“الدولرة” تخلق فجوة بين الرواتب والأسعار في الحسكة

مجموعة من الموظفين المتقاعدين يصطفون لاستلام رواتبهم في بريد القامشلي- 22 من شباط 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

camera iconمجموعة من الموظفين المتقاعدين يصطفون لاستلام رواتبهم في بريد القامشلي- 22 من شباط 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

يعاني سكان المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) من انتشار تسعير المواد الأساسية، والمعاملات التجارية بالدولار، إذ أطلقت “الإدارة الذاتية” وهي المظلة السياسية لـ”قسد” ما يُعرف اليوم محليًا بـ “الدولرة”.

ومنذ لحظة تطبيقه شكل هذا التوجه عبئًا على ذوي الدخل المحدود، الذين يواجهون أصلًا صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية بسبب تقلبات سعر الصرف وارتفاع الأسعار، خصوصًا أن رواتب العاملين والموظفين تصرف “بالليرة السورية”، بغض النظر عن وضع العملة المحلية.

وخلقت التسعيرة الجديدة فجوة بين رواتب الموظفين والتسعيرة، نظرًا لكون الدخل بالعملة المحلية، وأسعار السلع مقرونة بالدولار.

ثامر الكيرط (46 عامًا)، من سكان مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، قال لعنب بلدي إنه يعاني من تسعير كل شيء بالدولار، بينما يستلم راتبه الشهري بالليرة السورية، ما يجعل من الصعب تلبية احتياجات الحياة اليومية نظرًا لارتفاع الأسعار، وعدم استقرار أسعار الصرف.

يعمل ثامر موظفًا في القطاع الخاص ويتقاضى نحو مليون ليرة سورية كراتب شهري، ويعتقد أن قيمة راتب تتآكل باستمرار بسبب “الدولرة”.

ومنذ عدة أشهر كان راتبه يعادل نحو 100 دولار، بينما يعادل اليوم 70 دولارًا، ومنذ شهر بالضبط كان يعادل 65 دولارًا، وتتقلب أسعار الصرف على هذا الشكل، ما يزيد الفجوة بين ما يكسبه بالليرات السورية، وما يحتاج لإنفاقه بالدولار.

وحسبما رصدت عنب بلدي يبدو الأمر أصعب بالنسبة لعمال المياومة الذين يعادل دخلهم اليومي دولارًا واحدًا فقط، وكذلك موظفي القطاع العام الذين يعادل مرتبهم في أحسن الأحوال 35 دولارًا في الشهر.

يقيم عادل في الحسكة ويسكن بمنزل مستأجر بـ75 دولارًا في الشهر، ويعاني بدوره من “الدولرة” حتى مع وجود قانون من “الإدارة الذاتية” بتحديد إيجار المنازل بالليرة السورية، إذ لا تنفذ هذه القوانين ولا يمكن العثور على منزل مسعّر بالليرة السورية بمدينة الحسكة.

وأضاف أنه في كل شهر يذهب لشراء الدولار من أجل دفع إيجار المنزل الذي يقطنه مع عائلته المكونة من أربعة أفراد، ويتمكن من سداد مستحقات إيجار المنزل متكئًا على شقيقه المقيم في أوروبا، من خلال إرسال الحوالات المالية له شهريًا.

أضرار لامست القطاع الصحي

لا يقتصر التسعير بالدولار على المواد الأساسية، بل بدأ يشيع في القطاع الصحي، ما شكل تحديًا جديدًا أمام سكان المنطقة، وأبعدهم عن خيارات الطبابة.

طبيب الأسنان محمد العلي يقيم ويعمل في مدينة الحسكة، قال لعنب بلدي إن “الدولرة” تأثر بشكل “كبير” في القطاع الصحي أكثر من أي قطاع آخر، مشيرًا إلى أن المواد الأولية التي تدخل في علاج الأسنان بدءًا من علبة المخدر والقطن والمعقم تسعّر بالدولار، ما يدفعهم لرفع الأسعار لمواكبة السوق.

وأضاف أن خلل الأسعار  أثر على جودة العلاج، فربما يضطر الطبيب لاستخدام مواد رخيصة وذات جودة منخفضة لتقليل التكاليف على المريض، ومن الصعب الموازنة بين الجودة والسعر، وفي حال فشل المعالجة فإن الملام هو الطبيب في كل الأحوال.

وحسبما رصدت عنب بلدي في عيادات أخرى فإن عمليات زرع الأسنان تسعر بالدولار حصرًا، كما العيادات التجميلية ومراكز العناية تسعر خدماتها بالدولار الأمريكي.

تشجيع على استبدال الدولار بالليرة

يرى مدنيون في شمال شرقي سوريا أن قرارات “الإدارة الذاتية”، تشجع التجار ومقدمي الخدمات على تسعير السلع والخدمات بالدولار.

فمنذ لحظة دخول البضائع إلى مناطق “الإدارة الذاتية” من المعابر التي تسيطر عليها خصوصًا معبر “سيمالكا” مع كردستان العراق، تفرض الرسوم والضرائب كلها بالدولار.

هاني صاحب محل لبيع وتركيب معدات الطاقة الشمسية في الحسكة، تحفظ على اسمه الكامل لمخاوف أمنية، قال لعنب بلدي، إن بضائعه تدخل عن طريق معبر “سيمالكا” ويدفع لقاء عبورها رسومًا وضرائب بالدولار الأمريكي، ما يجبره على تسعير بضائعه بالدولار.

وتنطبق هذه الإجراءات على جميع تجار المنطقة، وبمختلف المجالات بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في جولة أجراها بأسواق الحسكة.

وتعلن “الإدارة الذاتية” دوربًا عن مناقصات ومزايدات بالدولار الأمريكي، كما حولت خلال الشهر الحالي رسوم تسجيل مختلف أنواع المركبات إلى الدولار الأمريكي.

في المقابل تمنح “الإدارة الذاتية” موظفيها مرتبات بالعملة السورية، وبمعدل مليون ليرة سورية كحد أدنى للأجور.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة