ألمانيا.. ما قضية “التريكس” المتهم بارتكاب جرائم حرب ضمن ميليشيات النظام

camera iconمقاتلون من ميليشيا "الدفاع الوطني" التابعة لقوات النظام السوري في حي التضامن جنوبي دمشق- كانون الأول 2017 (جولان تايمز)

tag icon ع ع ع

بعد ثلاث سنوات على جمع الشهادات والمعلومات بالتعاون بين منظمة سورية والسلطات الألمانية، اعتقلت الأخيرة سوريًا “للاشتباه الشديد” بارتكابه جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

وفي 3 من آب الحالي، أصدر مكتب المدعي العام الألماني تقريرًا حول قضية اعتقال المتهم أحمد هـ. بعد أن أوقف من قبل الشرطة الجنائية الفيدرالية في مدينة بريمن.

وحددت مذكرة الاعتقال أنه بين عامي 2012 و2015، عمل أحمد قائدًا محليًا لميليشيا “الشبيحة” المدمجة في قوات “الدفاع الوطني” التابعة لقوات النظام في حي التضامن جنوبي دمشق.

وعملت هذه الميليشيا مع الفرع “227” من “المخابرات العسكرية” على “القمع العنيف” لحركات المعارضة في حي التضامن، ولهذه الغاية أقامت هذه الميليشيا حواجز أمنية في الحي، واعتقلت بانتظام الأشخاص “بشكل تعسفي من أجل الحصول على الأموال منهم أو من عائلاتهم أو لإجبارهم على العمل بالسخرة أو لتعذيبهم”، وفق المذكرة.

ونهب أفراد الميليشيا منازل وشقق المعارضين للنظام على نطاق واسع، وباعوا البضائع المسروقة، أما المتهم فقد شارك شخصيًا بالانتهاكات ضد المدنيين في مناسبات مختلفة.

وذكرت المذكرة عدة انتهاكات ارتكبها المتهم، منها في عام 2013، حين ضرب مدنيًا اعتقلته الميليشيا وأمر أعضاءها بضربه لساعات، وفي 2014، ضرب أحمد مع أعضاء الميليشيا وأفراد من “المخابرات العسكرية” بشكل متكرر مدنيًا عند حاجزهم الأمني، حيث أمسك المتهم بشعر الضحية وضرب رأسه على الرصيف، ثم قيده قبل أن تقتله الميليشيا.

وبين كانون الأول 2012 وبداية عام 2015، اعتقل المتهم، حسب المعلومات المتوفرة لدى السلطات الألمانية، من 25 إلى 30 شخصًا على الحاجز الأمني، وفي حالتين أُجبر المعتقلون طوال يوم الاعتقال على نقل أكياس الرمل إلى خطوط المواجهة، حيث عمل الأسرى تحت إطلاق النيران، ودون إمدادهم بالغذاء أو الماء، كما تعرضوا للضرب على أيدي أعضاء الميليشيا.

لم يظهر بمجزرة التضامن

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أنباء تتحدث عن مشاركة المتهم في مجزرة حي التضامن، التي انتشر مقطع مصور عنها عبر تحقيق صحفي كشفت عنه صحيفة “الجارديان” في نيسان 2022.

وتواصلت عنب بلدي مع مدير “المركز السوري للعدالة والمسائلة”، محمد العبد الله، الذي شارك مع السلطات الألمانية في الكشف عن المتهم وأفاد بتقديم المركز الشهادات والبيانات التي بُنيت على إثرها القضية.

وفي بيان أصدره “المركز السوري” في 3 من آب الحالي، أوضح مسار القضية عندما تلقى المركز، في أيار 2020، إفادة من أحد الشهود بأن أحد الجناة يُزعم ارتكابه انتهاكات “فظيعة” خلال خدمته في ميليشيا “الدفاع الوطني” بمنطقة التضامن، ومقيم حاليًا في ألمانيا.

وتبين أن المشتبه به الملقب بـ”التريكس” قد سافر من سوريا إلى ألمانيا وطلب اللجوء فيها، وبعد إجراء “المركز السوري” تحقيقًا مفتوح المصدر، نجح بالعثور على شاهدين ذوي صلة وجمع شهادتيهما.

وفي مطلع 2022، أبلغ “المركز السوري” الوحدة الخاصة في مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية الألماني (BKA) عن المشتبه به، وتبادل البيانات ذات الصلة معها، كما حصل المركز على أدلة مصورة تظهر مشاركة المشتبه به في الانتهاكات عام 2023.

وأكد العبد الله لعنب بلدي، أن “التريكس” لم يظهر في المقطع الشهير لمجزرة التضامن، مرجحًا عدم مشاركته بالمجزرة، لكنه شارك مع الفرع “227” من “المخابرات العسكرية” ومع “الدفاع الوطني” بعدة جرائم أخرى في منطقة التضامن.

وأوضح مدير “المركز السوري للعدالة والمسائلة”، أن من اقترف مجزرة التضامن لم يقترف فقط الجريمة المصورة في المقطع الشهير وإنما عدة جرائم أخرى، مشيرًا إلى أن المصدر الذي سرب المقطع المصور الشهير لمجزرة التضامن، امتلك مجموعة أخرى من المقاطع المصورة لم تُنشر، حيث يظهر في بعضها “التريكس” مشاركًا بارتكاب جرائم أخرى، ليسلمها المركز للسلطات الألمانية.

وحول سبب تأخر فتح القضية بحق المتهم لثلاث سنوات منذ تاريخ حصول “المركز السوري” على الشهادة الأولى بحقه، أوضح العبد الله أن الإفادة الأولى كانت غير كافية بحد ذاتها.

وذكر الشاهد حينها أن “التريكس” كان يشرف على حاجز في حي التضامن، ويعتقل الأشخاص، ويعذبهم أحيانًا، وأنه قد يكون ضالعًا بإعدامات ميدانية، ورغم تفاصيل وقوة الشهادة لم تكن إفادة واحدة دليلًا كافيًا للمحاكمات.

واستغرقت عملية البحث عن شهود آخرين فترة أطول من المتوقع بسبب محدودية الحركة الناتجة عن الأزمة الصحية العالمية التي تسبب بها فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وبروز حالة من “الرعب” بين ضحايا المتهم، كما أن ميليشيا “الدفاع الوطني” التي يتهم بعمله معها لا تزال موجودة وكذلك أهالي الشهود في ريف دمشق، بحسب العبد الله.

ووصل المركز بعد فترة من بحثه إلى شاهدين آخرين عززا أرضية الادعاء بحق المتهم، ليجري إبلاغ الشرطة الفيدرالية الألمانية الذين بدؤوا بالتحقيق حول القضية.

وأُصدرت مذكرة اعتقال المتهم بعد تسلّم السلطات الألمانية المقطع المصور الذي ساعد بإظهار المتهم وهو يرتكب جرائم حرب، وارتباطه بـ”الدفاع الوطني”، فيما ذكر الشهود جرائم أخرى أيضًا لم تعرضها المقاطع المصورة للمتهم، وفق العبد الله.

إجراءات طويلة

يخضع حاليًا المتهم للحبس الاحتياطي وفق مذكرة التوقيف الصادرة بعد مثوله أمام قاضي التحقيق في محكمة العدل الألمانية.

مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، أكد أن المتهم سيحاكم في المحكمة الإقليمية العليا بمدينة بريمن بألمانيا باعتبار مكان إقامته هناك، حيث وُجهت له لائحة التهم وسيخضع للمحاكمة حيث سيحضر الشهود، كما سيُعيّن له محامو دفاع متطوعون وفق إجراءات المحاكمات الجنائية بألمانيا، كما يمكن أن يحصل على محامٍ خاص على نفقته.

وحول المدة المتوقعة للمحاكمة أفاد العبد الله أنه حسب حجم الأدلة والادعاءات التي ستعرض يمكن أن تستمر المحاكمة لنحو عام ونصف، كما يُتوقع أن تنطلق محاكمة المتهم خلال شباط أو آذار من العام المقبل، بسبب إجراءات ترتيب حضور الشهود.

وامتدت محاكمة الضابط السابق في المخابرات العامة السورية أنور رسلان لنحو ثلاث سنوات منذ لحظة اعتقاله في ألمانيا، كما لا تزال محاكمة الطبيب السوري علاء موسى في ألمانيا، المتهم بتعذيب وقتل مدنيين في سوريا، مستمرة، بعد مضي نحو عام ونصف على الجلسة الأولى المنعقدة في 19 من كانون الثاني 2022.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة