وجهاء درعا قلقون من تصاعد الاعتقالات وحجز الممتلكات

من أحد الشوارع المتضررة في مدينة درعا البلد جنوبي سوريا- 25 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

camera iconمن أحد الشوارع المتضررة في مدينة درعا البلد جنوبي سوريا- 25 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

tag icon ع ع ع

أصدرت “عشيرة درعا البلد” بيانًا طالبت فيه النظام السوري بالالتزام بتطبيق بنود “اتفاق التسوية” الذي وقع بضمانة روسية، في الجنوب السوري عام 2018، وأبرزها الإفراج عن جميع الموقوفين تعسفيًا، وإلغاء المطالب الأمنية وإيقاف الحجر على أملاك وأموال المعارضين له.

وجاء في البيان، الصادر في 24 من كانون الثاني، واطلعت عنب بلدي على نسخة منه،  إنه في الوقت الذي كان يتوجب على النظام السوري تعزيز مسار “التسوية” وتنفيذ ما اتفق عليه الجانباء،  قرر أن ينتهج مسارًا آخر في التعامل مع أبناء درعا.

وانتقدت “عشرة درعا البلد”، المكونة من الأعضاء السابقين في “اللجنة المركزية” في المدينة نفسها، زيادة نسبة المطلوبين أمنيًا، إذ أشار البيان إلى أن النظام ضاعف من الاعتقالات التعسفية والحجز على أملاك المعارضين له، وتذرع المسؤولون بتطبيق أحكام قضائية تابعة لـ”محكمة الإرهاب” و”المحكمة العسكرية”.

ورأت “العشيرة” أن هذه التصرفات تقوض عملية “التسوية” وتزيد من الفوضى والتوتر والتصعيد.

وكانت “اللجنة المركزية” في درعا البلد حلّت نفسها في آب 2022، وأبلغت عشائر درعا البلد بقرار الحل، تاركة العمل للجهود العشائرية، موضحة أن كل عشيرة مسؤولة عن نفسها فيما يتعلق بالمفاوضات مع النظام وقضايا مدن وقرى درعا.

وقال مصدر من وجهاء درعا البلد حينها، لعنب بلدي، إن اللجنة اصطدمت بخلافات عشائرية خلال مفاوضاتها الأخيرة، إذ دائمًا يطالب النظام بترحيل أشخاص محددين من المدينة، وهو ما ترفضه بعض العشائر.

ما القصة

في 22 من كانون الثاني الحالي، اعتقلت قوات النظام السوري مدنيًا ينحدر من مدينة درعا البلد خلال رحلته إلى العاصمة دمشق، ما دفع وجهاء المنطقة للمطالبة بالإفراج عنه، لكنهم اصطدموا بتبريرات تقول أن المدني مطلوب بتهمة أمنية.

عضو سابق في “اللجنة المركزية”، قال لعنب بلدي إن وجهاء من مجلس “عشيرة درعا البلد” طالبوا بالإفراج عن الشاب لكنهم تلقوا ردًا يفيد بأن المدني مطلوب للقضاء العسكري بتهمة الانضمام لـ”مجموعة مسلحة” عام 2011، تسببت بمقتل مجند سوري.

وأرجع المسؤولون الأمنيون خلال لحديثهم لوجهاء درعا البلد، أن دعوى أقيمت بناءً على ادعاء من ذوي مجند قتل في درعا عام 2011.

عضو “اللجنة”، الذي تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، أضاف أن مخاوف وجهاء درعا البلد تتمحور حول أن هذه التصرفات قد تطال جميع المعارضين عبر ادعاءات “كيدية”، مشيرًا إلى أن اتفاق “التسوية” كان كفيلًا بإلغاء جميع المطالب الأمنية، وهو ما قدمت روسيا ضمانات له، لكن ذلك لم يحصل.

فيصل أبازيد، العضو السابق في “اللجنة المركزية” وأحد أعيان درعا البلد، قال لعنب بلدي إن بيان “مجلس عشيرة درعا” يتعلق باعتقال سكان درعا البلد بعد إجراء “التسويات”، ومحاسبتهم على أعمال قاموا بها خلال الثورة، رغم أن اتفاق “التسوية” يضمن عدم ملاحقة أحد بهذه التهم.

وأضاف أن النظام السوري لم يلتزم بالاتفاق، وكذلك الدولة الضامنة لـ”التسوية” في إشارة إلى روسيا، معتبرًا أنه لا سبيل لمواجهة هذه التصرفات إلا بوقفة واحدة من أهل حوران.

وبعد التسوية التي أفضت لسيطرة النظام السوري على محافظتي درعا والقنيطرة استمر باعتقال العشرات من أبناء المحافظتين شهريًا، بحسب تقارير وثقتها جهات حقوقية منها “مكتب توثيق الشهداء” في درعا.

ووثق “المكتب” في أحدث تقاريره اعتقال واختطاف ما لا يقل عن 25 شخصًا في تشرين الثاني 2023 وحده، أُفرج عن عشرة منهم لاحقًا.

ولفت المكتب في تقريره حينها إلى أن هذه الإحصائية لا تشمل المعتقلين المساقين للخدمة العسكرية والاحتياطية.

الحجز على أموال المعارضين

عضو “اللجنة” في درعا البلد، قال لعنب بلدي إن الحجز على أملاك السكان في درعا البلد يشكل مشكلة جديدة، مشيرًا إلى أن النظام أصدر قبل أربعة أشهر قرارات قضت بالحجز على أملاك معظم أعضاء “اللجنة المركزية” السابقين، بقرار من “محكمة الإرهاب” بدمشق.

وشملت القرارات الحجز القيدي على جميع عقارات وأموال الأعضاء المنقولة وغير المنقولة.

وتواصلت عنب بلدي مع عدد من الأعضاء أكدوا أن الحجز لحق جميع ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.

عضو ثانٍ في “اللجنة المركزية” (تحفظ على اسمه لأسباب أمنية) قال لعنب بلدي إن قرار الحجز جاء مؤخرًا بسبب مشاركة الأعضاء بمظاهرات مناهضة للنظام، منها التي خرجت في ذكرى اندلاع الثورة السورية مطلع 2023.

وتشكلت “اللجنة المركزية” في درعا البلد بعد “تسوية 2018” لمفاوضة النظام السوري، وحليفه الروسي، واتخذت اللجنة الطابع المدني، إلى جانب لجنة أخرى في الريف الغربي، بالإضافة إلى “اللواء الثامن” المشرف على الريف الشرقي.

ومن أبرز أعضاء لجنة درعا البلد الشيخ فيصل أبازيد، والمحامي عدنان مسالمة، والدكتور زياد محاميد، وعماد مسالمة، والقيادي السابق في فصائل المعارضة خالد أبازيد، والقيادي السابق “أبو شريف محاميد”، والقيادي السابق “أبو منذر الدهني”.

واعتبرت اللجنة من عام 2018، وحتى 2022، الجهة المسؤولة المفاوضات، وخلال الحصار الذي فرضته قوات النظام على مدينة درعا البلد في تموز 2021 ودام لشهرين، توصلت “اللجنة” أيضًا لـ”تسوية جديدة” أنهت التوتر.

النظام يصادر أملاك معارضيه

في 30 من تشرين الثاني 2023، أقرّ مجلس الشعب السوري، في جلسة استثنائية، قانونًا يخوّل السلطة التنفيذية بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بحكم قضائي مبرم.

ويأتي هذا القانون إكمالًا لسلسلة من القوانين لإضفاء صبغة شرعية على الاستيلاء على أملاك المعارضين.

وأصدر مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” ورقة بحثيّة، ركزت على تحليل الممارسات بحق المعارضين، ولا سيّما مسألة استخدام القانون والتشريعات لشرعنة إجراءاته غير القانونية.

وتناولت الورقة جانبًا من ممارسات النظام، بين البعد الأمني الذي يتحكم في تفاصيل الوضع السوري، والبعد القانوني الذي فقد مع الزمن أي استقلالية عن إرادة السلطة التنفيذية.

على مدار السنوات السابقة صدرت مجموعة من المراسيم والقوانين، تبيح الاستيلاء على ملكيات المعارضين، أبرزها كان المرسوم “66” لعام 2012 الذي فتح الباب أمام مصادرة ملكيات المعارضة تحت ذريعة “التنظيم العقاري لمناطق واسعة”، ولا سيما في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية واسعة مقل العاصمة دمشق وريفها، بحسب الدراسة.

تبع ذلك المرسوم التشريعي رقم “40” لعام 2012، الذي نص على إزالة الأبنية المخالفة، وتكمن خطورة هذا المرسوم بصعوبة إثبات أن المخالفة حصلت قبل تاريخ صدوره، بحسب الدراسة، التي أعدها الباحثان في المركز، سعدالله شريف، وإبراهيم خولاني.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة