عوامل تجعل من حرب إسرائيلية على لبنان “كارثية”

انتشار للجيش اللبناني في منطقة استهدفتها القوات الإسرائيلية 26 شباط 2024 (النهار)

camera iconانتشار للجيش اللبناني في منطقة استهدفتها القوات الإسرائيلية - 26 من شباط 2024 (النهار)

tag icon ع ع ع

شهدت العمليات العسكرية المتبادلة بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية للبنان، المتاخمة لفلسطين المحتلة، تصعيدًا لافتًا مع ضربة عسكرية في العمق اللبناني، للمرة الأولى منذ اندلاع العمليات في تشرين الأول 2023.

التصعيد الإسرائيلي، الاثنين 26 من شباط، وتعثر الوساطة الأمريكية- الفرنسية بين الطرفين، يفتحان الباب أمام إمكانية شنّ إسرائيل عملية عسكرية شاملة ضد لبنان.

وأطلق وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، تهديدًا مباشرًا تجاه لبنان، في حال لم تنسحب القوات التابعة لـ”حزب الله” إلى خلف نهر الليطاني، بمعزل عن أي اتفاق مع قطاع غزة.

التهديد الإسرائيلي ليس الأول منذ تشرين الأول 2023، لكن الضربة التي استهدفت بعلبك، الاثنين، تشير إلى إمكانية ذهاب إسرائيل بالفعل باتجاه عملية أوسع ضد لبنان، قد لا تكتفي بالمناطق الجنوبية.

وتكررت هذه التحذيرات منذ مطلع شباط الحالي، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن عدم التوصل لحل دبلوماسي يعني تحرك القوات عسكريًا.

“كارثة حقيقية”

التهديد بعملية عسكرية يثير المخاوف في الداخل اللبناني، اقتصاديًا على الأقل، مع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد منذ 2019، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي والأضرار التي لحقت بقطاع السياحة، أحد أبرز قطاعات الاقتصاد في لبنان.

وستشكل حرب شاملة كارثة على لبنان، وبالإضافة إلى الخسائر المتوقعة في الأرواح، فإنها ستلحق أضرارًا هائلة في الاقتصاد، الذي يعاني بالأساس من أزمة اقتصادية، منذ 2019.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الاثنين، إن البلاد التي تعاني من التفكك في كل مكان، قد تقع في كارثة حقيقية إن وقعت حرب شاملة.

ومنذ 2022، لم ينتخب البرلمان اللبناني رئيسًا، والحكومة مؤقتة والاقتصاد في أسوأ حالاته منذ الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، كما فقدت الليرة اللبنانية حوالي 90% من قيمتها.

وتلعب التحويلات المالية الخارجية دورًا كبيرًا بمساعدة اللبنانيين، ووفق تقرير للأمم المتحدة، وصلت المبالغ المحولة في 2023 إلى 6.5 مليار دولار أمريكي في 2023.

الصحيفة قالت إن اندلاع حرب شاملة ستمنع وصول هذه التحويلات إلى البلاد، وهي، إلى جانب عائدات ضئيلة من السياحة، بمثابة المصدر الوحيد للقطع الأجنبي.

وإلى جانب الاقتصاد، فإن نظام الرعاية الصحية لن يكون بإمكانه التكيف في حال اندلاع الحرب.

المفاوضات متوقفة.. لا مكان للدبلوماسية

منذ اندلاع الاشتباكات بين الطرفين، زار عشرات المسؤولين الغربيين العاصمة اللبنانية بيروت، سواء بشكل معلن أم سرّي.

وهدفت معظم الزيارات إلى محاولة إقناع الأطراف اللبنانية، المقربة من “حزب الله” والمتحالفة معه، أو تلك الواقفة في المعسكر المعارض، للضغط على الحزب والسير نحو التهدئة.

وبقدر ما حملت هذه الزيارات تهديدات إسرائيلية بشن ضربة شاملة ضد لبنان ككل، فإنها قدمت مبادرات للتهدئة، كان آخرها الورقة الفرنسية- الأمريكية، التي تلقاها رئيس الوزراء اللبناني المؤقت، نجيب ميقاتي، مطلع شباط الحالي.

ويبدو أن مسار التهدئة لا يتوافق مع ذاك المتعلق بقطاع غزة، خصوصًا أنه لم يتم الإعلان رسميًا عن أي اتفاق أو رد رسمي على الورقة، مع تراجع لافت لزيارات المسؤولين الغربيين المعلنة، على رأسهم المبعوث الأمريكي، آموس هوكشتاين.

وذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، المقربة من “حزب الله” اليوم، الثلاثاء 27 من شباط، أن الحكومة اللبنانية “أرجأت الرد على ورقة الترتيبات الأمنية.

وأوضحت أن الجانب اللبناني طلب تحويلها إلى ورقة رسمية، وأن عدم الرد جاء لأن الورقة “لم تراعِ الأصول الدبلوماسية”، وخلت من شعار الخارجية الفرنسية.

وتخالف هذه التسريبات ما أشار إليه وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، بأنه بحث وميقاتي الرد على المقترح وسيرسل الرد في الأسبوع المقبل.

ووفق “الأخبار”، فإن هناك قناعة لبنانية بأن فرنسا غير مهيأة للعب دور في المفاوضات باعتبار أن موقفها متماهٍ مع موقف إسرائيل، وكذلك ضرورة انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات في القاهرة حول قطاع غزة.

وقدمت فرنسا، مطلع شباط الحالي، مقترحًا يتكون من ثلاث مراحل تمتد لعشرة أيام، يتضمن وقف العمليات العسكرية وترسيم الحدود وتفكيك منشآت عسكرية تابعة لـ”حزب الله”، وانسحاب إسرائيل من مناطق لبنانية محتلة.

وشهدت الحدود الجنوبية اليوم، استهدافات إسرائيلية لمناطق تقصف للمرة الأولى، طالت بلدتي البيسارية وجبشيت، كما دمرت منزلًا من ثلاثة طوابق في بلدة المنصوري.

فيما قصف “حزب الله” مواقع عسكرية إسرائيلية في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، ومناطق الجليل الأعلى شمالي فلسطين المحتلة.

ووفق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، نزح 89 ألفًا و817 شخصًا من الحدود اللبنانية، فيما قتل 199 لبنانيًا وأصيب 941 شخصًا، وفق بيانات وزارة الصحة اللبنانية، وذلك منذ بدء الاشتباكات في تشرين الأول 2023.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة