نسخة جديدة من “أوبريت الحلم العربي” برعاية إماراتية

المغنية الإماراتية أحلام في لقطة من النسخة الجديدة من أوبريت الحلم العربي شباط 2024 (لقطة شاشة)

camera iconالمغنية الإماراتية أحلام في لقطة من النسخة الجديدة من أوبريت الحلم العربي - شباط 2024 (لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

22 فنانًا عربيًا وقفوا على المسرح، دعوا بصوت واحد لتوحيد الدول العربية، و”فيديو كليب” مرافق شهد أبرز الانتهاكات والمجازر بحق المدنيين طوال 50 عامًا، منذ قيام “دولة إسرائيل” في 1948 وحتى 1998″، ضمن “أوبريت الحلم العربي”.

صدرت نسخة جديدة من “الأوبريت”، الاثنين 26 من شباط، برعاية إماراتية كاملة، وأثارت جدلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل صحفيين مختصين بالشأن الفني.

الأعنية التي نشرت في ختام الموسم الرابع من “صنّاع الأمل”، الذي ترعاه حكومة الإمارات، شهدت تغييرًا ببعض كلماتها الأصلية، ومشاركة فنانين جدد بدلًا من الفنانين في النسخة الأولى.

وسعى القائمون على النسخة المحدثة من “الأوبريت” إلى ربطه بـ”صنّاع الأمل” الإماراتي الحكومي، عبر عبارة على لسان المغنية الإماراتية أحلام “صنّاع الأمل التموا علشان الحلم كبير، الإيد بالإيد هيضموا للنهضة وللتعمير”.

التغييرات لم تطل كلمات “الأوبريت” فقط، بل كذلك الفيديو المرافق، الذي احتوى على أطفال وفنانين أمام أضواء مبهرة في استوديوهات تصوير.

في حين كانت الكلمات المليئة بالأمل والتفاؤل وأهمية العلم معاكسة تمامًا للحن حزين صمم أساسًا للتذكير بمعاناة الشعوب العربية من الاحتلال والمجازر التي ارتكبت بحقهم.

https://www.youtube.com/watch?v=wk9CV_m05us

ما بين الأغنتين.. الانتهاكات غائبة

في النسخة الأولى، التي أنتجت في 1996 وحُدّثت في 1998، وقُدّمت حينها في ساحة الشهداء، وسط العاصمة اللبنانية بيروت، بمشاركة 22 مطربًا عربيًا حينها، بدا المطربون العرب أكثر حزنًا وتأثرًا، داعين بشكل علني للوحدة العربية.

عشرات المقاطع التي تظهر الاشتباكات بين المدنيين الفلسطينيين وجنود إسرائيليين، وشخصيات تاريخية مرتبطة بأحداث بارزة في العالم العربي ربما لا يزال العالم العربي يدفع ثمنها حتى اليوم (نكسة 1967 مثالًا وتنحي عبد الناصر عن الحكم واجتياح إسرائيل للبنان في 1982).

هذه المقاطع كلها، التي تشكل حتمًا تاريخًا عربيًا عاشته البلاد العربية، غابت عن النسخة المحدثة، بما في ذلك لحظات “مجيدة” عاشها المصريون على الأقل باقتحام خط بارليف في 1973 وتحرير أراضٍ مصرية احتلتها إسرائيل.

وجاء في تلك النسخة حينها “من أي مكان في الأرض، ناطق بلسان الضاد، وبأعلى الصوت والنبض، منقول الوحدة ميلاد”.

الصحفي الفلسطيني راشد العيسى، انتقد في مقال نشرته صحيفة “القدس العربي”، الاثنين، النسخة الجديدة من “الأوبريت”، معنونًا بـ”الحلم العربي إبراهيمي ومنفوخ الشفاه”.

واعتبر العيسى أنه لا إمكانية للانخداع بـ”حلقة جديدة من الأوبريت التي أطلقت أخيرًا، فهذه المرة يقول الواقع أشياء أكثر فداحة من أي وقت مضى، تدحض الحلم العربي، بل وفكرة العروبة من أساسها”.

وأضاف أنه “على ما يبدو، ما أرداته النسخة الجديدة التخلص من بعض مثالب الفيديو القديم التي لم تعد صالحة للزمان الإبراهيمي”، في إشارة إلى اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، المعروفة باسم “اتفاقية أبراهام“.

ومنذ إعلان الاتفاق في 2020، الذي شمل في مرحلته الأولى البحرين، ولاحقًا السودان والمغرب، أعلنت الإمارات بالفعل عن عشرات الاتفاقيات مع إسرائيل، ضمن مجالات السياحة والتكنولوجيا والاقتصاد والزراعة وغيرها.

كما اكتسب طريق بري يربط الإمارات وإسرائيل وأطلق دون دعاية، زخمًا بعد هجمات جماعة “الحوثي” في البحر الأحمر، منذ كانون الأول 2023.

وسعى الطريق البري لتسهيل نقل البضائع بين دبي ومدينة حيفا، عبر السعودية والأردن.

وخصص “أوبريت الحلم العربي” الجديد لانتزاع أحداث عربية بارزة، وصولًا للكوفية الفلسطينية، بشكل هزيل ومنزوع الدسم، وبكلمات طرية رومانسية في أسوأ مناخ عربي ممكن، وفق العيسى.

وغيّر القائمون على النسخة الجديدة من “الأوبريت” عدة جمل من الأوبريت الأصلي ، وفي حين احتوى الأخير على كلمات وجمل واضحة تخص القضية الفلسطينية، خلت النسخة الجديدة من أي إشارة لهذا الملف.

وإحدى الجمل المحذوفة هي “محتاج العدل القوة علشان تقدر تحميه، ولا عمر بكلمة وشكوى حق بيرجع أراضيه”، و”الحب اللي ناره شراره وعيون مليانة بشارة، بيعيد تكوين العالم، أطفال بإيدها حجارة”.

وتبلغ مدة الأغنية الأصلية 18 دقيقة تقريبًا، في حين لا تتجاوز النسخة الجديدة أربع دقائق ونصفًا، وأضيف إليها عبارة “العالم كله يجري ويسابق من حوالينا، لازم نتقدم نجري بالعلم بعزم ما فينا”.

وهاجم مشاهدون، عبر التعليقات في منصة “يوتيوب” حيث عرضت الأغنية، النسخة الحديثة منها، معتبرين أنها “إبرة مخدر للوجع العربي” و”ينقصها شيء بات يقمع من أجله في العصر الحالي”.

الأمل الذي صدّره “الأوبريت” بنسخته الحديثة، والذي يبدو للوهلة الأولى ضروريًا وأساسيًا، نظرًا لأهمية العلم والتكنولوجيا اليوم، يتحاشى الرسالة الأولى التي تضمنتها النسخة الأولى، المتعلقة بحقوق الإنسان والحرية والتكتلات الجامعة لمصالح الدول، والتخلص من الاحتلال.

وكان إصدار عام 1998 جاء مع الذكرى الـ50 للنكبة في 1948، والتي شهدت إعلان إقامة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية.

فنانون غائبون

على عكس الأغنية الأصلية التي ضمت 22 فنانًا عربيًا بأصواتهم، بالإضافة إلى مخرج العمل طارق العريان الفلسطيني- المصري، وكاتب “الأوبريت”، مدحت العدل، والموزع حميد الشاعري، خلت الأغنية الجديدة من الكثير من الأسماء القديمة.

فلا وجود للطفي بوشناق ونبيل شعيل وديانا حداد ومحمد المازم وأنوشكا ونور مهنا وعلي عبد الستار وغادة رجب وليلى غفران وسمية حسن وماجد المرزوقي وناصر المزداوي ومحمد الحلو، بالإضافة للمطربة التونسية ذكرى، التي قتلت في 2003.

وضمت كلًا من ماجد المهندس وعاصي الحلاني وأحمد فتحي وبلقيس ومحمد عساف.

وفي تشرين الأول 2023، أعلن مؤلف “الأوبريت”، مدحت العدل، في تصريحات نقلتها صحيفة “المصري اليوم” إن إعادة تقديمه اليوم يأتي لما يمثله من “حب وحنين جارف للقضية الفلسطينية”.

ويبدو أن الأمر لم يجرِ كما يشتهي العدل، وألغيت القضية الفلسطينية من النسخة الجديدة لـ”الأوبريت”، علمًا أنه أعلن في الأسبوع عن نفسه، عن إعاد إنتاج أغانٍ أخرى عن فلسطين.

ما “صنّاع الأمل”؟

صنّاع الأمل” مبادرة حكومية من إمارة دبي، برعاية حاكمها، محمد بن راشد آل مكتوم، وتهدف وفق موقعها الرسمي لـ”الاحتفاء بأصحاب العطاء في الوطن العربي”، وذلك عبر تكريم مبادراتهم ومشاريعهم وحملاتهم الإنسانية والخيرية والمجتمعية، وتحسين بيئاتهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة