بذريعة الخدمة الإلزامية..

اعتقالات مكثفة في درعا تفتح “باب الإتاوات”

عناصر من قوات النظام السوري بعد دخلوهم مدينة جاسم في أثناء "التسوية"- 7 من تشرين الأول 2021 (سانا)

camera iconعناصر من قوات النظام السوري بعد دخولهم مدينة جاسم في أثناء "التسوية"- 7 من تشرين الأول 2021 (سانا)

tag icon ع ع ع

كثّفت قوات النظام السوري حملاتها لاعتقال أشخاص في درعا جنوبي سوريا بذريعة الالتحاق بالخدمة العسكرية، بحسب سكان وقياديين سابقين تواصلت معهم عنب بلدي.

ومن خلال التشديد على الحواجز الأمنية، وانتشار عدة حواجز “طيارة” (غير ثابتة)، اعتقلت قوات النظام عشرات الأشخاص منذ مطلع أيلول الحالي.

لاحقًا، أفرجت عن بعض المحتجزين بعدما طلبت منهم مراجعة شعب التجنيد، وفرضت على آخرين مبالغ أو قطع سلاح خفيف، مقابل إطلاق سراحهم.

اعتقالات بذريعة الخدمة العسكرية

نشطت حالات اعتقال قوات النظام متخلفين عن الخدمة العسكرية، بعد مرور ستة أشهر على انتهاء التأجيل الذي منحته شعب التجنيد للمتخلفين عن الخدمة العسكرية والاحتياطية في نيسان 2021 (لعام كامل في محافظتي درعا والقنيطرة).

وعلمت عنب بلدي من سكان محليين في درعا، أن قوات النظام أصبحت تشدد إجراءات التفتيش، وطلب أوراق التأجيل عن الخدمة منذ مطلع أيلول الحالي.

بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في درعا، جرت أحدث حالة اعتقال، الأحد 11 من أيلول، إذ اعتقل عناصر حاجز “المضخة” شابين شمالي مدينة نوى بريف درعا الغربي، وسبقه بيوم اعتقال عشرة أشخاص أُفرج عن خمسة منهم.

واعتقلت قوات النظام عشرة أشخاص على طريق جاسم- نوى بريف درعا الشمالي، في 10 من أيلول الحالي، وأفرجت عن خمسة منهم، وطلبت مبالغ مقابل الإفراج عن البقية.

وكذلك اعتقلت قوات النظام، في 8 من الشهر نفسه، عشرة أشخاص في مدينة درعا، للالتحاق بالخدمة العسكرية.

وأفرجت عنهم بعد ساعات على خلفية احتجاجات في مدينة درعا البلد، ومحاصرة الحواجز الأمنية فيها وقطع الطرق وإشعال الإطارات.

اقرأ أيضًا: متظاهرون يقطعون طرقًا في درعا احتجاجًا على حملة اعتقالات

وفي نيسان 2021، عمّم النظام السوري على شعب التجنيد منح تأجيل سحب لعام كامل للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية، الأمر الذي استغله آلاف الشباب للحصول على موافقة سفر بعد التأجيل.

مبالغ ووساطات

قال قيادي سابق في فصائل المعارضة من منطقة الجيدور، لعنب بلدي، إن قوات النظام تتذرع في حالات الاعتقال بالسوق للخدمة العسكرية بعد انتهاء فترة التأجيل، لكنها فتحت باب المساومة المباشرة مع ضباط الحاجز عبر طلب مبالغ للإفراج عن المعتقلين.

ووصلت المبالغ إلى خمسة ملايين ليرة سورية، في حين أفرجت عن أحد المطلوبين بعد التفاوض مع أهله على تسليم بارودتين عسكريتين (نوع كلاشنكوف).

وأضاف القيادي (الذي تتحفظ عنب بلدي على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، أن الأموال والأسلحة التي تُسلّم للحاجز لا تُنظم ضبوط فيها، إنما تذهب لجيوب الضباط، إذ لم يحوّل المطلوبون لـ”الشرطة العسكرية” وهي الجهة المخولة في القبض على المطلوبين للخدمة.

وعن كيفية التفاوض، قال القيادي إنها تتم عن طريق وساطات مع أشخاص لهم علاقة بضباط النظام، وإن السكان يدفعون هذه المبالغ خوفًا على ضياع أبنائهم في المعتقلات.

ويرجّح القيادي أن الهدف هو سحب عناصر جدد، فيما حوّله ضباط النظام لوسيلة ارتزاق من خلال ابتزاز السكان بمبالغ وقطع سلاح غير مسلّمة بشكل قانوني من خلال إيصالات مالية أو تسليم السلاح لمستودعات النظام.

التشديد دافع للهجرة

تحتضن محافظة درعا آلاف المنشقين عن قوات النظام السوري، إضافة إلى عشرات الآلاف من المتخلفين عن الخدمة العسكرية.

ولجأ بعض المطلوبين إلى الانتساب لـ”الفرقة الرابعة” عقب “تسوية 2018” لحماية أنفسهم من الملاحقة الأمنية، إلا أن “الفرقة” انسحبت في تشرين الثاني 2021 مخلّفة أكثر من ثلاثة آلاف منشق عن الخدمة ممن رفضوا الالتحاق بقطعاتها في دمشق.

ودفعت المخاوف من عمليات الاعتقال الشباب للهجرة، بعضهم استفاد من فترة التأجيل لعام 2021، وهاجر إلى دول الجوار كمصر والعراق (أربيل) ولبنان وليبيا، وبعضهم أكمل طريقه إلى أوروبا، وبعضهم سلك طرقًا غير شرعية (التهريب) إلى لبنان أو تركيا.

أحد وجهاء درعا (تتحفظ عنب بلدي على ذكر اسمه) قال إن الضغط على السكان من خلال التشديد على الحواجز يدفع أبناء المحافظة للتفكير بالهجرة.

وأضاف أن النظام يحوّل كل بلدة إلى سجن كبير في حال نشر حواجزه وقبض على المطلوبين للخدمة، كما أن بعض الشباب يبحثون عن عمل لإعالة أسرهم، فـ”التضييق على السكان يدفع الشخص لبيع ما يملك من عقارات والهرب خارج سوريا”.

وأشارت لجنة حقوق الإنسان في قرارها “77” لعام 1998 إلى أن المادة “14” من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تقر بحق كل فرد في التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصًا من الاضطهاد، شجعت الدول على أن تنظر في منح اللجوء لـ”المستنكفين ضميريًا” الذين اضطروا إلى مغادرة بلدهم الأصلي، لأنهم يخشون الاضطهاد بسبب رفضهم تأدية الخدمة العسكرية، حين لا يوجد حكم مناسب يتناول “الاستنكاف الضميري” من الخدمة العسكرية.

اقرأ أيضًا: الخدمة الإلزامية.. هواجس الشباب في درعا بعد انتهاء مدة التأجيل

وسيطرت قوات النظام على محافظتي درعا والقنيطرة في تموز 2018، وفرضت “تسوية” تسلّمت من خلالها السلاح الثقيل مقابل بنود “تسوية” يشرف عليها الضامن الروسي، أهمها الإفراج عن المعتقلين، ورفع المطالب الأمنية، وسحب الجيش إلى ثكناته، وعودة الموظفين المفصولين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة