انخفاض وتيرة تهريب المخدرات نحو الأردن.. تغيير تكتيكي

رئيس النظام السوري بشار الأسد، والملك الأردني عبد الله الثاني (تعديل عنب بلدي)

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد، والملك الأردني عبد الله الثاني (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

شهدت عمليات تهريب المخدرات نحو الأردن انخفاضًا خلال الشهر الماضي، مقارنة بما كانت عليه في كانون الثاني الأول، من حيث الكم والنوع، إذ لم يعلن الأردن عن عمليات تهريب للأسلحة، أو اشتباكات على الحدود المشتركة بين البلدين منذ نحو شهر.

أحدث ما أعلن عنه الأردن كان اليوم، الثلاثاء 12 من آذار، إذ قالت مديرية الأمن العام الأردنية إنها والقوات المسلحة الأردنية تتابعان التحقيقات بعد العثور على أجزاء من طائرة مسيّرة في محافظة إربد على مقربة من الحدود السورية.

وأضافت عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك”، أن حطام المسيّرة عثر عليها في منطقة خالية، ولم ينتج عنها أي أضرار تذكر، وهي الأولى من نوعها خلال أكثر من شهر.

من جانبه، قال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، إن الفرق المتخصصة بمعالجة المتفجرات في القوات المسلحة والأمن العام عثرت على أجزاء طائرة مسيّرة بمنطقة خالية من السكان في نطاق منطقة سمع فيها دوي انفجار الاثنين.

وعادة تستخدم الطائرات المسيرة في عمليات تهريب المخدرات من سوريا نحو الأردن، ويتهم النظام السوري بتسهيل عمليات التهريب هذه، باعتبارها اقتصادًا موازيًا بالنسبة له.

تزامنًا مع لجنة لـ”المكافحة”

في 17 من شباط الماضي، أعلن وزير الداخلية الأردني تشكيل خلية اتصال مشتركة تضم ضباط ارتباط من الأردن وسوريا والعراق ولبنان، وتعنى بتبادل الخبرات حول عمليات تهريب المخدرات، وتوسعت لاحقًا لتشمل مصر أيضًا.

وقال الفراية بعد اللقاء الذي جمع وزراء داخلية الأطراف الأربعة، في عمان، إن الجميع معترف بوجود مشكلة كبيرة هي مشكلة المخدرات، والدول تعمل على المستوى الوطني للتعامل مع هذه الظاهرة، لكن دون جهد تنسيقي مشترك من قبل الدول المجتمعة لن يكون هناك نتائج كالمأمولة.

وأضاف الوزير الأردني، “أهم ما اتفقنا عليه الاعتراف بوجود المشكلة والاتفاق على ضرورة متابعة هذه الاجتماعات على المستوى الوزاري، والفني، والتأسيس لخلية اتصال مشتركة فيها ضباط ارتباط من الدول المختلفة تعني بتبادل الخبرات والتدريب ومتابعة المعلومات السابقة و اللاحقة، وتتبع الشحنات الخارجة من الدول إلى وجهتها النهائية”.

اللجنة تعتبر الثانية من نوعها، للغرض نفسه، إذ أعلن في تموز 2023، عن اجتماع “اللجنة الأردنية- السورية المشتركة” للتعاون في مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، بحسب ما ذكرته وزارة الخارجية الأردنية.

وترأس الاجتماع حينها من جانب النظام السوري وزير الدفاع، العماد علي محمود عباس، ومدير المخابرات العامة، اللواء حسام لوقا، ومن الجانب الأردني رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة، اللواء أحمد حسني.

وبحسب البيان الأردني، فإن الاجتماع، الذي لم يحدد مكان عقده، بحث التعاون المشترك في مواجهة “خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب عبر الحدود نحو الأردن”.

هل وصلت لنتيجة؟

استمر النشاط الأمني الأردني على الحدود مع سوريا حتى بعد الإعلان عن تشكيل لجنة التنسيق، بحسب ما يراه الباحث الاستراتيجية لأردني عامر السبايلة، إذ وصف النشاط الأردني بـ”الكبير” مشيرًا إلى أن السلطات الأردنية تمكنت سابقًا من تفكيك الخلايا النشطة بعمليات التهريب عبر الحدود.

السبايلة قال لعنب بلدي إن الأردن أرسل رسائل للنظام السوري فحواها أنه سيقوم بخطوات على الأرض، خصوصًا فيما يتعلق بـ”تجفيف منابع المخدرات عبر عمليات حتى ولو كانت بالداخل السوري”.

التصعيد الأردني دفع بعض الدول العربية للعب دور الوسيط مع النظام السوري للتخفيف من حدة التصعيد الذي خلفه ملف المخدرات عبر الحدود، بحسب السبايلة.

وتكررت الغارات الأردنية على قرى ريف محافظة السويداء الجنوبي مستهدفة مستودعات للمخدرات بالمنطقة، وأسفرت عن مقتل مدنيين في معظم الأحيان، أحدثها كان في بلدة عرمان شرقي المحافظة، خلف تسعة قتلى.

ويرى الباحث أن النظام السوري يعي تمامًا أن الظروف غير مواتية لأي تصعيد ضده في المنطقة، إلى جانب أن الوصمة التي تلاحقه فيما يتعلق بتجارة المخدرات لن تصب في مصلحته.

“نظام الكبتاجون”

مطلع 2023، أبصر مشروع قانون مكافحة المخدرات التي يديرها النظام السوري النور بعد مخاض عسير بين الغرف والمجالس التشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويهدف القانون بحسب بنوده إلى تعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات المرتبطة برئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي حوّل سوريا إلى مكان مجهز بالكامل لصناعة المخدرات، وتوضيبها وتجهيزها للتصدير، ثم إيصالها إلى شبكات التهريب وبيعها خارج البلاد.

الباحث الاستراتيجي عامر السبايلة يعتقد أن هذا القانون يدفع النظام السوري نحو تجنب الانخراط في أي تصعيد متعلق بالمخدرات، خصوصًا مع القانون الذي مر بسلاسة من أروقة الكونجرس مؤخرًا، حول تجريم التعامل أو التطبيع مع النظام السوري.

السبايلة يرى أن الحلقة تضيق، حول خيارات النظام السوري، وفكرة تجريمه على جميع الأصعدة صارت أكثر خطورة مما كانت عليه سابقًا، خصوصًا مع التحولات في الإقليم، وطرح احتمالية استهدف ميليشيا “حزب الله” اللبناني، أو حتى خيار الحرب مع إيران.

التغيرات المتعاقبة التي خلفها التصعيد في الشرق الأوسط، بحسب السبايلة، قد يدفع النظام السوري لإعادة النظر بسلوكه، فقد يصبح وحيدًا في حال امتد التصعيد ليشمل الميليشيات الإيرانية في لبنان والعراق.

وقد تشكل هذه التحولات دافعًا للنظام السوري لإعادة تشكيل استراتيجيته نحو الإقليم، وبالتحديد الدول التي ساعدته على العودة إلى الوسط العربي مؤخرًا.

تغيير من الداخل

بعد إعادته إلى الجامعة العربية، ومشاركته في قمتين خلال 2023، عينت السعودية أول دبلوماسييها في دمشق منذ 2012، وهو قائم بأعمال السفارة في دمشق.

الإعلان عن هذه الخطوة سبقه بيوم واحد تعيين الإمارات سفيرها الأول في دمشق منذ نحو 11 عامًا، في 30 من كانون الثاني الماضي.

الرياض وأبو ظبي قطعتا علاقتهما السياسية بالنظام السوري وسحبتا سفيريهما من دمشق في 2012، بسب التعاطي القمعي لقوات النظام مع احتجاجات السوريين المطالبة بإسقاط النظام حينها، واستعادت كل منهما علاقتها بدمشق بظروف مختلفة زمنيًا وسياسيًا على مستوى سوريا والإقليم.

التغييرات في السياسة الخارجية تزامنت مع تغييرات على الصعيد الداخلي في البنية الأمنية والعسكرية والإدارية، وحتى الحزبية بالنسبة للنظام.

الباحث عامر السبايلة يعتقد أن الاستراتيجية العربية تجاه النظام السوري كانت تتمحور حول إحداث تغيير من الداخل، وهو ما يتعلق بملف تهريب المخدرات أيضًا الذي استمر حتى مع وجود تنسق بين دمشق وعمان لمكافحتها.

وأضاف أن المتغيرات الإقليمية المحيطة أدت إلى بداية طرح تغيير من داخل النظام، مشيرًا إلى أنه قد يكون تغييرًا مرحليًا أو تكتيكيًا، لكن في نهاية المطاف، لا يمكن أن ينهي هذا التكتيك التوتر الناجم عن تهريب المخدرات نحو الأردن ما لم يكن تغييرًا على المدى الطويل.

سجال سبق الهدوء

في 23 من كانون الثاني الماضي، نقلت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، عن وزارة الخارجية بحكومة النظام السوري، أن سوريا تشدد على أنه لا مبرر لمثل للعمليات العسكرية داخل أراضيها (في إشارة إلى القصف الأردني)، مؤكدة محاولتها احتوائها، حرصًا منها على عدم التوتر أو التأثير على استمرار استعادة العلاقات بين البلدين.

ولفتت الخارجية إلى أن “سوريا عانت منذ عام 2011 من تدفق عشرات الآلاف من الإرهابيين وتمرير كميات هائلة من الأسلحة انطلاقًا من دول جوار ومنها الأردن، مما أدى إلى سقوط آلاف الأبرياء وتسبب بمعاناة كبيرة للسوريين في مختلف مجالات الحياة وتدمير البنى التحتية”، بحسب “سانا”.

ولم يمض سوى ساعات على تعليق الخارجية السورية، حتى خرج المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، سفيان القضاة، رافضًا “الإيحاءات” بأن الحدود الأردنية كانت يومًا مصدرًا لتهديد أمن سوريا، أو معبرًا لـ”الإرهابيين الذي كان الأردن أول من تصدى لهم”.

وأضاف، بحسب ما نقلته قناة “المملكة” الأردنية، أن تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن “خطر يهدد الأمن الوطني الأردني”، مشيرًا إلى أن بلاده ستستمر بالتصدي لهذا الخطر ولكل من يقف وراءه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة