ثلاث رسائل في خطبة عيد الفطر أمام بشار الأسد

رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال تأدية صلاة عيد الفطر في جامع "التقوى" في العاصمة دمشق - 10 من نيسان 2024 (رئاسة الجمهورية)

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد خلال تأدية صلاة عيد الفطر في جامع "التقوى" في العاصمة دمشق - 10 من نيسان 2024 (رئاسة الجمهورية)

tag icon ع ع ع

أدى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، صلاة عيد الفطر في جامع “التقوى” بالعاصمة دمشق اليوم، الأربعاء 10 من نيسان.

ورافق الأسد كل من رئيس حكومته، حسين عرنوس، والأمين القطري المساعد لحزب “البعث”، هلال الهلال، ووزير الأوقاف، عبد الستار السيد، ومسؤولين حكوميين وحزبيين وبرلمانيين.

وجرت الصلاة بإمامة أحمد محمد عدنان الأفيوني، عضو المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف، ثم استمع الأسد إلى خطبة استمرت نحو عشر دقائق، وطغى عليها الخطاب السياسي منذ بدايتها، وحملت ثلاث رسائل.

سوريا “محور المقاومة”

بدأ الأفيوني خطبته بالحديث عن أهالي غزة الذين يواجهون حرب إبادة جماعية، قائلًا إن الحرب تفرض على الأمة منطق الذل والمهانة، وتفرض معها من رضي بالخضوع، لكن “سوريا برئيسها وشعبها وجيشها اختارت ألا تكون ذليلة، وبقيت مقاومة عزيزة”.

وأضاف أن سوريا تدفع في سبيل الاصطفاف المبدئي أغلى الأثمان، في الاقتصاد والسياسة والاستقرار والإنسان، وكما كانت “سوريا في قلب محور المقاومة، كانت في قلب الاستهداف من أعداء الأمة”.

يأتي الحديث عن كون سوريا من محور “المقاومة” على وقع الضربات الإسرائيلية التي تستهدف بنى تحتية ومواقع عسكرية ومباني ذات طبيعة حساسة على الأراضي السورية، أبرزها استهداف، مطلع نيسان الحالي، طال مبنى القنصلية الإيرانية الملاصق للسفارة الإيرانية، ما أسفر عن تدمير المبنى بالكامل، ومقتل ستة سوريين، وسبعة إيرانيين قياديين وضباط ومستشارين في “الحرس الثوري الإيراني”.

ويبدي النظام السوري تمسكًا بسردية “المقاومة والممانعة”، لكن تعامله مع التصعيد الإسرائيلي على غزة منذ 7 من تشرين الأول 2023، لم يتجاوز التصريحات والتنديد والحديث عن ازدواجية الغرب.

كما تبقى تصريحات النظام بخصوص الرد على ضربات إسرائيل في سوريا حبيسة البيانات والمؤتمرات الصحفية، ويكتفي بالتهديد بالرد والتنديد بأي استهداف.

محاربة التطرف

الأفيوني قال في خطبته، إن نتيجة اصطفاف سوريا إلى محور “المقاومة” بذر فيها “الأعداء” بذور التطرف، لكن سوريا عبر تاريخها بلد يلفظ التطرف، ويأبى إلا أن يكون بلدًا وسطيًا واعيًا، يعيش الإسلام كما عاشه رسول الله.

واعتبر الأفيوني أن سوريا هي تجربة رائدة في مواجهة التطرف والإرهاب، ودفعت الأثمان من دماء وأرواح مواطنين وجنود وأعلام، منهم محمد سعيد رمضان البوطي ومحمد عدنان الأفيوني (والد أحمد الأفيوني).

ولم تخلُ كلمة الأفيوني من مدح الأسد، إذ قال إن “الله قيض لهذا البلد والشام رؤية حكيمة لقائد حكيم، كان وما زال راعيًا للقيم والأخلاق وراعيًا للمبادئ، وراعيًا للتمسك بالثوابت من خلال توجيهاته للمؤسسة الدينية السورية والمؤسسات الأخرى المعنية”.

رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال تأدية صلاة عيد الفطر في جامع "التقوى" في العاصمة دمشق - 10 من نيسان 2024 (رئاسة الجمهورية)

رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال تأدية صلاة عيد الفطر في جامع “التقوى” في العاصمة دمشق – 10 من نيسان 2024 (رئاسة الجمهورية)

مهاجمة الليبرالية

ذكر الأفيوني أن مشاريع التدمير الأخلاقي والتفتت الأسري والتبعية الفكرية لما وصفها هيمنة “الليبرالية الحديثة” ستهزم في سوريا، وأن هذه “الليبرالية” تدعو إلى هدم إنسانية الإنسان، لكن سوريا ستبقى “بلد القيم بمعية الأسد”.

وتأتي مهاجمة “الليبرالية الحديثة” في سياق “بروباغندا” ورواية يتمسك بها النظام السوري، إذ كانت حاضرة في السنوات الماضية، أحدثها في 3 من آذار الماضي، خلال مقابلة لبشار الأسد مع الصحفي الروسي فلاديمير سولوفيوف.

وقال الأسد في رده على سؤال لسولوفيوف، إن إحدى أدوات “حرب” الغرب ضد دول كروسيا، ما يُعرف بـ”الليبرالية الحديثة”، والتي تحدث عنها بوتين، أكثر من مرة، وذكر أن “الليبرالية الحديثة ليست فقط قضية أخلاقية، إنما هي أبعد من ذلك، وأنها تستهدف تفكيك بنية المجتمع، فـ”إذا كانت العائلة في روسيا سليمة، فسيكون كل الوطن سليمًا، ولكن إذا فككنا هذه العائلة فمن الصعب أن يبقى الوطن سليمًا”.

وحذّر الأسد من “الليبرالية الحديثة” خلال خطابه أمام القمة العربية في السعودية في أيار 2023، كما هاجمتها زوجته أسماء الأسد في مقابلة أجرتها مع قناة “روسيا اليوم”، خلال زيارتها لموسكو لحضور الاحتفال بتخرج ابنها حافظ من إحدى الجامعات الروسية.

رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال تأدية صلاة عيد الفطر في جامع "التقوى" في العاصمة دمشق - 10 من نيسان 2024 (رئاسة الجمهورية)

رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال تأدية صلاة عيد الفطر في جامع “التقوى” في العاصمة دمشق – 10 من نيسان 2024 (رئاسة الجمهورية)

منابر للخطاب السياسي

يتخذ النظام من المظاهر الدينية وسيلة لتعزيز الحاضنة الشعبية له، إذ تتحول أغلب الخطب الدينية في الجمع والمناسبات إلى منابر سياسية لدعم سياساته وروايته.

ويحرص بشار الأسد على الظهور إلى جانب رجال الدين، وخاصة في الأعياد، إذ يصلي مع مجموعة من المسؤولين، وتبثّ الصلاة على المحطات الفضائية الرسمية.

وتتحول أغلبية الكلمات في الخطابات الدينية إلى خطابات سياسية، لدعم النظام وجيشه ورئيسه، وغالبًا ما يحمل ظهوره في المناسبات الدينية المختلفة رسائل للداخل والخارج.

ويطغى على خطب رجال الدين الذين يظهرون مع الأسد، المديح والثناء على الأخير وعلى “إنجازاته وأخلاقه وتعامله مع المواطنين، وصموده في وجه المؤامرة”.

وتدخل الثورة السورية عامها الـ13 وهي مثقلة بعشرات آلاف المعتقلين وملايين المشردين والمهجرين، ومقتل 231278 مدنيًا، بينهم 15334 بسبب التعذيب، واعتقال تعسفي (إخفاء قسري) لـ156757 شخصًا، وتشريد قرابة 14 مليون شخص، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار 2024، بحسب ما وثّقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.

ومن أصل الحصيلة، قتلت قوات النظام السوري 201260 شخصًا، فيما قتلت القوات الروسية 6969 شخصًا.

اقرأ أيضًا: الأسد يستغل المساجد.. يصلّي في “الحسن” وعينه على “التضامن”




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة