مفاوضات لإنهاء “ابتزاز المساعدات” في معبر “باب الهوى”

مساعدات مرسلة من منظمة "يونيسف" إلى شمال غربي سوريا في معبر "باب الهوى"- 19 أيلول 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconمساعدات مرسلة من منظمة "يونيسف" إلى شمال غربي سوريا في معبر "باب الهوى"- 19 أيلول 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – براءة خطاب

وافق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على تمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمالي غربي سوريا قبل انتهاء مدة التفويض السابق في شباط المقبل.

واتفقت الأم المتحدة مع النظام، في 12 من كانون الثاني الحالي، على تمديد إدخال المساعدات إلى شمال غربي سوريا، الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة السورية، عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا لمدة ستة أشهر أخرى تنتهي في 16 من تموز المقبل.

وكانت وكالة “رويترز” قبل يوم من إعلان التمديد نقلت عن مصادر تركية مطلعة على المفاوضات، أن الأمم المتحدة تبحث مع النظام إمكانية تمديد إدخال المساعدات إلى “أجل غير مسمى” دون وقت محدد بثلاثة أو ستة أشهر.

ما المقابل؟

حول إمكانية موافقة النظام السوري على دخول المساعدات الأممية لمدة غير محددة، أوضحت الباحثة في مركز “عمران”، والمتخصصة بالشأن الإنساني، رهف لحام، أن النظام لن يخسر ورقة ضغط على المجتمع الدولي دون مقابل.

وقالت لعنب بلدي، إن النظام غالبًا ما سيربط دخول المساعدات دون مدة محددة بزيادة حصة مناطقه من المساعدات الأممية ومشاريع التعافي المبكر، وتخفيف العقوبات المفروضة عليه في خطوات تدريجية نحو تطبيع العلاقات معه وبدء إعادة الإعمار.

وأضافت الباحثة أن التفاوض على مدة زمنية مفتوحة لدخول المساعدات ممكن، وكان مطلبًا سابقًا لمنع ابتزاز روسيا للمجتمع الدولي قبيل تمديد كل قرار.

وترى أن قبول النظام بدخول المساعدات دون “أجل مسمى” من عدم قبوله، يعتمد على ما سيقدم له خلال التفاوض على ذلك.

تواصلت عنب بلدي عبر رسالة إلكترونية مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، للاستفسار حول وجود مفاوضات بين الأمم المتحدة والحكومة السورية لإدخال المساعدات الإنسانية بمدة زمنية غير محددة عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا.

وجاء الرد باقتباس على لسان نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردين، “لقد عانت المجتمعات المحلية في شمال غربي سوريا من أزمات منذ ما يقارب 13 عامًا، وسنواصل الدعوة إلى استمرار وصول المساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر لتقديم المساعدة المنقذة للحياة، فضلًا عن التمويل اللازم لمساعدة الملايين في شمال غربي سوريا”.

ويعد معبر “باب الهوى”، الذي كان الوحيد العامل ضمن آلية عبر الحدود، من أهم نقاط عبور المساعدات إلى الشمال السوري، و”الشريان التجاري” الأبرز في مناطق شمال غربي سوريا، وتدخل منه 85% من الشاحنات الأممية، بحسب الأمم المتحدة.

وحتى كانون الأول 2023، عبرت 4856 شاحنة محملة بمساعدات الأمم المتحدة من تركيا إلى شمال غربي سوريا باستخدام ثلاثة معابر حدودية منذ وقوع الزلازل، وبذلك يصل المتوسط ​​الشهري لعام 2023 إلى حوالي 400 شاحنة، وهو الأدنى منذ عام 2018، بحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (ocha).

ملف “لتمرير شروط”

دخلت أولى قوافل المساعدات الأممية عبر معبر “باب الهوى” إلى شمال غربي سوريا، في 19 من أيلول 2023، بعد “تفويض” المكتب للمنظمات الأممية بإعادة استئناف دخول المساعدات الإنسانية، وفق مراسلات بين مكتب تنسيق العمل الإنساني والمكتب الإقليمي للشؤون الإنسانية السوري التابع للأمم المتحدة، في 11 و12 من أيلول 2023.

وفي آب 2023، أعلنت الأمم المتحدة عن توصلها إلى “تفاهم” مع النظام السوري، يقضي باستخدام معبر “باب الهوى” لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا لستة أشهر.

وكان النظام سلّم الأمم المتحدة رسالة عبر مندوبه لدى الأمم المتحدة، بسام صباغ، في 13 من تموز 2023، أعلن فيها عن السماح لوكالات الأمم المتحدة بإدخال المساعدات الإنسانية لشمال غربي سوريا عبر معبر “باب الهوى” لمدة ستة أشهر، مشترطًا أن يجري تسليم المساعدات “بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الحكومة السورية”.

وقبل السماح، كان معبر “باب الهوى” توقف عن إدخال المساعدات الأممية في 11 من تموز 2023، نتيجة فشل مجلس الأمن بالتوصل إلى تمديد آلية “عبر الحدود” بعد “الفيتو” الروسي ضد مشروع القرار البرازيلي- السويسري، بينما رفضت أغلبية الأعضاء مشروع القرار الروسي القائم على تمديد الآلية لثلاثة أشهر فقط.

كما اشترط النظام في رسالته عدم تعامل وكالات الأمم المتحدة مع “المنظمات الإرهابية”، في إشارته إلى السلطات الموجودة في المنطقة، وإشراف “الهلال الأحمر السوري” على توزيع المساعدات، وهو ما رفضته الأمم المتحدة واصفة الشروط بـ”غير المقبولة”.

الطبيب السوري والناشط في المجال الإنساني والعامل السابق في مجال المساعدات والمناصرة محمد كتوب، قال لعنب بلدي، إن النظام لن يغير سلوكه ولن يعطي موافقة دون شروط أو مقابل أو مدة زمنية.

الباحثة في مركز “عمران” رهف لحام، قالت إن النظام عند إحالة الملف إليه، حصل بطبيعة الحال على مكتسبات سياسية تتعلق باستعادة السيادة “حتى لو معنويًا”، من خلال الظهور كصاحب قرار يفرض شروطه حتى على معابر تقع خارج مناطق سيطرته، فضلًا عن المكتسبات الاقتصادية المتوقعة والسياسية المترتبة على إعادة التعامل معه.

وأضافت لعنب بلدي أنه في حال عدم تحصيل النظام شروطًا يراها مرضية سيبقي الملف قيد التفاوض كل فترة لتمرير شروطه تدريجيًا، وفقًا للتكتيك الذي يتبعه بنفَسه الطويل، وتتبعه روسيا من قبله في مجلس الأمن لتحجيم الآلية شيئًا فشيئًا.

ووافق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بعد أسبوع من الزلزال الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا، في 6 من شباط 2023، على فتح معبرين إضافيين (“باب السلامة” و”الراعي”) مؤقتًا من تركيا إلى شمال غربي سوريا لمدة ثلاثة أشهر، انتهت في أيار 2023، وجرى تمديدها حتى 13 من آب العام نفسه، قبل إعلان تمديدها مجددًا.

وفي تشرين الثاني 2023، أعلنت الأمم المتحدة أن النظام السوري سمح بتمديد إيصال المساعدات الأممية مجددًا إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غربي سوريا عبر معبري “باب السلامة” و”الراعي” لمدة ثلاثة أشهر أخرى، تنتهي في شباط المقبل.

ولا يسيطر النظام على هذين المعبرين، ويقعان تحت سيطرة المعارضة السورية، التي تدير أغلب المعابر على الحدود السورية- التركية.

انخفاض المساعدات

أعلن برنامج الأغذية العالمي عن انتهاء برنامج مساعداته الغذائية العامة بجميع أنحاء سوريا في كانون الثاني المقبل، بسبب نقص التمويل، وأنه سيواصل دعم الأسر المتضررة من حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية من خلال “تدخلات طارئة أصغر وموجهة أكثر” دون تحديد طبيعة هذه التدخلات.

وذكر أن برنامج مساعدة الأطفال دون سن الخامسة والأمهات الحوامل والمرضعات من خلال برامج التغذية لن يتوقف، وسيواصل تقديم برنامجه الغذائي في المدارس ومراكز التعليم ضمن برنامج الوجبات المدرسية، وفق بيان أصدره في 4 من كانون الأول 2023، وصلت إلى عنب بلدي نسخة منه.

ومن البرامج التي سيستمر “WFP” في دعمها، برنامج “دعم سبل العيش” لفئة الأسر الزراعية المدرجة في البرنامج، بالإضافة إلى تدخلاته الداعمة للنظم الغذائية المحلية، مثل إعادة تأهيل أنظمة الري والمخابز.

وأقر “WFP” أن الأمن الغذائي في سوريا أصبح أدنى من أي وقت مضى، ورغم الانخفاض التدريجي في حجم الحصص الغذائية وقيمة القسائم الإلكترونية، لا يستطيع البرنامج مواصلة تقديم الغذاء بالمستوى الحالي بسبب أزمة تمويل “تاريخية خانقة ستكون لها عواقب لا توصف على ملايين الأشخاص”، وفق البيان.

ويعيش ما يقارب 90% من السوريين تحت خط الفقر، وهناك أكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقرير نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في حزيران 2023.

ويعيش في الشمال السوري 4.5 مليون شخص، ويعاني 3.7 مليون منهم انعدام الأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة