الشامي.. نجاح لا يمنع الجدل حول نمط مختلف

المغني السوري الشاب الشامي ينال جائزة أفضل أغنية في مهرجان "جوي أوورد"- 20 من كانون الثاني 2024 (جوي أوورد/ لقطة شاشة)

camera iconالمغني السوري الشاب الشامي ينال جائزة أفضل أغنية في مهرجان "جوي أوورد"- 20 من كانون الثاني 2024 (جوي أوورد/ لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

أُقيم حفل “جوي أوورد” بنسخته الرابعة، في 20 من كانون الثاني الماضي، وهو أضخم حفل يحتفي بصناع الترفيه في العالم العربي، ويقام منذ أربع سنوات في العاصمة السعودية، ضمن فعاليات “موسم الرياض”، التي تنظمه، الهيئة العامة للترفيه في المملكة.

وخلال الحفل، حصد المغني السوري الشاب، الشامي، جائزة الأغنية المفضلة، عن أغنيته “يا ليل“، والتي تخطت 129 مليون مشاهدة، منذ طرحها عبر القناة الرسمية للمغني، في “يوتيوب”، في 20 من أيلول 2023.

هذا التكريم فتح الباب واسعًا أمام الشامي، وعليه في الوقت نفسه، فالتكريم تضمن كلمة مقتضبة، كشف فيها الشاب عن معاناة انتصر عليها بالموسيقى، لينقله الطموح من “جلي الصحون” إلى التكريم بـ”أهم حفل في الشرق الأوسط”.

التكريم وحكاية الإصرار هذه، والومضة الملتقطة من سنوات المعاناة، كلها ليست العوامل أو الأسباب الوحيدة التي وضعت الشامي تحت الضوء، ففي الوقت الذي فرح به جمهور المغني بهذا الإنجاز، وجدت فئة من الناس نفسها أمام مغنٍ لم تسمعه من قبل، ولم تتعرف إلى موسيقاه، رغم حصده شعبية عالية بلغة الأرقام، عبر “تيك توك” و”يوتيوب”.

بكتابة اسمه عبر “يوتيوب” تظهر على الشاشة الرئيسية، قبل الاختيار، مجموعة من الأغنيات، يتجاوز مجموع مشاهدات ثلاث منها، ربع مليار مشاهدة، إلى جانب أكثر من 44 مليون لأغنيته الأحدث حتى إعداد هذه المادة “صبرًا“، فالشاب استثمر حالة الجدل التي خلقها تكريمه، وانقسام الناس على أحقيته بالتكريم، بين جمهور يحتفل ويهلل، وفئة أخرى من الناس، تعرفت إلى الشاب بعد التكريم، لم تتقبل موسيقاه، وشككت في حالته الفنية بالمجمل.

تقييم الجمهور

في هذا الوقت، طرح الشامي أغنية جديدة “صبرًا”، بدت كلماتها غير واضحة نسبيًا لدى فئة من المستمعين بسبب سرعة النطق وعدم إكمال الكلمة أو إدغامها من جهة، وارتفاع صوت الموسيقى الذي غطى على بعض الكلمات في مكان آخر، وهو نقد وصل لصاحب الأغنية، كاتبها وملحنها ومغنيها، الذي استطلع رأي جمهوره بوضوحها، خلال حفله الأول، والذي جرى في العاصمة اللبنانية، بيروت، وأظهر حشودًا تغني وتحفظ أغنياته، وترغب بالتقاط صورة معه للذكرى.

لا تشكل الأرقام فيصل المنطق لتقييم الأعمال الفنية بالمجمل، فهناك معايير أخرى تتعلق بعمر المسيرة الفنية من جهة، والأرشفة الموسيقية، والغناء للمسرح، فمطربو ونجوم الصف الأول عربيًا، لا يحصدون عادة أرقامًا قياسية في المشاهدات، ويميلون لإصدار الألبومات، رغم ميل فني معاصر لإصدار الأغنيات المنفردة، سيما لدى المغنين الجدد، كما أن قيمة الأغنية على المسرح كثيرًا ما تتفوق على النسخة المسجلة، حتى بنسبة المشاهدات، في حال تصوير الحفل تلفزيونيًا، ليبقى تقييم الجمهور ثيمة مشتركة وسلطانًا بيده التحكم بكل هذه العناصر.

موسيقيًا.. كيف؟

إلى جانب المنحى الدرامي في الصورة المكونة لدى شريحة من الناس عن الشامي، ومسألة صعود البطل، القادم من عالم منهك ومتعب وغير مريح، ليتخطى الصعاب وينجح، وما تنطوي عليه الصورة من إعجاب بالتجربة ككل، ومحاولة حمايتها والانتصار لها، انتصارًا لعدالة منشودة ربما، أو بعثًا للأمل بإمكانية وصول المستمع نفسه إلى طموحاته، فالشامي يكتب ويلحن ويغني، وفق ما تقوله المعلومات المطروحة على أغنياته.

ورغم وجود تجارب سابقة على مستوى العمر، خرجت للنور من لبنان، وغنت شعبيَّ الأغنيات، لكنها لم تتخط “التريند”، بينما تصدر الشامي المشهد في سوريا رغم وجود حالات سابقة لم تبلغ ما بلغ، وتصدر بطريقة يمكنها التأثير في حضور غيره من المغنين من أبناء جيله إن وجدوا، لكن ما طبيعة هذه الأغنيات موسيقيًا؟

الموسيقي السوري الشاب، عمر الكيلاني، أوضح لعنب بلدي أن المنتج الموسيقي الذي قدمه الشامي استطاع عبره النفاذ إلى جمهوره، كمان أن كتابته وتلحينه لنفسه، رغم غياب الجمل الموسيقية المعقدة، فهي حالة نجاح فنيًا.

وبحسب الموسيقي، فإن نقاط القوة في أغنيات الشامي أنها موسيقا معاصرة للجيل الجديد، وهي مزيج بين الموسيقى الشرقية (غير العربية)، والغربية، عبر الاستعانة بجملة موسيقية شرقية على أرضية موسيقية غربية.

ماذا عن التلحين؟

وحول الانتقادات التي وجهت لأغنيات الشامي، فيما يتعلق بالكلمات وطريقة نطقها، يرى عمر الكيلاني، أن هذه الطريقة قد تكون حقيقية أكثر بالنسبة للجمهور المستهدف، مع الإشارة إلى أن بداية الشامي كانت تشير لتوجه نحو الأغنية البديلة، ابتعد عنه فيما بعد، بينما يصنف مثلًا عبر منصة “أنغامي” ضمن نمط “levantine”، وهو نمط موسيقي يدمج بين الموسيقى الآسيوية والأوروبية، فهي موسيقى شرقية، لكنها ليست عربية بالضرورة.

وبالنسبة لانخراط الشامي في مجال التلحين أيضًا، أوضح الكيلاني أن اللحن في هذه الحالة تركيب للكلمات على موسيقا جاهزة أو مصنوعة قبل الكتابة أو خلالها، ويجري تنسيق الكلمات وفق أساس الموسيقى والمزاج، بينما يكون التلحين عادة بعد كتابة النص، إذ يتولى المهمة ملحن، ينجز اللحن ليتابع الموزع الموسيقي توزيع اللحن على الآلات، وهذا يجعل التلحين عملية معقدة، بينما تستغنى الطريقة الأولى عن التوزيع الموسيقي الذي يتطلب بالضرورة قراءة نوطة، ما يجعل الأسلوب الأول أقل من تلحين بمعناه الدقيق.

ويرى الموسيقي أن استهداف الشامي لمنطقة بلاد الشام باللهجة الغنائية، والتركيز على الجمهور الشاب ما دون الـ25 إلى حد ما، والنفاذ إلى الجمهور عبر الوسائل التي يقضي وقتًا طويلًا معها (مثل تيك توك)، كلها عوامل ساعدت في توسيع قاعدة جمهوره، كما أن القصة الإنسانية وحالة المعاناة دفعت أكثر باتجاه تكريمه، فالتكريم مرتبط بالتجربة، سواء الموسيقية أو الشخصية، ولا يمكن أن يكون مقتصرًا على تحقيق مشاهدات عالية بصرف النظر عن الرقم.

إلى جانب أصالة

ينتمي عبد الرحمن الشامي، الملقب بالشامي، للجيل الشاب، ويستهدف بأغنياته أبناء جيله، أوائل العشرينات، وهي الفئة التي شكرها حين تلقى تكريمه الأول في الرياض، وهي نفس الفئة التي دعمت حضوره عبر “تيك توك” وحققت له مئات ملايين المشاهدات، وهذه الفئة نفسها لا تستهدفها الأعمال الفنية العربية بتركيز، خلافًا لما هو الوضع في الدول الغربية، التي تصدّر نجومًا بأعمار صغيرة تغني لأقرانها على مستوى الجيل والسن مثلًا.

في الوقت نفسه، تشكل حالة الشامي لدى بعض أبناء الفئات العمرية الأكبر نسبيًا، حالة عدم يقين، كون الثقافة الموسيقية مختلفة بين “جيل الشامي” وما يسبقه، دون تعميم، فالأجيال الأكبر سنًا قد تميل إلى ألوان موسيقية مختلفة، وتنسجم مع الموسيقى العربية، وتهتم بالمعنى والجملة والصورة أكثر، فتمنح نفسها محل المستمع الناقد، لا المتلقي فقط.

وفي الوقت الذي يتواصل به ارتفاع نسب المشاهدات لأغنياته التي راكمها خلال ثلاث سنوات فقط، أعلنت شركة “روتانا“، عن مشاركة الشامي للمطربة السورية أصالة نصري، الغناء على مسرح الأميرة نورة، في حفل واحد، يقام ضمن حفلات عيد الفطر، في 12 من نيسان، في العاصمة السعودية، الرياض، وهي قفزة إضافية فنيًا للمغني الشاب تضعه على نفس الخشبة مع مطربة من نجوم الصف الأول عربيًا.

وبحسب مقابلة له مع موقع “بيلبورد“، في 31 من كانون الثاني الماضي، فإن الشامي يشعر أن تراكم التجارب في عمر صغير كان السبب الأساسي خلف اندفاعه إلى الموسيقى ورغبته بالكتابة والتلحين، وحتى توتتاناجربة الهندسة الصوتية، وإن كان يؤكد أنه ليس أكاديميًا أو دارسًا أو خبيرًا، وإنما وجد نفسه يقوم بهذه المهام عبر التجريب والاستماع والثقافة الموسيقية.

وخلال مقابلة أجرتها معه صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، في 16 من شباط الماضي، وصفته الصحيفة بأنه يمتلك نضج الرجل المجتهد، وصادق وشفاف في حديثه، ويذكر بأنه من طينة فنية قلما توجد على الساحة.

اقرأ المزيد: الأغنية التراثية السورية.. رسول اللاجئين إلى المواطن الأوروبي




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة