التدريب العسكري وسيلة روسية لضبط قوات النظام

camera iconلقطة شاشة لفيديو من تدريبات الروس لجيش النظام- 14 من نيسان 2021 (تلفزيون زفيردا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- علي درويش

ركزت وسائل الإعلام الروسية منذ مطلع العام الحالي على دورات تدريبية يجريها خبراء وضباط روس لقوات النظام السوري، شملت تدريبات على الأسلحة الخفيفة، إضافة إلى مناورات عسكرية بمشاركة المروحيات، ومحاكاة لهجمات عسكرية.

وتشهد مختلف جبهات القتال في سوريا هدوءًا عسكريًا منذ اتفاق “موسكو”، في 5 من آذار 2020، بين روسيا وتركيا، باستثناء قصف متكرر للروس والنظام على مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، ومحاولات اقتحام محدودة استطاعت فصائل المعارضة صدها وإيقاع خسائر في صفوف النظام وعناصر القوات الخاصة الروسية.

ويحاول الروس استغلال توقف المعارك، بإعادة تأهيل “الجيش السوري” وتدريبه، في إطار استكمال جهودها السابقة بضبط هيكلية الجيش للاستفادة منه مستقبلًا، ومواجهة التغلغل الإيراني داخله، حسب حديث خبراء في وقت سابق إلى عنب بلدي.

التدريب حتى على الأسلحة الخفيفة

في 14 من نيسان الحالي، نشرت وسائل حكومية روسية مقطعًا مصوّرًا لخضوع عناصر من “القوات الخاصة” في “الجيش السوري” لدورة اختصاص على أسلحة خفيفة (بندقية “كلاشينكوف” ومسدس “ماكاروف” روسيا الصنع) بالقرب من محافظة اللاذقية غربي سوريا.

“ماكاروف” و”كلاشينكوف” هما من الأسلحة المألوفة لدى قوات النظام، إذ تعتبر البندقية هي السلاح الفردي الأكثر استخدامًا واعتمادًا في سوريا.

رئيس وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، علّق على تدريب الأسلحة الخفيفة بقوله، إن الروس يدرّبون جهة غير قادرة على البت بأنها منظومة متدربة ومنضبطة بشكل كامل، ولا تعرف إن كانت تصلح لاستخدام أسلحة ثقيلة، فـ”الأسلحة الخفيفة والمتوسطة تكفي في المرحلة الحالية”.

وأضاف شعبان، في حديثه إلى عنب بلدي، أن الروس لا يهدفون لتطوير جيش النظام عبر التدريبات إنما لسد ثغرات معيّنة وضبطه وإصلاح منظومته، “وهي غير كافية لبلد ما زال في صراع”، بينما “يمكن تحقيق التطوير بعد انتهاء الصراع بوجود رفاهية الوقت والأمان”.

ولا يرى الباحث أن الروس سينجحون في ضبط هذه القوات، مستندًا إلى مثال الجنوب السوري وريف حمص الشمالي، “حيث فشل الروس في ضبط المنظومة العسكرية ككل، ونجحوا بجزئية منها، وهذا يعني أن هناك خللًا واضحًا في هيكلية الجيش، فهي مبنية على أساسات غير مستقرة (متشظية ولها ولاءات وأهداف مختلفة)، ولن يستطيع الروس إصلاحها”.

وكانت روسيا ضمنت، في تموز 2018، اتفاق “التسوية” بين المعارضة والنظام في محافظة درعا، واستطاعت ضم فصيل “شباب السنة” تحت قيادة أحمد العودة إلى “الفيلق الخامس” المشكّل من قبلها تحت اسم جديد هو “الفيلق الثامن”، وعملت عبر كتل الجيش لضبط الوضع.

لكن عمليات ومحاولات الاغتيال في المحافظة لم تتوقف، وطالت ضباطًا وعناصر من القوى الأمنية والعسكرية للنظام، إضافة إلى شخصيات مدنية وعسكرية من المعارضة.

إذ قُتل 296 شخصًا في محافظة درعا بـ417 عملية اغتيال خلال 2020، كما قُتل 69 شخصًا بعمليات اغتيال خلال الربع الأول من العام الحالي، حسب رصد عنب بلدي للتقارير الشهرية لـ”مكتب توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا”.

وبحسب الباحث نوار شعبان، يرى الروس أنفسهم أنهم مستثمرون في سوريا بقطاعات مختلفة منها قطاع الجيش (والتدريب ضمن هذا الاستثمار)، وهم يدركون أن غيابهم أو عدم إشرافهم على قطاع الجيش سيفتح بابًا للفساد، أو لجهات أخرى كإيران للسيطرة على الجيش أو منظومته.

ويعمل الروس على ضبط هيكلية الجيش بصورة يمكن الاستفادة منه في المستقبل، وإعادة دمج تشكيلات عسكرية معيّنة مدعومة من قبلهم كـ”فيلق القدس الفلسطيني” ووضعها في إطار الجيش، إذ أُخضع “الفيلق” وغيره من التشكيلات لتدريبات عسكرية عبر شركات أمنية خاصة تابعة لروسيا.

وأشار شعبان إلى أن ذلك مختلف عن الأسلوب الإيراني، فإيران عندما بدأ تدخلها في الجيش، جمعت الميليشيات المدعومة من قبلها وغيّرت أسماءها وضمتها إلى الجيش، لكن هذه التشكيلات كـ”الدفاع الوطني” حافظت على عقليتها الميليشياوية غير المنضبطة.

ما التدريبات التي يتلقاها السوريون

أجرى الجيش الروسي تدريبات عسكرية، برية وجوية بمشاركة المروحيات، لقوات النظام السوري، في 22 من آذار الماضي، شارك فيها مقاتلو نخبة من قوات النظام، بقيادة خبراء روس، على حدود محافظتي حماة وحلب، تحاكي هجمات حقيقية.

وفي 9 من شباط الماضي، نفذ العسكريون الروس سلسلة تدريبات مع قوات الدبابات السورية في محافظة حلب.

واستُخدمت دبابات ” T-62″ و”T-72″ روسية الصنع خلال التدريبات، وهي تعتبر “العمود الفقري لوحدات الجيش السوري المدرعة، إذ تخضع للتكييف مع تكتيكات حرب العصابات التي يتبعها المسلحون، وذلك عن طريق إضافة دروع إضافية وأجهزة تشويش محلية الصنع ضد الصواريخ المضادة للدبابات”، بحسب ما نقلته وكالة “تاس”.

وفي منتصف كانون الثاني الماضي، درّب خبراء عسكريون روس عناصر من كتيبة المدفعية في صفوف “الفيلق الخامس”، على أجهزة الكشف والرادار المستخدمة في المدفعية.

ونقلت قناة “tvzvezda” عن المدرب الروسي رومان جوروف، أن الغرض من التدريب هو تعليم عناصر الكتيبة الذين يعملون في مفارز الاستطلاع، والقدرة على طلب دعم المدفعية بشكل مستقل مع المواجهات المباشرة.

وفي الشهر نفسه، شملت تدريبات روسية مهارات التمويه باستخدام القنابل الدخانية، وإطلاق صواريخ محمولة على الكتف، وسبقها، في كانون الأول 2020، تنفيذ القوات الروسية بمشاركة قوات النظام السوري محاكاة لصد هجوم جوي وبحري وبري على ميناء “طرطوس”.

وتدعم روسيا النظام السوري عسكريًا واقتصاديًا، وأعلنت تدخلها العسكري رسميًا إلى جانب النظام في 30 من أيلول 2015.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة