بنك وشركة تأمين ومنطقة حرة.. إيران تعزز نفوذها الاقتصادي في سوريا

camera iconمؤتمر صحفي لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ونظيره السوري فيصل مقداد في طهران بعد زيارة وفد رسمي سوري- 31 من تموز 2023 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد فنصة

أعلنت طهران عن تأسيس بنك وشركة تأمين سورية- إيرانية مشتركة، مع وجود خطط لإنشاء منطقة حرة إيرانية في سوريا بعد إلغاء التعرفة الجمركية بين البلدين، ما يثير التساؤل عن سبب تزايد نشاط الحركة الإيرانية الاقتصادية في سوريا.

وجاءت الإعلانات الاقتصادية بعد نشاط سوري- إيراني متبادل في الزيارات الحكومية، بدءًا من الزيارة الأولى للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق في أيار الماضي، وما تبعها من زيارات متواترة لوزراء في الحكومة الإيرانية، ومؤخرًا زيارة الوفد الوزاري في حكومة النظام السوري إلى طهران.

وخلال زيارة الوفد السوري التي استمرت عدة أيام، أعلن وزير الشؤون الاقتصادية والمالية الإيراني، إحسان خاندوزي، مطلع آب الحالي، عن تأسيس بنك وشركة تأمين مشتركة بين إيران وسوريا.

وأوضح خاندوزي بعد لقائه مع كل من وزير الاقتصاد السوري، محمد سامر الخليل، ووزير الاتصالات، إياد الخطيب، أن هاتين المؤسستين تأتيان نتيجة الاتفاقات الموقعة خلال زيارة رئيسي إلى دمشق، التي بلغت 16 وثيقة تعاون بين البلدين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

وخلال زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق مطلع أيار الماضي، شرح حساب “الرئاسة السورية” في “فيس بوك“، الخطوات الاقتصادية المتفق عليها خلال الزيارة، ومنها “تسريع الإجراءات الثنائية المطلوبة لتأسيس مصرف مشترك بهدف تسهيل التبادل التجاري”.

وستكون شركة التأمين المشتركة عبارة عن “تحالف” من شركات التأمين الإيرانية والسورية، ومن ناحية البنك المشترك، ستسهم إيران بـ60% من أصوله بينما 40% من إسهام الجانب السوري، وفق تصريحات الوزير الإيراني، الذي أشار إلى أنه جرى ترخيص هاتين المؤسستين لتعملا “كمحركين” دافعين للاستثمار بين إيران وسوريا.

بدوره، أعلن وزير الطرق الإيراني، مهرداد بذرباش، بصفته رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وسوريا، أن التعرفة التجارية على جميع السلع المتفق عليها بين إيران وسوريا وصلت إلى الصفر.

وفي حديثه عن نتائج المحادثات، أشار بذرباش إلى أن البنك الإيراني- السوري المشترك سيبدأ نشاطه في الأسابيع المقبلة، كما أن شركتين إيرانيتين لصناعة السيارات في سوريا أنشئتا سابقًا، ستعيدان نشاطهما “بمساعدة الجانب السوري”.

وبدأت أنشطة شركة صناعة السيارات الإيرانية “سايبا” في سوريا منذ 2004 بإنشاء مصنع “سيفيكو” لإنتاج السيارات، ثم أنشئت شركة “سيامكو” عام 2007، لإنتاج سيارة “شام”، لكن إنتاج الشركتين توقف بسبب معايير الجودة والأمان.

زيادة نفوذ

في أيار الماضي، قال نائب وزير الخارجية الإيراني، مهدي شوشتري، لوكالة أنباء “فارس” الإيرانية، إن “سوريا ليست بلدًا فقيرًا ولديها موارد وقدرات كثيرة”، مؤكدًا أنه “لم يكن أي نوع من التعاون الذي حددناه في المجال التجاري والاقتصادي بين البلدين مجانيًا أو بلا مقابل في أي فترة من الفترات”.

وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري، محمد سامر الخليل، قال خلال زيارته الأحدث ضمن الوفد السوري لطهران، إن “التعاون المصرفي وإنشاء شركة الضمان والسياحة والنقل والتجارة الحرة كانت من بين هذه الاتفاقيات التي آتت ثمارها”.

وهو ما أكده تصريح رئيس الغرفة التجارية السورية- الإيرانية المشتركة، فهد درويش، الذي كشف عن وجود خطة لإنشاء منطقة حرة إيرانية وسط سوريا، “لدعم العلاقة الاقتصادية بين البلدين، وبهدف تهيئة البيئة الاستثمارية الإيرانية في سوريا”، بحسب ما قاله لصحيفة “تشرين” الحكومية في 6 من آب الحالي.

قبل عام 2011، قُدّرت الاستثمارات الإيرانية في سوريا بنحو 400 مليون دولار، بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.88 مليار دولار خلال عام 2022، كما بلغت صادرات إيران إلى سوريا من السلع غير النفطية عام 2021 قرابة 218 مليون دولار، و243 مليون دولار عام، وفقًا للملحق التجاري بالسفارة الإيرانية في دمشق.

الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، مناف قومان، قال لعنب بلدي، حول تأثير تأسيس بنك وشركة تأمين مشتركة في سوريا على اقتصادها المتردي، إن الأزمة الاقتصادية في سوريا أكبر من أن تُحل أو تتأثر إيجابًا بتأسيس بنك وشركة، وحتى التعاملات التجارية بين سوريا وإيران لن تنهض جراء هذا البنك والشركة، مؤكدًا أن هذا الأمر فيه “ترسيخ للنفوذ الإيراني في سوريا”.

وحول سبب اختيار مكان تأسيس المؤسسات الإيرانية- السورية المشتركة في سوريا فقط، أوضح قومان أنه بطبيعة الحال تريد إيران أن تعزز نفوذها في سوريا عن طريق نقل شركاتها وتجارتها إليها من جهة، ولأن إيران صاحبة اليد الطولى على النظام السوري من خلال ما قدمته له من مساعدات عينية ومالية من جهة أخرى.

مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، كرم شعار، علّق على التحركات الإيرانية ضمن حسابه في موقع “إكس” (تويتر سابقًا) قائلًا، إن إيران بدأت تجني ثمن فاتورة دعمها للنظام السوري، وخصوصًا بعد الزيارة الأحدث للرئيس الإيراني إلى دمشق.

ووصف شعار زيارة الوفد الحكومي السوري إلى طهران بـ”زيارة تنفيذ وليست زيارة تخطيط” كما جرت العادة على مدى أكثر من عقد، مشيرًا إلى أن إيران متجهة نحو الاستحواذ جزئيًا أو كليًا على قطاعات الاتصالات، والطيران، والبنوك والتأمين، والتوسع بمجالات النقل والملاحة والفوسفات.

في حديث مع موقع “جمران” الإيراني، في 2 من حزيران الماضي، أوضح السفير الإيراني في دمشق، حسين أكبري، أن “إيران رحبت بحقيقة أن الجامعة العربية جاءت إلى الأسد ولم يذهب هو إليها”، مؤكدًا أن النظام أظهر أنه مع طهران منذ 40 عامًا في أسوأ الظروف، وبينما هو الآن في “أفضل حالة”، فإن إخراج إيران من سوريا “لن يحدث بالتأكيد”، بحسب قوله.

“حبيسة الأوراق”

الحديث عن تأسيس مصرف سوري- إيراني لا يعد جديدًا، فمنذ عام 2019، أعلن رئيس البنك المركزي الإيراني توقيع اتفاق مع حاكم مصرف سوريا المركزي، لإنشاء وتطوير وإقامة علاقات الوساطة المصرفية بين البلدين، وإصدار رخصة إنشاء بنك مشترك بين إيران وسوريا في دمشق، وافتتاح الحساب بالتبادل المصرفي على أساس العملة الوطنية للبلدين، وتوفير إمكانية استخدام البطاقات المصرفية بين طهران ودمشق، إلا أن ذلك الاتفاق لم يُترجم عمليًا.

ويعود الحديث الرسمي في فترات متفاوتة عن إنشاء البنك المشترك دون أي ترجمة فعلية.

الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” مناف قومان، يرى أن تحركات إيران في سوريا على الصعيد الاقتصادي جاءت بشكل دوري، ومع كل زيارة ولقاء بين الطرفين بغض النظر عن المناسبة، موضحًا أن عديدًا منها تبقى “حبيسة الأوراق” على شكل اتفاقات وعقود وتفاهمات دون تطبيق على الأرض.

ويعتقد قومان أن البيئة الاستثمارية السورية سواء كان الحديث عن مشاريع مالية أو تجارية تعاني “صعوبات كبيرة” تصل إلى درجة عدم تنفيذ المشاريع التي جرى ولا يزال يجري الحديث عنها على أرض الواقع، نظرًا إلى العقوبات والتقييد المفروض على سوريا من عدة نواحٍ، مستندًا إلى أن معظم الاستثمارات والمشاريع التي تم الاتفاق عليها بين سوريا وإيران لم تنجح أو تُنفذ.

وبحسب دراسة لمركز “الحوار السوري”، فإن إيران اتخذت مجموعة من الخطوات للهيمنة على الاقتصاد في سوريا، تفاوت نجاحها وفشلها، وجاءت في قطاعات تربية الحيوان والزراعة، والتجارة الزراعية، إلى جانب الاستيلاء على أراضٍ زراعية.

وشملت أيضًا الثروات الباطنية والصناعات الاستخراجية، ومحاولات للسيطرة على الفوسفات وحقول النفط والغاز، وتكرير المواد النفطية، قوبلت بحضور روسي بارز ومنافس قوي إجمالًا في هذه المجالات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة