
إبراهيم هيسار أحد اللاعبين السوريين المغتربين خلال لقاء سوريا وكوريا الشمالية في تصفيات كأس العالم- حزيران 2024 (الاتحاد السوري)
إبراهيم هيسار أحد اللاعبين السوريين المغتربين خلال لقاء سوريا وكوريا الشمالية في تصفيات كأس العالم- حزيران 2024 (الاتحاد السوري)
عنب بلدي – هاني كرزي
عمل الاتحاد الرياضي خلال حقبة النظام السوري السابق على استقدام لاعبين مغتربين لضمهم إلى صفوف المنتخب السوري بمختلف الفئات العمرية، وكان الاتحاد يعتبر أن تلك الخطوة تساهم في تطوير مستوى المنتخب وزيادة حظوظه في المنافسة بالبطولات الخارجية، بينما انتقد آخرون تلك التجربة واعتبروها سلبية للمنتخب، مطالبين بوضع استراتيجية مدروسة خلال الفترة المقبلة قبل استقدام لاعبين من الخارج.
في نهاية عام 2023، أعلن المدير الفني السابق لمنتخب سوريا، الأرجنتيني هكتور كوبر، تشكيلته التي ستخوض نهائيات كأس آسيا في الدوحة 2024، وضمت التشكيلة 26 لاعبًا، بينهم 18 محترفًا في الخارج و8 محليين.
التشكيلة ضمت 6 لاعبين يمثلون المنتخب للمرة الأولى، هم بابلو صباغ (أليانزا ليما البيروفي)، خليل إلياس (سان لورينزو الأرجنتيني)، أنطونيو يعقوب (أوسترس السويدي)، أيهم أوسو (هاكين السويدي)، مكسيم صراف (حارس سيسكا موسكو الروسي)، ألمار إبراهيم (سكوندة السويدي)، بينما استبعد المدرب النجم عمر السومة من القائمة.
الخطوة أثارت حينها جدلًا كبيرًا، خاصة أن المدرب كوبر استدعى لاعبين جددًا قبيل فترة وجيزة من بطولة كأس آسيا في قطر، والتي خرج فيها المنتخب من دور الـ16 أمام منتخب إيران.
الإسباني خوسيه لانا، المدرب الجديد لمنتخب سوريا لكرة القدم، سار على خطى سلفه كوبر، حيث ركز على انتقاء اللاعبين المغتربين على حساب تهميش اللاعبين المحليين.
وضمت قائمة لانا 23 لاعبًا، بينهم 19 محترفًا في أندية آسيوية وأوروبية ومن أمريكا اللاتينية، و4 لاعبين محليين فقط.
حقق المنتخب لقب بطولة الهند الودية، بعد فوزه على موريشيوس 2-0 والهند 3-0، لكن مراقبين قللوا من أهمية تلك البطولة التي لعبت فيها سوريا أمام منتخبين بمستوى متدنٍّ.
وفي تشرين الثاني 2024، شارك منتخب سوريا في بطولة تايلاند الودية، لكنه خسر في النهائي أمام تايلاند 1-2، بعد فوزه على طاجيكستان بهدف نظيف.
النظام السوري السابق فشل لعقود في الاستفادة من تجربة اللاعبين المغتربين، الذين عجزوا عن تقديم أي إضافة للمنتخب، الذي لم يتمكن طوال تاريخه من التأهل لكأس العالم أو الفوز ببطولة كأس آسيا.
غيفار الخطيب، عمل رئيسًا لقسم اكتشاف المواهب في أوروبا ضمن المنتخب السوري منذ عام 2021، وكان مسؤولًا عن تحليل المنتخب، ويرى أن فشل اللاعبين المغتربين ضمن المنتخب السوري، يعود إلى عدم ارتباطهم بالبيئة الكروية السورية.
وقال الخطيب لعنب بلدي، إن بعض اللاعبين لم يزوروا سوريا من قبل، ما قد يخلق فجوة في الانسجام مع اللاعبين المحليين ثقافيًا واجتماعيًا، “لذلك وضعنا خطة اندماج لتفادي ذلك، وتحديدًا خلال تجربتي الأخيرة مع المدير الفني محمد عقيل الذي ساعد كثيرًا بتطوير ملف اللاعبين المحترفين”.
بدوره، قال الصحفي الرياضي أنس عمو، إنه وفق بعض التسريبات، فإن بعض الإداريين أو الكشافين في الاتحاد الرياضي الذي كان يديره النظام السابق، كانوا يتقاضون رشى من لاعبين مغتربين بمستوى متدنٍّ، من أجل جلبهم إلى صفوف المنتخب وتسويقهم، لبناء اسم لهم على الصعيد الدولي، وبالتالي فشلوا في تقديم أي إضافة فنية.
وأضاف عمو لعنب بلدي، أن الاتحاد الرياضي بنفس الوقت كان يقدم مغريات مالية لبعض اللاعبين المغتربين جيدي المستوى لتمثيل المنتخب، وبالتالي فإن بعض اللاعبين يأتون من أجل المال وليس إخلاصًا لقميص المنتخب، وهذا ينعكس سلبًا على أداء اللاعب، لأنه سيفقد الروح القتالية على أرض الملعب.
من سلبيات استقدام اللاعبين المغتربين، أن الاتحاد الرياضي يقوم بجلبهم قبل مدة زمنية قصيرة من أي استحقاق دولي، وبالتالي لا يكون لدى اللاعب الوقت الكافي للانسجام مع باقي زملائه في المنتخب، إضافة إلى معاناة اللاعب من التعب والإرهاق كونه جاء من مسافات بعيدة، خاصة اللاعبين المغتربين الذين كانوا يأتون من أمريكا الجنوبية.
رغم الانتقادات الكثيرة، لا يمكن إنكار أن استقدام المحترفين يقدّم فوائد كبيرة، أهمها رفع جودة المنتخب، فاللاعب المحترف الذي ينافس في دوري قوي يمتلك خبرات وقدرات لا تتوفر في الدوري المحلي، ما يسهم في تطوير مستوى الفريق بل وينقله لمكان آخر، بحسب غيفار الخطيب.
وأضاف الخطيب أن جلب لاعبين محترفين يساعد في تحسين بيئة المنتخب، ويشجع اللاعبين المحليين على تطوير أنفسهم لمجاراة زملائهم القادمين من بيئات كروية متقدمة، ويساهم في تعزيز فرص المنافسة.
في السياق ذاته، يرى أنس عمو أن وجود لاعبين مغتربين في المنتخب السوري، يمنح المدرب خيارات إضافية في التشكيلة الأساسية، ويساهم في تطوير مستوى اللاعبين المحليين.
ولفت عمو إلى أن اللاعب المحترف خارجيًا يعطي إضافة فنية للمنتخب ويرفع القيمة التسويقية له، ما يساهم في تحقيق إيرادات مالية للمنتخب من الجهات الراعية.
لتحقيق الفائدة المرجوة من استقدام اللاعبين المغتربين، طالب أنس عمو بوضع خطة منظمة للاستفادة من اللاعبين، عبر اعتماد قائمة باللاعبين المغتربين المراد استقدامهم، ثم إجراء دراسة فنية عنهم والجدوى من الاستفادة منهم، ومتابعة أرشيف هؤلاء اللاعبين للتعرف على أدائهم، بحيث لا يكون المنتخب حقل تجارب للمغتربين واستقدام اللاعب المفيد فقط.
وشدد عمو على أهمية أن تكون هناك متابعة مستمرة للاعبين، بمعنى أن اللاعب قد يكون بمستوى عادي خلال فترة وجوده في مرحلة الناشئين أو الشباب، لكن يجب الاستمرار في متابعته، لأن مستواه قد يتطور مع الوقت، وبالتالي يمكن ضمه للمنتخب الأولمبي أو الرجال لاحقًا.
في السياق ذاته، تحدث رئيس قسم اكتشاف المواهب في أوروبا ضمن المنتخب السوري، غيفار الخطيب، عن الخطوات المطلوبة من المدرب والاتحاد الرياضي لتحقيق أفضل استفادة من اللاعبين المغتربين ومنها:
وأضاف الخطيب أن استقدام المحترفين يجب أن يكون قرارًا فنيًا بحتًا، وليس استجابة للضغوط الإعلامية أو الجماهيرية، مشيرًا إلى أن المدرب هو المسؤول عن اختيار الأفضل، سواء كان اللاعب محليًا أو محترفًا، والمنتخب السوري بحاجة لجميع أبنائه لتحقيق تطور حقيقي.
الكابتن غيفار الخطيب كان مسؤولًا عن اكتشاف المواهب في أوروبا لمنتخبي سوريا تحت 20 و23 سنة، حيث قال إنه اعتمد إجراءات محددة ومدروسة في عملية اختيار اللاعبين الناشطين بأوروبا، بعيدًا عن المجاملات أو أي اعتبارات غير رياضية، مشيرًا إلى أن اختيار اللاعبين المغتربين كان وفقًا لعدة معايير.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى