محاصيل الفلاحين في مرمى العمليات العسكرية بدرعا

تعرضت حقول جنوب مدينة طفس الزراعية لأضرار أثرت على حياة المزارعين والعمال- 5 من تموز 2023 (درعا 24)

camera iconتعرضت حقول جنوب مدينة طفس الزراعية لأضرار أثرت على حياة المزارعين والعمال- 5 من تموز 2023 (درعا 24)

tag icon ع ع ع

أثرت الأعمال العسكرية التي شنها النظام السوري خلال السنوات الماضية على المنطقة الممتدة بين بلدة اليادودة ومدينة طفس، على المحاصيل الزراعية، ما عرض الفلاحين لخسائر مالية وصفها البعض بـ”الكبيرة”.

مطلع تموز الحالي، شنت قوات النظام مجددًا حملة أمنية طالت الأراضي الزراعية الممتدة من اليادودة إلى طفس، وتضم آلاف الهكتارات التي تتنوع فيها الزراعات الصيفية والثمرية، ويصف بعض سكان المحافظة ممن التقتهم عنب بلدي المنطقة بأنها “خزان المنتجات الزراعية”.

لم يتمكن المزارع نزار (40 عامًا) من الاطمئنان على محصوله من الذرة الصفراء جنوبي طفس منذ أيام، بسبب اندلاع اشتباكات مسلحة على أطراف المدينة بين قوات النظام وفصائل محلية، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وأضاف أنه خسر موسمه العام الماضي بسبب العمليات العسكرية التي شنها النظام في المنطقة نفسها مطلع آب 2022، عندما فرض حصارًا على مدينة طفس لإجبار مطلوبين في المدينة على تسليم أنفسهم أو مغادرة المنطقة.

ولم يقتصر الضرر على خسارة المحاصيل، إذ امتد إلى شبكات الكهرباء من محولات وأبراج توتر عالي، وألواح الطاقة الشمسية، سواء من خلال تضررها إثر إصابتها بالرصاص، أو القصف، أو سرقة أجزاء منها.

“في كل عام، ومع اقتراب المواسك الزراعية من حالة النضج، ودنوّ موعد قطافها، ينفذ النظام حملته العسكرية ليقضي على مصدر رزق مئات العائلات التي تنتظر الموسم بفارغ الصبر”

نزار، مزارع من أبناء مدينة طفس غربي درعا.

تضرر الأراضي الزراعية إثر التحركات العسكرية في المنطقة عانى منه مهند أيضًا، البالغ من العمر 35 عامًا، إذ لم يتمكن من إكمال جني محصول الخيار، فقد فر هاربًا مع بداية الاشتباكات في المنطقة، تاركًا خلفه تعب الأشهر الماضية في ساحة الاشتباك، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وأوضح الشاب أن محصول الخيار يحتاج إلى قطاف يومي خلال هذا التوقيت من العام، والتعرض الدائم للأدوية الزراعية بشكل أسبوعي، بالإضافة إلى السقاية المستمرة، ما يعني أنه سيخسر محصوله في حال استمرار العمليات العسكرية لأيام أخرى.

“صارت المنطقة الممتدة ما بين طفس واليادودة منطقة نزاع مستمر كل عام نتعرض للخسارة ذاتها”.

مهند، مزارع من أبناء مدينة طفس بريف درعا الغربي.

أضرار طالت العمال

لم تقتصر الأضرار المادية على المزارعين وأصحاب المحاصيل الزراعية في ريف درعا الغربي، بل طالت أيضًا عمال المياومة في المنطقة، إذ توقفت أعمالهم التي كانت تعتمد بشكل كبير على قطاف المحاصيل الزراعية في هذا الوقت من العام.

سعيد، وهو عامل مياومة من سكان طفس، يعتمد عمله على جني المحاصيل الزراعية، ويتقاضى مبلغ 15 ألف ليرة سورية في اليوم الواحد. قال لعنب بلدي إن المعارك في المنطقة المعروفة بكونها “خزان المنتجات الزراعية” أضرت بالعمال قبل أن تضر بأصحاب المحاصيل.

وأضاف العامل أنه يعتمد على عمله في الموسم الزراعي منتصف كل عام، لتأمين احتياجات أسرته، لكن الحملات الأمنية أو العسكرية للنظام على المنطقة بشكل متكرر دفعت بظروفه المعيشية إلى مستوى أكثر انحدارًا.

اقرأ أيضًا: طفس.. بوابة ريف درعا الغربي وهدف متكرر للنظام

سوق الهال لم ينج

حقول جنوبي طفس لم تكن المتضرر الوحيد من التحركات العسكرية، بل تعرض تجار “سوق الهال” (مركز بيع المنتجات الزراعية)، في الحي الجنوبي لمدينة طفس، لإطلاق نار من أسلحة النظام الثقيلة، في 6 من تموز الحالي، ما أجبر المزارعين والتجار على إخلائه وتوقيف العمليات التجارية فيه.

تجار في السوق ممن قابلتهم عنب بلدي، قالوا إن حالة هلع أصابت التجار والمزارعين عندما تعرضت المنطقة لرشقة رصاص من الأسلحة الثقيلة، وخرج الموجودون فيها من السوق هاربين.

وعقب خروجهم باع بعض المزارعين محاصيلهم التي حملوها معهم لتجار آخرين، أو مشاتل زراعية، خوفًا من أضرار أكبر قد يتعرضوا لها في حال انتظارهم أكثر.

ويعتبر سوق “الهال” بمدينة طفس، سوق مركزي لريف درعا الغربي، ويقصده المزارعون من جميع أنحاء الريف، مستغلين قرب المسافة بينه وبين قرى وبلدات غربي المحافظة.

روتين موسمي

لم تكن المرة الأولى التي تشن فيها قوات النظام حملة عسكرية على المنطقة الزراعية جنوبي مدينة طفس، إذ شهدت المنطقة أحداثًا متشابهة خلال السنوات الماضية، أسفرت عن الأضرار نفسها بالنسبة للسكان والمزارعين.

وفي آب 2022، شنت قوات النظام حملة عسكرية على مدينة طفس، مطالبة بخروج مطلوبين لها من المنطقة، واستمرت الحملة لعدة أيام أدت لتلف بعض المحاصيل الزراعية، وأضرار بممتلكات المدنيين.

وفي تموز 2021، أثناء محاولة اقتحام النظام لمدينة درعا البلد، امتدت المعارك لمحيط مدينة طفس واليادودة، وأسفرت الاشتباكات المتقطعة هناك عن أضرار بمصالح وممتلكات المزارعين في المنطقة.

وفي كانون الثاني من العام نفسه، حاصرت وحدات عسكرية من قوات النظام مدينة طفس، وطالبت بترحيل ستة أشخاص نحو الشمال السوري، هم إياد جعارة، و”أبو طارق الصبيحي”، و”أبو عمر الشاغوري”، وإياد الغانم، ومحمد جاد الله الزعبي، ومحمد إبراهيم الربداوي (قُتل باستهداف في 15 من حزيران 2022).

ولم يخرج أي من هؤلاء المطلوبين من المدينة عقب وساطات عشائرية، الأمر الذي ترك ملف طفس معلقًا بالنسبة لقوات النظام المسيطرة على المنطقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة