في جلسات محاكمة رسلان والغريب خلال أيار.. فرصة لسماع صراخ المعتقلين

المحامي والناشط الحقوقي السوري أنور البني من أمام محكمة "كولييز العليا" في ألمانيا خلال جلسات محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب في أيار 2020 - (ذا ليفينت نيوز)

camera iconالمحامي والناشط الحقوقي السوري أنور البني من أمام محكمة "كولييز العليا" في ألمانيا خلال جلسات محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب في أيار 2020 - (ذا ليفينت نيوز)

tag icon ع ع ع

لم تسدل الستارة بعد عن محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب داخل قاعة محكمة “كوبلنز العليا” جنوب غربي ألمانيا، واستؤنفت جلسات محاكمتهما خلال أيار الحالي، التي بدأت مراحلها الأولى في 23 من نيسان الماضي.

يحاكم رسلان (57 عامًا) والغريب (43 عامًا) بتهمة تعذيب أربعة آلاف إنسان داخل مراكز الاعتقال التي ما زالت تحت إشراف المخابرات العامة السورية، ذلك التعذيب الذي يمتد أثره على حياة المعتقل حتى بعد نجاته من السجن، إذ يسرق منه القدرة على العيش بطريقة طبيعية سليمًا نفسيًا.

اقرأ المزيد: الكوابيس المرتبطة بالاعتقال والتعذيب.. هل من علاج؟

اليوم “المنتظر” في المحاكمة

كان 18 من أيار الحالي هو اليوم الذي انتظره الناجون من التعذيب والمدعون وناشطو حقوق الإنسان من سوريا، بحسب وصف “المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان”، إذ أعلن محامو المتهم الرئيس في المحاكمة، أن رئيس التحقيقات السابق في فرع “الخطيب” أنور رسلان، سيقدم بيانًا إلى المحكمة في الجلسة الخامسة من تداول محاكمته.

بدأ الزائرون الأوائل يصطفون أمام مبنى المحكمة في الساعة السادسة صباحًا، لكن كان عليهم التحلي بالصبر حتى بعد الثانية مساء، لأن المحكمة تعاملت أولًا مع المتهم الثاني إياد الغريب، بسماع إفادة ثلاثة شهود وموظفين في المكتب الاتحادي الألماني للهجرة، واُستجوب الشهود بالتفصيل حول إجراءات اللجوء الخاصة بالغريب.

بعد استراحة الغداء، بدأ محامي رسلان مايكل بوكير بقراءة بيان موكله المكوّن من 45 صفحة، وتناوب مع زميله يورك فراتزكي على قراءة البيان، إذ استمرت لأكثر من ساعتين وصفا خلالها مسيرة رسلان بالتفصيل.

لم يثر بيان رسلان شغف الحضور الذين تململوا من سماعه، ولم يلقَ غير هز رؤوس الصحفيين فقط، وفق تعبير “المركز الأوروبي”، ففي أول 50 دقيقة لم تذكر كلمة “تعذيب”، الذي أنكره رسلان بعدها، في نفس الجلسة، وجادل بضلوعه في تعذيب المعتقلين.

اقرأ المزيد: في أول تصريح له منذ بدء المحاكمة.. رسلان ينكر ضلوعه بتعذيب المعتقلين 

وحمّل رسلان المسؤولية الجنائية الكاملة لمدير “إدارة أمن الدولة” في دمشق عام 2012، محمد ديب زيتون، عن عمليات التعذيب داخل فرع “الخطيب”، وكذلك للواء علي مملوك، وهو نائب رئيس النظام السوري للشؤون الأمنية.

كما حمّل مسؤولية التعذيب لرئيس القسم الأمني “رقم 40″، حافظ مخلوف، ورئيس فرع “الخطيب”، توفيق يونس.

اقرأ المزيد: ثلاثة أسماء تُطرح في محاكمة رسلان والغريب في ألمانيا

ثم تحول البيان إلى أسباب مغادرة رسلان سوريا في 2012. الذي قدم نفسه على أنه مؤيد قديم للمعارضة السورية. وأخيرًا ذكر البيان عددًا من الأشخاص الذين يمكن أن يشهدوا على ذلك.

بعد ذلك انتهى اليوم الخامس من محاكمة فرع “الخطيب” دون طرح قضايا على المحك، وفق “المركز الأوروبي”، مع تناقض البيان مع ما عُرف عن النظام السوري لعقود حول التعذيب الذي تمارسه المخابرات السورية.

شهادات تناقض بيان رسلان

في اليوم السادس من المحاكمة، اُستدعي شهود عيان أدلوا بشهادتهم في تقرير قدمه رسلان في شباط 2015 داخل شرطة برلين، قال فيه إنه يشعر بالاضطهاد والتهديد من قبل المخابرات السورية.

كان الشاهد الأول كبيرة مفتشي الشرطة، وقالت إن التقرير المكتوب بالعربية مع ترجمة ألمانية كان “استثنائيًا”، إذ أفاد رسلان بشعوره بالاضطهاد وخوفه من أن تعثر عليه المخابرات السورية وتخطط لخطفه، وطلب حماية الشرطة.

قدمت الشرطية التقرير وقتها إلى إدارة التحقيقات الجنائية الإقليمية في برلين حتى تتمكن من إلقاء نظرة أعمق على الأمر، ولم تعرف ما حدث للتقرير بعد ذلك، بحسب الإفادة.

الشاهدة الثانية كانت المرأة التي رافقت رسلان إلى مركز الشرطة في ذلك اليوم كوسيطة للترجمة، وأوضحت في بداية شهادتها أنها لم تكن لديها أي معلومة عن خلفية رسلان بالتفصيل، وقُدم رسلان لها كضابط مخابرات سابق رفيع المستوى، وجزء من المعارضة السورية.

رافقت السيدة التي كانت تعمل في السفارة الألمانية في سوريا الشكوك حول دوره في المخابرات، لكنها كانت تدرك أن شخصًا يعمل مع المخابرات السورية من المحتمل “أن تكون له بعض الصلة بانتهاكات حقوق الإنسان”، وفقًا لإفادتها.

واتصل رسلان بالشاهدة عدة مرات وطلب منها المساعدة، ولهذا السبب رافقته إلى الشرطة في ذلك اليوم.

استجوبها القاضي والمدعي العام ومحامو الدفاع والمدّعون المشتركون كشاهد خبير، وقد ناقض تقريرها “بشكل صارخ” بيان رسلان، إذ قالت إنه من المعروف أن أجهزة المخابرات السورية ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان.

وخلال فترة وجودها في سفارة بلادها في دمشق، سمعت عن حالات تعذيب موثقة في مقر المخابرات السورية حتى قبل عام 2011.

الجلسة السابعة.. فرصة لسماع صراخ المعتقلين

في اليوم السابع من المحاكمة، استدعي ثلاثة شهود لمقابلة الغريب في مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية (BKA) في آب 2018، وكان السؤال المركزي في تلك الجلسة هو ما إذا كانت هذه المقابلة مقبولة في المحاكمة الحالية أم لا.

سبب ذلك السؤال هو أن مكتب الشرطة الفيدرالية استجوب الغريب كشاهد في التحقيقات حول التعذيب في سوريا، وليس كمشتبه به في تحقيق جنائي، وبناء عليه قبل مقابلته في ذلك الوقت، أُبلغ بحقوقه كشاهد وليس كمشتبه به.

ولذلك اعترض محاميه على قبول الشهادة في أثناء محاكمة “الخطيب” من قبل قاضي محكمة “كوبلنز العليا” وحبسه بعد طلب سحب مذكرة اعتقال الغريب من قبل المحامي.

وكان الشاهد الأول ضابطًا في الشرطة الجنائية الفيدرالية (BKA)، استجوب الغريب في ذلك الوقت، واستدعى ضابط الـ”BKA” مقابلة الغريب من ذاكرته، وقدم شهادة المتهم بالكامل التي أبرزت مدى “الوحشية المنهجية لجهاز المخابرات السورية المخيفة”، إذ أخبره الغريب أن “صرخات السجناء كان يمكن سماعها من كافتيريا السجن”.

وتتضح أكثر معاناة المعتقلين عندما عُرضت صور “قيصر” في المحاكمة لأول مرة جثثًا مرقمة هزيلة وشبه عارية، وضعت بطاقة في يدي أحد القتلى تظهر “رقم 251″، بحسب “المركز الأوروبي لحقوق الإنسان”، وهو رقم هوية فرع “الخطيب”، وهي صورة واحدة من آلاف صور الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم وتعرضوا للتعذيب والاختفاء في سجون المخابرات السورية، وتذكير بعدد لا يمكن تحديده من الأشخاص الذين لا يزالون يعانون هناك.

في الجلسة الثامنة.. الحدث خارج المحكمة!

كانت الجلسة الثامنة من المحاكمة يومًا قصيرًا مقارنة بأيام المحاكمة الماضية، إذ كان موضوعها هو استجواب رسلان بشأن التهم التي وجهها عام 2015، عندما اقتنع بأن مسؤولي المخابرات السورية في برلين يلاحقونه، وفي أغلب وقت الجلسة كان تكرار ما قيل في الجلسة السادسة من قبل شهود مكتب الشرطة.

وقبل بداية جلسة الاستماع، كان الحدث الذي جذب انتباه الجمهور أمام مبنى المحكمة، هو وجود ناشطين من حملة “عائلات من أجل الحرية” و”تبني ثورة”، إذ رُفع خلالها لافتة كُتب عليها “سوريا غير آمنة”، بالإضافة إلى لافتة كتب عليها “لا ترحيل إلى سوريا” طالب أصحابها بإيقاف الترحيل إلى سوريا بسبب الوضع هناك.

كما وضع الناشطون 40 صورة مؤطرة على رصيف المحكمة، وهي صور لأشخاص تعرضوا للتعذيب أو القتل أو الاختفاء أو ما زالوا مسجونين في معتقلات التعذيب السورية.

اعتقال 750 شخصًا خلال يوم واحد

كان من المقرر الاستماع في الجلسة السابعة إلى شاهدين لاستجواب رسلان في 29 من أيار الحالي، بشأن التحقيق معه في جرائم ضد الانسانية، أجرتها إدارة أمن الدولة بمكتب الشرطة الجنائية بولاية فورتمبيرغ في تشرين الأول 2017، وقام بالتحقيق حينها كبير المفوضين الذي قاد التحقيق، ومترجم ساعد في التحقيق حينها.

أفاد مسؤول التحقيق أن رسلان أشرف على نقل 750 معتقلًا إلى فرع “الخطيب” في يوم واحد

وعندما سُئل رسلان في ذلك الوقت عن الطريقة التي تُجرى بها الاستجوابات في سوريا، قال رسلان إن هناك “استجوابات قاسية” لأنه كان من “المستحيل دائمًا البقاء مهذبًا في ضوء العدد الكبير من الأشخاص الذين سيتم استجوابهم”.

ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى 3 من حزيران المقبل، لتستمع المحكمة لأول مرة إلى أحد المدعين، وهو المخرج السوري فراس فياض كشاهد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة