تحضيرات اعترضها الزلزال.. 47 ألف طالب يقدمون امتحانات في إدلب

امتحانات مرحلة التعليم الثانوي في مدينة إدلب- حزيران 2021 (وكالة أنباء الشام)

camera iconامتحانات مرحلة التعليم الثانوي في مدينة إدلب- حزيران 2021 (وكالة أنباء الشام)

tag icon ع ع ع

يتوجه خلال الأيام المقبلة عشرات آلاف الطلاب من مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي إلى قاعات الامتحانات في مدينة إدلب، بعد استعدادات اعترضتها صعوبات معيشية واقتصادية، وطبيعية ككارثة الزلزال المدمر في شباط الماضي.

وتبدأ امتحانات شهادة التعليم الثانوي بجميع الفروع في 5 من تموز المقبل، وتبدأ امتحانات التعليم الأساسي في 6 من الشهر نفسه، وتأجلت هذا العام نتيجة الزلزال والأضرار خلّفها.

وبدأت مديرية التربية والتعليم بإدلب في 19 من حزيران الحالي، بطباعة البطاقات الامتحانية، وباشرت المجمعات التربوية في 24 من الشهر نفسه بتوزيعها على الطلبة.

وتعيش المدينة أجواءً خاصة في الفترة قبيل الامتحانات، من طلاب يترقبون، وأهال يهيؤون الأجواء لأبنائهم، ومدرسين يقدمون دورات ودروس مكثفة.

47 ألف طالب

مدير مديرية التربية والتعليم في إدلب، أحمد الحسين، قال في تصريح لعنب بلدي، إن عدد الطلاب والطالبات المسجلين لامتحانات العام 2023 لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي، بلغ حوالي 47 ألف طالب وطالبة، من تعليم عام وشرعي للأساسي، وعلمي وأدبي وشرعي ومهني للثانوي.

وأضاف الحسين أن مديريات التربية والتعليم جهزت المراكز الامتحانية بما يحتاجه الطلاب من صيانة المقاعد وتزويد كل مركز بالعدد المطلوب، وتوفير ستائر للنوافذ، وتجهيز جميع المستلزمات من أقلام وأوراق امتحانية وقرطاسية.

وأوضح الحسين أن الزلال أثّر على العملية التعليمية ككل، لذلك مددت الوزارة فترة التسجيل للطلبة المتأخرين وأجلت تقديم الامتحانات لمدة شهر واحد، لتعويض النقص الذي حدث لديهم، إذ كان من المفترض إجراء الامتحان في حزيران، ليصبح في تموز.

وبلغ عدد المراكز الامتحانية 119 مركزًا في جميع مناطق الشمال السوري، ووزعت هذه المراكز حسب مكان إقامة الطلاب، ويقدم الطالب في أقرب مركز امتحاني تابع لمنطقته، وباعتبار أن الأسئلة واحدة والبرنامج عام لجميع الطلاب فقد تم دمج الطلاب النظاميين والأحرار معًا، حسب ما قاله المدير لعنب بلدي.

الزلزال عكر صفو الدراسة

عكر الزلزال، الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية في 6 من شباط الماضي، صفو الدراسة بالنسبة لماهر العز الدين (18 عامًا) وهو طالب تعليم ثانوي (بكالوريا)، بعد أن تهدم منزل أسرته في مدينة حارم شمالي إدلب.

واضطرت عائلة ماهر إلى الانتقال لأحد المخيمات القريبة من مدينة إدلب، وتعرض والده الذي كان يعمل في ورشة للنجارة لإصابات بالغة أفقدته القدرة على العمل.

قال ماهر لعنب بلدي، إن عائلته نجت من الزلزال بإعجوبة، لكن منزلهم تصدع بشكل كبير وسقطت بعض الحجارة على والده في أثناء خروجهم، وباعتباره أكبر إخوته وجد نفسه مسؤولًا عن تأمين الأسرة ومتابعة حالة والده الصحية.

حالة ماهر واحدة من آلاف الحالات التي آثر عليها الزلزال، والذي أسفر عن تسجيل أكثر من 4500 حالة وفاة و10400 إصابة شمال غربي سوريا، وشرّد أكثر من 57 ألف عائلة بعد أن تأثرت به ما لا يقل عن 148 مدينة وبلدة، ودمّر أكثر من 1869 بناءً بالكامل، ولحقت أضرار جزئية بأكثر من 8731 مبنى.

وعلى مستوى القطاع التعليمي في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” بإدلب وغربي حلب، بلغ عدد ضحايا الزلزال 39 شخصًا من المدرسين والإداريين، و421 طالبًا وطالبة، وبلغ عدد الأبنية المدرسية المتضررة 250 بناء.

منذ حدوث الزلزال، يعتمد ماهر وعائلته بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات، وأدت تلك الظروف لانقطاعه عن الدراسة لمدة شهرين تقريبًا.

وأوضح ماهر أنه كان قد قرر عدم تقديم الامتحان هذا العام، لكن رغبة والديه اللذان بنيا على دراسته ودراسة إخوته آمالًا كبيرة، شجعته على مواجهة الظروف ومحاولة استدراك ما فاته من دروس، من أجل الحصول على الشهادة بمعدل عال.

استعداد وتهيئة أجواء

استعدادات كبيرة يحضرها الأهالي والمدرسين في إدلب قبيل الامتحانات (في شهر انقطاع عن الدوام من أجل الدراسة)، لتأمين جو من الهدوء يلائم أبناءهم الطلبة.

سحر القاضي (44 عامًا)، أم لطالبتين، الأولى في الثانوية والأخرى في الإعدادية، قالت في لعنب بلدي إنها طلبت من ابنتيها مع بداية شهر الانقطاع قبل الامتحانات، التفرغ للدراسة وعدم القيام بأي عمل آخر في المنزل.

وأضافت السيدة أن لديها خمسة أولاد، وتحاول عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة للحفاظ على أجواء الهدوء المناسب للدراسة، واعتذرت من أصدقائها وأقربائها عن عدم استقبال الضيوف لحين انتهاء الامتحانات.

جهاد عثمان (51 عامًا)، مهجر يقيم في مدينة إدلب، يتجهز ابنه لامتحان الثانوية العامة (بكالوريا). قال لعنب بلدي إن العائلة تحاول جاهدة توفير جو من الهدوء والراحة في المنزل، وحين يشعر أن ابنه تعب يشجعه على الخروج مع أصدقائه للترويح عن نفسه وليعود أكثر نشاطًا للدراسة.

وأضاف جهاد أنه يقيم مع عائلته في بيت مؤلف من ثلاث غرف، واحدة منهم مخصصة لابنه من أجل الدراسة، ويحاول تأمين تكاليف الدورات المكثفة والدروس الخصوصية قبيل الامتحانات حتى لا يشعر ابنه بأي نقص أو صعوبات، لافتًا إلى أنه لا يستقبل الزوار هذه الأيام.

امتحانات مرحلة التعليم الثانوي في مدينة إدلب- حزيران 2021 (وكالة أنباء الشام)

امتحانات مرحلة التعليم الثانوي في مدينة إدلب- حزيران 2021 (وكالة أنباء الشام)

دورات مكثفة ومعاهد

تنشط في مدينة إدلب المعاهد التعليمية، سواء تلك التي تعطي دروسًا مكثفة قبيل فترة الامتحانات أو التي تدرس المناهج للطلاب طيلة العام الدراسي.

المعلم غيث، مدرس مادة تربية إسلامية في أحد معاهد مدينة إدلب، قال لعنب بلدي إن المعهد بدأ من الصيف الماضي استعدادات تحضير الطلاب لامتحانات الثانوية العامة، وخصص صفًا كاملًا للطلاب المنقطعين عن الدراسة، من أجل تأسيسهم وترميم ما ينقصهم من معلومات بسبب الانقطاع.

وأوضح المعلم أنه الأمور خلال العام الدراسي كانت تسير على أحسن حال بالنسبة للمدرسين في مختلف المواد وبالنسبة للطلاب، لكن حدوث الزلزال خلق فجوة بسبب انقطاع الطلاب عن الحضور في المعهد.

وتابع أنه بعد الانقطاع إثر الزلزال عمل مدرسو المعهد على تكثيف الدروس لتدارك النقص، واستطاعوا إنهاء المنهاج بشكل كامل قبل الموعد المحدد، كما أجروا اختبارات تحضيرية للطلاب في نهاية العام الدراسي، وكانت النتائج مبشرة، بحسب تعبير المدرس لعنب بلدي.

صخر الفرج مدرس لغة عربية يعمل في أحد معاهد مدينة إدلب، قال إن الأجواء في بداية العام الدراسي كانت جميلة ومطمئنة، خاصة بعد انخفاض ذروة فيروس “كورونا”، وانخفاض معدل القصف مقارنة بالأعوام السابقة، لكن الزلزال عكر الأجواء هذا العام ورفع نسب التسرب بين الطلاب بسبب الانتقال إلى مناطق أخرى.

وأوضح الفرج لعنب بلدي أن بعض الطلاب المجتهدين انقطعوا بعد الزلزال عن الدراسة ولا يعلم عنهم شيئًا عنهم حتى اليوم، لأنهم لم يعودوا للدراسة في المعهد، لافتًا إلى أن مدرسي المعهد كثفوا الدروس لمن استمر بالحضور لتدارك ما فاتهم من نقص.

وقال عدد من المدرسين ممن قابلتهم عنب بلدي إنهم استغلوا هذه الأيام لتكثيف الدروس لطلابهم، وسد الثغرات التي يعانون منها، لافتين إلى أن الهدف في الدرجة الأولى ليس الربح، وإنما مراعاة ظروف الطلاب ومساعدتهم في اجتياز الاختبارات بمعدلات عالية.

وبحسب المدرس صخر، فإن فرحة أي معلم لا تكتمل إلا بعد نجاح جميع طلابه وحصولهم على علامات عالية، الأمر الذي يشعر المدرس بثمرة جهوده، لذلك يشجع المدرسين طلابهم على الدراسة ومساعدتهم والتواصل معهم بشكل دائم وتطمينهم حتى لا يؤدي توتر الامتحان إلى إرهاق الطلاب، وبالتالي عدم الإجابة بشكل صحيح على الأسئلة.

اقرأ أيضًا: أسئلة موحدة لطلبة مدارس إدلب تصطدم بضيق الوقت ونقص الإمكانيات




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة