رسوم التأشيرة تحد زيارات السوريين إلى الأردن

معبر "نصيب/ جابر" الحدودي من الجانب الأردني (AFP)

camera iconمعبر "نصيب/ جابر" الحدودي من الجانب الأردني (AFP)

tag icon ع ع ع

“دفعنا نحو 800 ألف ليرة سورية حتى نرسل والدتي للأردن لزيارة أخي الذي لم يراها منذ خروجه من سوريا منذ تسع سنوات، لكن الطلب قوبل بالرفض كون الكفيل أخي”، بهذه الكلمات عبّر طارق عن خيبة أمله لرفض السلطات الأردنية طلب تأشيرة والدته المسنة، بعد دفع الرسوم المرتفعة، ونجاح الطلب بعد الاستعانة بكفيل أردني.

وبحسب القوانين الأردنية لا يمكن استعادة مبلغ الرسوم المدفوع إذا كان الرفض نتيجة الطلب، وهو ما يزيد من تكلفة السوريين الراغبين بدخول الأردن.

أعيد فتح معبر “جابر” الحدودي بين سوريا والأردن عام 2018 بعد سيطرة قوات النظام عليه، إذ كان قد أغلق في نيسان عام 2015 بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية عليه لمدة ثلاث سنوات.

في بداية فتح المعبر، جرى السماح بدخول السوريين إلى الأردن عبر موافقة وزارة الداخلية من خلال تقديم أحد أقارب الزائر ورقة استضافة مدتها 15 يومًا لوزارة الداخلية الأردنية، وبعد الموافقة يسمح للسوري بالدخول إلى الأردن.

وفي عام 2021، أعلنت الحكومة الأردنية عن منصة إلكترونية ترتبط بوزارة الداخلية الأردنية للحصول على تأشيرة الدخول أو ما يعرف بالموافقة الأمنية الأردنية للسماح بدخول السوريين.

وكانت رسوم المنصة لطلب الموافقة الأمنية 25 دينارًا أردنيًا، وهو ما يعادل الآن نحو 500 ألف ليرة سورية، تمنح فقط للسوريين ذوي أقارب مقيمين بالأردن ولمدة شهر.

أما مؤخرًا ازدادت رسوم طلب الموافقة الأمنية عبر المنصة لتصبح 42 دينارًا (نحو 830 ألف ليرة سورية)، دون إعلان رسمي من وزارة الداخلية الأردنية، وأصبحت مدة الموافقة الممنوحة ثلاثة أشهر، تمنح لأي شخص لديه كفيل بالأردن سوري مقيم أو أردني، دون وجوب وجود إثبات لصلة قرابة بالزائر.

رفض أو قبول.. لا معايير

طارق المسالمة الذي قرر إرسال والدته في زيارة إلى الأردن لرؤية أخيه محمد، قال لعنب بلدي، إنه بعد صدور نتيجة طلب كفالة محمد للحصول على الموافقة الأمنية بالرفض، طلب من أحد الأصدقاء الأردنيين كفالة والدته، وهو ما جاء نتيجته بالقبول.

في حال أراد أحد السوريين المقيمين بالأردن كفالة فرد من عائلته في سوريا أثناء التسجيل على المنصة، يتوجب عليه إثبات إقامته من خلال عقد إيجار وتصريح إقامة أو تصريح عمل، مع وجود كفيل أردني تطلب منه صورة لجواز سفره وصورة لجواز سفر المكفول.

ويحتاج الطلب لتبليغ نتيجته إلى ما بين خمسة إلى 14 يومًا، مع وجود خيار لطلب مستعجل خلال ثلاثة أيام ليأتي رد السلطات الأردنية مقابل دفع مبلغ 100 دينار، أي ما يعادل 1.98 مليون ليرة.

ولا توضح السلطات الأردنية سبب الرفض، ويكون التعامل بين مقدم الطلب ومكاتب خاصة مرخصة من قبل وزارة السياحة الأردنية لتقديم الطلبات عبر المنصة للراغبين بدخول الأردن، حيث يكون دفع الرسوم بشكل نقدي.

سوسن من مدينة دمشق، قالت لعنب بلدي، إنها لم تر ابنتها وعائلتها منذ خمس سنوات حيث تقيم في المملكة الأردنية، وبعد طلب الموافقة الأمنية عبر المنصة وتأمين كفيل أردني وهو زوج ابنتها، دفعت 42 دينارًا، لتحصل على تأشيرة الدخول بعد عشرة أيام.

وللسفر إلى الأردن اتفقت مع سائق ينقل ركاب بين الأردن وسوريا مقابل أجرة عشرة دنانير أي ما يعادل 200 ألف ليرة سورية، بالإضافة لدفع سوسن رسوم جمركية لدى الجمرك السوري تبلغ 20 ألف ليرة، وللجمرك الأردني أيضًا مبلغ 30 دينارًا (نحو 600 ألف ليرة).

في المقابل إذا أراد الأردني القدوم للسياحة في سوريا لا يحتاج موافقة أمنية أو تأشيرة دخول، ويدفع عشرة آلاف ليرة للجمارك السورية وعشرة دنانير للجمارك الأردنية، مع وجود رسوم إضافية في حال كان يحمل معه أغراضًا تتطلب الجمركة.

وبعد مضي ثلاثة أشهر، وهي المدة التي سمحت بها التأشيرة، عادت سوسن لسوريا، إذ يخالف السوري عن كل يوم تأخير بدينارين عن مدة التأشيرة، وعند وصولها للطرف السوري من الحدود (معبر نصيب)، صرفت 100 دولار إلى الليرة السورية، وفق القانون المعمول به منذ عدة سنوات، وذلك وفق سعر تصريف البنك المركزي على “نشرة السوق الرسمية” البالغة 11500 ليرة لكل دولار، بينما سعر صرفه في “السوق السوداء” 13950 ليرة.

زيادة تكاليف على حساب المسافرين

ناصر أبو زيد أحد سكان قرية خربة غزالة في محافظة درعا يعمل سائقًا على الحدود السورية- الأردنية، قال لعنب بلدي إن سيارته مرخصة للعمل في نقل الركاب والبضائع.

ويسمح لناصر بالتسجيل على المنصة كل خمسة أيام، إذ يحتاج إلى موافقة أمنية في كل مرة يريد بها العبور لداخل الأردن، وهو مايتيح له السفر ودخول الأردن أربع مرات في الشهر.

ويجري تسجيل أرقام السيارات وسائقيها في سجلات خاصة لدى الجمرك الأردني للسماح بإدخال سيارات النقل العامة أو باصات الشركات السياحية عبر تصريح رسمي، بينما تمنع السلطات الأردنية دخول السوريين بسياراتهم الخاصة إلى الأردن.

أوضح ناصر أن رسوم الدفع على المنصة للسائقين 35 دينارًا، لكنه في كل سفرة للأردن يصطحب راكبًا أو اثنين بمبلغ عشرة دنانير على كل منهما بالإضافة لبضائع يبيعها في سوريا كالزجاج والأرز وغيرها.

معبر حدودي مغلق منذ عام 2013 بين سوريا والأردن- تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي)

معبر حدودي مغلق منذ عام 2015 بين سوريا والأردن من الطرف الأردني- تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي)

بوابة للم الشمل

زين أحد أصحاب شركات النقل السياحية بين سوريا والأردن، قال لعنب بلدي، إن شركته تسجل طلبات الراغبين بالسفر إلى الأردن، وغالبيتهم من النساء والرجال بأعمار تتراوح ما بين 50 إلى 70 عامًا، قائلًا إن غالبية السوريين هدفهم من زيارة الأردن رؤية أبنائهم وأحفادهم.

وأوضح زين (رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية) أن الشركة تأمن الموافقات الأمنية للمسافرين عبر رفع اسمائهم للمنصة وتقديم صور جوازات سفر لهم، ودفع مبلغ 35 دينارًا، بينما في حال كان السفر بشكل فردي وغير مستعجل يدفع الشخص 42 دينارًا.

وتكتسب شركات النقل والسياحة ميزة دفع رسوم المنصة بمبلغ أرخص من المبلغ لشخص فردي، في حال وصلت الأعداد لـ 40 مسافرًا، وفق زين، وتكون الإقامة أو مدة التأشيرة شهر واحد.

وتنتظر الرحلة لاكتمال موافقات المسافرين حتى تنطلق، وفي بعض الأحيان ترفض بعض الطلبات ليعود أصحابها الطلب من جديد في رحلة أخرى، أما من جاء طلبه بالقبول تتحفظ شركة النقل على جوازه لحين عودته مع مجموعة المسافرين.

ويسمح للسوريين حمل بعض الأمتعة والدخول من خلال كفالة شركة النقل السياحية، التي يجب أن يكون لها أيضًا فرع آخر مرخص في المملكة، وفق زين.

وكانت وزارة الداخلية الأردنية قد منحت تسهيلات خلال العام الحالي لدخول السوريين المقيمين في الخارج للأردن لرؤية ذويهم، ومن أجل توثيق عقود القران، ما أدى إلى زيادة عدد السوريين الداخلين إلى البلاد.

وقالت وزارة الداخلية الأردنية في حزيران الماضي إن الرعايا السوريين المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي، وكندا، وأستراليا، واليابان، والولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، لا يحتاجون لموافقة مسبقة لدخول البلاد إلا إذا كان المعني لاجئًا سابقًا في الأردن وغادر أراضي المملكة إلى دولة أخرى.

ونقلت قناة “المملكة” الأردنية، عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية (لم تسمِّه) في آب الماضي، أن الأردن منح 57987 ألف تأشيرة سياحية لسوريين لدخول أراضي المملكة منذ تشرين الأول 2021 بكفالة مكاتب سياحة وسفر.

وأفادت القناة أن الجهات الرسمية لم تسجل أي تجاوزات تذكر لمن حصل على تأشيرة بقصد السياحة المخصصة للسوريين حتى الآن، في حين بلغ عدد القادمين إلى الأردن منذ 13 من أيلول 2022، بموجب وثائق سفر أجنبية (من دول ثالثة) 3510 سوريين.


شاركت في إعداد هذا التقرير مراسلة عنب بلدي في درعا سارة الأحمد




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة