“إجازة” السوريين في الشمال.. مخاوف من منع عودتهم إلى تركيا

camera iconجانب من دخول السوريين المتضررين من الزلزال في تركيا إلى الشمال عبر معبر "باب الهوى"- 15 شباط 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

“هبط البيت فوقنا، بس نحنا الله نجانا، وقدرنا نطلع فورًا، وبقينا تحت المطر بالطرقات أكثر من أسبوع”، بهذه الكلمات وصف عبد الهادي بركاوي (81 عامًا) وزوجته لعنب بلدي، الأسبوع الأول الذي عاشوه في تركيا منذ لحظة حدوث الزلزال المدمر.

عاش عبد الهادي نحو تسع سنوات في تركيا، وعاد إلى الشمال السوري قبل أيام عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، قاصدًا مدينة اعزاز بريف حلب، بعد أن تهدم منزله المستأجر نتيجة الزلزال الذي ضرب عشرة ولايات تركية وأربع محافظات سورية في 6 من شباط الحالي.

مرضية الحلبي، سيدة عبرت أيضًا إلى الشمال وفق “الإجازة”، من أنطاكيا التركية، إذ “خرجت من تحت الموت”، بحسب وصفها، نحو بلدة عقربات في مدينة إدلب شمالي سوريا، لتقضي فترة “الإجازة” لدى ابنتها التي تعيش في المنطقة.

يتشابه حال معظم السوريين في المناطق المنكوبة، من حيث عدم قدرتهم على التوجه إلى ولايات أخرى بسبب تكلفة المعيشة أو قدرة الحصول على مكان للإقامة، وسط توجه أعداد كبيرة من مقيمي هذه الولايات من أتراك وأجانب إلى الولايات غير المتضررة بالزلزال.

ضعف الحالة الاقتصادية، وعدم وجود أقرباء في الولايات، دفعا بعض السوريين للاستفادة من قرار “الإجازة المؤقتة”، وقضاء الفترة المسموح بها على الأراضي السورية.

“إجازة” مشروطة

منذ اليوم الأول لموعد فتح “الإجازة” المشروطة إلى سوريا، عاد مئات السوريين عبر معبر “تل أبيض”، ومع سماح العديد من المعابر الإضافية بعبورهم نحو الشمال، ارتفعت الأعداد لتتجاوز الآلاف.

وسبق أن أعلنت معابر “باب الهوى” و”تل أبيض” و”باب السلامة” الحدودية مع تركيا، السماح لجميع السوريين المقيمين في جميع الولايات التركية من حملة “بطاقة الحماية المؤقتة” (الكملك) بالزيارة المؤقتة إلى سوريا، وفق شروط، على أن تكون أقل مدة لبقائهم شهرًا واحدًا من تاريخ الدخول، (ثلاثة أشهر عبر معبر “باب الهوى” فقط)، وألا تتجاوز فترة وجودهم ضمن الأراضي السورية مدة ستة أشهر على الأكثر.

وعبر هذه المعابر، يُسمح فقط للسوريين المقيمين في ولايات غازي عينتاب، كلّس، كهرمان مرعش، هاتاي، العثمانية، أديامان، أورفا، ديار بكر، ملاطيا، أضنة، إيلازيغ (ولاية إيلازيغ باستثناء “باب الهوى”) من حاملي “بطاقة الحماية المؤقتة” من الولايات المنكوبة فقط بالدخول إلى سوريا.

مخاوف من عدم العودة

عند كل قرار عن السماح للسوريين المقيمين في تركيا بزيارة الشمال السوري، يتكرر الحديث عن مخاوف لدى اللاجئين من قرار تركي مفاجئ يمنعهم من العودة إلى تركيا، بعد انتهاء فترة “الإجازة”.

ازدادت حدة المخاوف هذه المرة، نظرًا إلى الشروط التي فرضتها الزيارة، بألا تقل فترة البقاء على الأراضي السورية عن شهر أو ثلاثة أشهر عبر “باب الهوى”.

وفي أوقات سابقة، كانت مسألة زيارات السوريين عبر المعابر التركية خلال فترة الأعياد، ذريعة لدى فئات من المعارضة التركية للمطالبة بترحيل السوريين إلى الشمال الذي يعد آمنًا طالما أنهم قادرون على البقاء فيه خلال فترة زيارتهم.

وكرد على تعليق المعارضة، ومطالبات المواطنين الأتراك بترحيل اللاجئين أو إبقاء من ذهب منهم إلى سوريا هناك، منعت السلطات التركية العام الماضي هذه الزيارات، ولم تفتح الباب أمامها أصلًا بهدف امتصاص غضب الشارع حيال هذا الموضوع.

رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، غزوان قرنفل، قال لعنب بلدي، إن المخاوف الموجودة لدى الناس “مشروعة”، مبررًا ذلك بأنه في تركيا توجد تجاذبات سياسية وخطاب كاره ورافض لوجود السوريين، وهي عوامل يمكن أن تبدل الموقف الرسمي تجاه مسألة الزيارات.

وتعد فكرة المغادرة إلى البلد الذي هرب منه اللاجئ كطالب حماية أو لاجئ، مخالفة للقانون، بحسب قرنفل، وهنا يمكن أن تقرر السلطات بكل بساطة عدم الحاجة للحماية، بسبب عدم وجود أي مخاوف أمنية منعت الشخص من البقاء في بلده فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر.

وتقوم فكرة اللجوء على أن الإنسان معرض للاضطهاد والقتل وامتهان حقوقه وكرامته وإنسانيته، وأن بقاءه في بلاده أو المكان الذي يسعى لمغادرته يهدد سلامته الشخصية، فيطلب اللجوء أو الحماية في دولة أخرى.

والعودة إلى البلاد خلال اللجوء أو الحماية، تعني أن الأساس الذي يبنى عليه اللجوء أو الحماية لم يعد موجودًا، أي أن اللجوء ليس ضرورة.

وعند دخول السوريين إلى الأراضي التركية بغرض اللجوء، هربًا من القصف والموت، أصدرت السلطات التركية قانون الحماية، ووضعت السوريين تحت هذا القانون، وهي حماية مؤقتة تنتهي بانتهاء أسباب منحها.

ومغادرة السوريين إلى بلدهم، وقدرتهم على العيش في ظل سلطات الأمر الواقع، برأي قرنفل، تعني أنهم آمنون، وهذا ما يؤكده اصطحابهم لعائلاتهم وأطفالهم، وبالتالي فإن شرط منح اللجوء مفقود في هذه الحالة.

يبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في تركيا حوالي 3.5 مليون لاجئ، وكان يقيم نحو مليون و750 ألف شخص منهم في مدن الجنوب التركي التي حصل فيها الزلزال.

وتستضيف مدينة غازي عينتاب النسبة الكبرى في جنوبي تركيا، إذ تحتضن 460 ألفًا و150 لاجئًا، تليها مدينة هاتاي وعدد السوريين فيها 354 ألف لاجئ، وأورفا 368 ألف لاجئ، وأضنة 250 ألف لاجئ.

ويعيش في كل من كهرمان مرعش وكلّس وأديامان والعثمانية وديار بكر وملاطيا حوالي 550 ألف لاجئ، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن “إدارة الهجرة التركية” في 2 من شباط الحالي.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة