزازية ولا إرادية في جزء من الجسم، مثل اليدين أو الرأس أو الجذع أو الساقين أو الحبال الصوتية أو اللسان أو الشفاه أو الفك السفلي، وتحدث عندما تتقلص العضلات وترتخي بشكل متكرر.

وعادة ما يُصنف الرعاش استنادًا إلى وقت حدوثه:

رعاش الراحة: يحدث عند الراحة بشكل أساسي.

رعاش الفعل أو الحركة: يحدث عند تحريك جزء من الجسم بشكل إرادي، وينطوي رعاش الفعل أو الحركة على:

· الرعاش القصدي: يجري تحريضه عند التحرك باتجاه هدف، على سبيل المثال مد اليد لتناول كأس.

· الرعاش الحركي: الذي يظهر في نهاية الحركة باتجاه الهدف أو في أثناء أي حركة إرادية، مثل تحريك المعصمين نحو الأعلى والأسفل أو إغلاق وفتح العينين.

· رعاش الوِضعَة: يجري تحريضه عند إبقاء طرف ممدودًا في وضعية واحدة.

كما يمكن أيضًا تصنيف الرعاش استنادًا إلى أسبابه، وذلك على النحو الآتي:

  • الفيزيولوجي: الرعاش الطبيعي الذي يوجد عند كل شخص بدرجة ما، وهو يصبح أكثر وضوحًا في بعض الحالات، كالشعور بالتوتر والقلق أو في حالة قلة النوم.
  • الأساسي أو المجهول السبب: اضطراب وراثي شائع نادرًا ما يسبب أي أعراض أخرى، وهو ما سنتحدث عنه لاحقًا.
  • العصبي: الذي ينجم عن ضرر في جزء من الدماغ يسمى المخيخ نتيجة ورم أو سكتة أو التصلب المتعدد، أو عن الإصابة بداء باركنسون، أو تلف الأعصاب واسع الانتشار كما في الداء السكري أو متلازمة غيلان باريه.
  • الثانوي: الناجم عن اضطراب أو دواء، مثل الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية أو انخفاض سكر الدم أو فرط استهلاك الكافيين أو تناول أدوية التيوفيللين والألبوتيرول والسالبوتامول المستخدمة في علاج الربو أو المنشطات كالأمفيتامينات، أو الكوكائين، أو عند التوقف عن شرب الكحول والمهدئات.
  • النفسي المنشأ: بسبب عوامل نفسية.

ما الرعاش الأساسي

الرُعاش الأساسي (Essential tremor) أو مجهول السبب، ويسمى أيضًا الرعاش العائلي، وهو رعاش ناعم لا إرادي منتظم يحدث غالبًا في اليدين، لكنه يمكن أن يصيب أي جزء من الجسم، ويحتد عند تحريك العضلات المتأثرة، لذلك يوصف برعاش الحركة أو رعاش الوضعة.

تبدو حوالي نصف حالات الرعاش الأساسي ناتجة عن طفرة جينية جسدية سائدة، ويبلغ احتمال إصابة أي شخص لدى أحد والديه جين متغير مسبب للرعاش الأساسي بهذه الحالة 50%، لذلك يسري بين العائلات (وراثي)، ويشار إلى هذه الحالة باسم الرعاش العائلي، ولكن لا يُعلم سبب للرعاش الأساسي لدى الأشخاص الذين ليس لديهم طفرة جينية معروفة، ولذلك يُسمى مجهول السبب.

وعادة ما يبدأ الرعاش الأساسي في أثناء بداية مرحلة البلوغ، ولكن يمكن أن يبدأ في أي عمر، ويصبح الرعاش وببطء ملحوظًا بشكل أكثر مع تقدم المرضى في العمر، ولذلك يطلق عليه في بعض الأحيان وبشكل غير صحيح رعاش الشيخوخة.

قد تشبه أعراض الرعاش الأساسي أعراض داء باركنسون، لكنه في باركنسون رعاش الراحة، ورغم ذلك أحيانًا يشخص الرعاش الأساسي على أنه داء باركنسون عن طريق الخطأ، وفي حالات نادرة تحدث إصابة بداء باركنسون والرعاش مجهول السبب معًا عند نفس الأفراد.

ما أعراض الرعاش الأساسي

عادة ما يبدأ الرعاش باليدين، وقد يؤثر على يد واحدة أو على كلتيهما، ثم ينتشر إلى مناطق أخرى من الجسم، ويمكن أن يصيب الرأس في بعض الأحيان، والنساء هم أكثر عرضة للإصابة برعاش الرأس من الرجال، وعندما يصيب الرأس قد يبدو وكأن المصاب يقوم بإيماءة بنعم، أو يهز رأسه كعلامة للرفض، ويتفاقم هذا الرعاش عادة عند مد الطرف بعكس الجاذبية (رعاش الوضعة)، وقد تزداد الحالة سوءًا بسبب الضغط العاطفي أو الإجهاد أو تناول الكافيين أو التعرض لدرجات الحرارة الحادة، ولا يحدث الرعاش في أثناء النوم.

في الحالات الخفيفة يظهر الرعاش على شكل عدم القدرة على إيقاف اللسان أو اليدين عن الهز، وصعوبة في القيام بمهام صغيرة ودقيقة مثل الخياطة بالإبرة، وقد يؤثر على خط اليد.

أما في الحالات الشديدة فيمكن للرعاش الأساسي أن يتداخل مع أنشطة الشخص في الحياة اليومية، بما في ذلك التغذية وخلع الملابس والنظافة الشخصية، ويتفاقم مع مرور الزمن ما يؤدي إلى الإعاقة في نهاية المطاف.

كيف يمكن تشخيص الرعاش الأساسي

لا توجد فحوص طبية محددة لتشخيص الرعاش الأساسي، وإنما يتم التشخيص على أسس سريرية، حيث يراجع الطبيب الأعراض والتاريخ الطبي والعائلي للمريض، ويجري فحصًا بدنيًا.

في الفحص البدني يختبر الطبيب أداء الجهاز العصبي من خلال فحص ما يلي:

منعكسات الأوتار.

قوة العضلات والتوتر العضلي.

القدرة على الشعور بأحاسيس معيّنة.

وضعية الجسم وتناسق الحركة.

المشية.

فحوص الأداء: الشرب من كوب، مد الذراعين، الكتابة، رسم شكل حلزوني.

وفي الغالب يحتاج تأكيد التشخيص إلى استبعاد الحالات الأخرى التي قد تكون سببًا في الأعراض، ولهذا قد يقترح الطبيب إجراء الفحوص الآتية:

مرض الغدة الدرقية.

مشكلات الاستقلاب.

الآثار الجانبية للأدوية.

مستويات المواد الكيماوية التي قد تسبب حدوث الرعاش.

ما خيارات العلاج

لا يحتاج بعض المصابين بالرعاش الأساسي إلى علاج إذا كانت أعراضهم خفيفة، ولكن إذا كان الرعاش يؤدي إلى صعوبة في ممارسة العمل أو أداء الأنشطة اليومية، فيتم اللجوء إلى العلاج، وتشمل خياراته ما يلي:

الأدوية

حاصرات بيتا مثل دواء بروبرانولول، الذي يحد من الأدرينالين ويُخفف من حدة الرعاش.

علاجات ضغط الدم المرتفع، مثل دواء فلوناريزين، الذي يحد من الأدرينالين.

الأدوية المضادة للصرع، مثل دواء بريميدون الذي يخفف من إثارة الخلايا العصبية.

المهدئات البسيطة مثل ألبرازولام.

العلاج الجسدي

يمكننا اللجوء للعلاج الجسدي إلى مزيد من التنسيق والتحكم بالعضلات المتضررة، مثل حقن مادة “البوتوكس” في اليد لإضعاف عضلات اليد وبالتالي تقليل أو وقف الارتعاش الحاصل.

الجراحة

تُجرى عادة الجراحة بعد فشل العلاجات الأخرى، وتشمل الخيارات الجراحية كلًا من التحفيز الدماغي العميق وجراحة التوضيع التجسيمي الإشعاعية.

التحفيز الدماغي العميق: توضع أقطاب كهربائية صغيرة في منطقة الدماغ المسؤولة عن الحركة، وتسد هذه الأقطاب الإشارات العصبية التي تسبب الرعاش.

جراحة التوضيع التجسيمي الإشعاعية: فيها تُسلّط الأشعة السينية العالية الطاقة بدقة بالغة على مساحة صغيرة من الدماغ لتصحيح الهزات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة