tag icon ع ع ع

قبل تحرير الغوطة الشرقية، انتشرت الفوضى وعمليات الخطف والاغتيالات، بسبب تراخي سيطرة النظام وانسحابه من بعض المدن، إثر ذلك بدأت المرحلة الأولى للقضاء في منتصف 2012، وكانت عبارة عن مجموعة من القضاة والمحامين يذهبون إلى مقرات الثوار ويطالعون الضبوط ويستجوبون المتهمين لمحاكمتهم، وهذه الفترة اعتراها الكثير من الفوضى في العمل، بسبب كثرة أسماء الفصائل وخلافاتها، وقيام بعض العسكريين بمحاكمة الموقوفين ارتجالًا دون عرضهم على القضاء، وقد يصل الحكم إلى إعدام المتهم.

يصف حقوقيون هذه الفترة بالعصيبة في مسيرة القضاء، إذ تعددت مرجعيات السلطة، الأمر الذي تمّ تداركه لاحقًا بتشكيل القضاء الموحّد والقيادة العسكرية الموحّدة.

وبالرغم من مساوئ المرحلة بسبب الفوضى، إلا أن عمل القضاة فيها حدّ الكثير من عمليات الخطف والاغتيال، والإعدامات دون محاكمة.

وبعد التحرير، تشكلت الهيئة القضائية لمجلس الشورى، أواخر 2012، وتمّ تقسيم المحاكم حسب الاختصاص وأصبح القضاء أكثر مهنيّةً، وعُيّن عدد من المحامين الخريجين كقضاة، وفق قاض متخصص في الغوطة الشرقية يدعى “أبو يوسف”.

ويقول أبو يوسف “واجه القضاة في تلك الفترة صعوبة التنظيم، بحيث لم يكن بينهم قاض سابق، فكانوا يرتجلون الإجراءات بشكل يتماشى مع المرحلة وضروراتها، أما الأحكام فكانت تمر على القانونيين والشرعيين قبل إصدارها لاستيثاق انطباقها على الشريعة، فيصدرها القاضي الحقوقي باسمه ولو خالفت رأي أحد المشايخ، وفي حال دار خلاف علمي بين المعنيين في المسألة يُعيّن قاض ثالث ليفصل في المسألة المختلف فيها”.

مصير الأضابير والدعاوى في الغوطة على وقع القصف

قبل التحرير بستة أشهر، نقل النظام محاكم دوما والغوطة وجميع الدواوين إلى مدينة التل، وبالتالي نقلت أغلب الأضابير الحديثة وبقي في مستودعات المحاكم الأرشيف فقط، وهو كمّ هائل من الأضابير القديمة، تعرّض جزء منها للتلف بسبب القصف والدمار وبعضها أصابه البلل.

لكن مجلس الشورى كلف بعض الإداريين الخبراء بالعمل على تنظيفها وأرشفتها مجددًا، ونُقلت لمكان آمن، ووضعت تحت سيطرة الهيئة القضائية.

القضاء الموحّد في الغوطة والاستقلال عن الكتائب العسكريةdamas

تأسس القضاء الموحّد في منتصف 2013 وتم تفعيله بإيقاف جميع المحاكم الأخرى في الشهر العاشر من العام نفسه. يُعتبر القضاء الموحّد، وفق القاضي أبو يوسف، “مستقلًا عن هيمنة أي من الكتائب، وتُعتبر عدم تبعيته لأحد أصلًا من أصوله، حيث استفاد عند تأسيسه فقط من تفويض العسكريين مجتمعين لهذا القضاء. أما التبعية الإدارية فهي (ككل دول العالم تتبع مباشرة للسلطة الحاكمة)، ممثلةً هنا بمؤسسة القيادة العسكرية الموحدة التي تشكلت من اجتماع الفصائل ضمن غرفة واحدة موسّعة وفيها ممثل عن ثلاثة فصائل وحيدة موجودة في الغوطة، وهي جيش الإسلام وفيلق الرحمن والاتحاد الإسلامي”.

ويشير أبو يوسف إلى أنّ “القضاء اليوم لا يهتم بصفة العسكري، فعند القاضي؛ الخصوم متساوون، لكن يوجد استثناء وحيد للعسكري في قانون الإجراءات وهو التبليغ والإحضار، الذي يُعطَل بسبب ضرورة العمل على الجبهات واشتداد القتال مع العدو في أغلب الأوقات، بحيث يُبلّغ الفصيل بدلًا من المجاهد”.

ما مؤهلات قضاة الغوطة؟

يُعيّن القاضي في حال حصوله على شهادة حقوق على الأقل، واستثني من ذلك عدد قليل من دارسي السنوات الأخيرة في الحقوق وغير الخريجين بسبب ضغوط العمل، ولا يُقبل الشرعي في منصب القضاء أبدًا، بعكس ما حاولت الضغط به بعض الكتائب قديمًا، “لتختبئ وراء الخلاف في مناهج الشرعيين”، كما يقول أبو يوسف لعنب بلدي.

القانون السوري مرجعية قضائية مع بعض التحفظات

يشير أبو يوسف إلى أن “المرجعية القانونية في القضاء الموحد هي القانون السوري”، مع حذف كل ما يتعارض صراحة مع تشريع إسلامي أصيل، أما “إن عارض اجتهادًا فقهيًا وإن كان راجحًا فلا يُحذف بل يُؤخذ بما بني عليه من الدليل وإن كان ليس رأي الجمهور”.

وتختلف التعديلات بين أقسام المحاكم، فمثلًا “المحاكم المدنية والشرعية لا تخالف أحكام القانون السوري كثيرًا لأنها في الأصل مستقاة من الشريعة الإسلامية بشكل كبير”.

ووفق أبو يوسف “بالنسبة للقانون الجزائي فالأمر مختلف، لأن توصيف بعض الجرائم لم يكن صحيحًا في القانون السوري، كجرائم اللواط والزنا وبعض أنواع السرقات وعقوباتها، مع الأخذ بعين الاعتبار الدراسات التي قدمتها الهيئات الشرعية في الداخل ومراكز البحث العلمي الإسلامي في الخارج لجهة إيقاف الحدود الشرعية في حالة الحرب، وعدم تطبيقها على الجرائم وهذا أصبح من النظام العام الذي لا يمكن مخالفته”.

ويضيف “في حال وقوع أي خلل في الحكم، أو ارتباك من ناحية التأصيل والتسبيب القانوني والشرعي، فإن القضاء الموحد يحيل الموضوع إلى المختصين الباحثين في قسم الدراسات في الهيئة الشرعية العامة، وهي تقوم بتقديم بحث خاص في المسألة المختلف عليها، ويعود الرأي أخيرًا للقاضي حسبما يرجح عنده من الأقوال وقناعته هي التي تحكم في النهاية”.

ولضمان عدم وقوع القاضي في أخطاء لجهة الحكم الصحيح، يؤكد أبو يوسف أنه “تم تشكيل آلية الطعن وفيها يتاح للمتخاصمين الطعن في قرار القاضي لجهة تسبيبه أو عدم إعطاء حق كامل للدفاع أو مخالفة الإجراءات الضامنة لحسن سير القضاء”، مشيرًا إلى أن قانون الإجراءات السوري معتمد أيضًا مع بعض التعديلات التي تحكمها ظروف الحرب”.

آلية متطورة للاعتقال والإحضار في الغوطة

1375163_565179316870588_816399646_n

تتولى قيادة شرطة الغوطة الشرقية مهمة الاعتقال والإحضار، وقبل تشكيلها كانت هناك مديريات المناطق، ويُمنع على العسكريين تنفيذ أي اعتقال أو تبليغ باستثناء القضايا الأمنية، فللمكتب الأمني الحق في متابعتها، بشرط الحصول على مذكرة قضائية قبل أي اعتقال.

 

 

 

 

 

 

ولعل افتقار القضاء للقوة التنفيذية الفاعلة على الأرض من أهم عيوب القضاء، وفق رأي مواطنين:

تابع القراءة:

 

 

 

 

ولقراءة الملف كاملًا في صفحة واحدة: قضاء سوريا المحررة.. ثلاث مرجعيات تنذر بتقسيم البلاد.

مقالات متعلقة