ندوة إعلامية في إدلب.. صعوبات تواجه الصحفيين والتضييق مستمر

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة "الإنقاذ" العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconعاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة "الإنقاذ" العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

أقامت وزارة الإعلام في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب ندوة إعلامية في 3 من أيار الحالي، عنونتها بـ “الصحافة والإعلام في مواجهة النظام المجرم.. تحديات وآفاق”.

وحضر الندوة أكثر من 100 إعلامي وصحفي، وعدد من الجهات والمؤسسات الإعلامية، وتوافقت مع اليوم العالمي لحرية الصحافة.

عنب بلدي حضرت الندوة، والتقت بعدد من الإعلاميين المشاركين، وعبروا عن آراءهم ببيئة العمل الإعلامي في شمال غربي سوريا، وتحدثوا عن الصعوبات والعقبات التي تواجههم أثناء تغطياتهم الصحفية.

رسائل ووعود

تضمنت الندوة مشاركات وحديث لإعلاميين وصحفيين ورؤساء روابط إعلامية، ووزير الإعلام في حكومة “الإنقاذ”، وممثل عن إدارة الشؤون السياسية في “الإنقاذ”.

رئيس رابطة الإعلاميين السوريين في الداخل، عمر حاج أحمد، وأحد الحضور، قال لعنب بلدي إن المرحلة تشهد حراكًا عربيًا ودوليًا للتطبيع مع النظام وإعادة تدويره ولا بد أن يكون للإعلاميين صوت وكلمة في رفض التطبيع.

وأضاف حاج أحمد أن الندوة هدفت لتوضيح دور الإعلام وواجباته، معتبرًا أن وظيفة الإعلام هي “تثقيف المجتمع وتجديد روح الثورة والتأكيد على استمراريتها”.

وتابع أن الهدف منها أيضًا إرسال رسالتين، الأولى للخارج وتتضمن التأكيد على “استمرار الثورة لحين إسقاط النظام، وتعطيل إمكانية تدويره، وإفشال محاولات التطبيع معه”.

والرسالة الثانية إلى السلطات التي تحكم الشمال السوري، بأن تحد من الانتهاكات تجاه ممارسة العمل الإعلامي، وتضع الحريات الصحفية على رأس سلم الأولويات، وتوجد ضمانات قانونية لحماية الإعلاميين والصحفيين، وفق حاج أحمد.

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة "الإنقاذ" العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

وزير الإعلام في حكومة “الإنقاذ”، محمد يعقوب العمر، قال إن الندوة عُقدت بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وأطلق عدة وعود، داعيًا إلى عقد مزيد من المؤتمرات والندوات لتطوير الواقع الإعلامي في المنطقة.

وذكر العمر أن الوزارة ستشارك الصحفيين في ورشات عمل وفعاليات لرسم “السياسة الإعلامية للثورة” في مرحلتها الحالية والمستقبلية، وستعمل الوزارة ضمن خطتها على برامج لتوعية العاملين في مجال الإعلام، وتقديم الدورات التدريبية لدعم نشاطهم.

وأضاف العمر أن الوزارة ستقدم الرعاية للمشاريع الإعلامية “لدعم قضية الثورة”، كما ستجري البحوث العلمية والدراسات لواقع “الإعلام الثوري” للنهوض به.

وجرت خلال الندوة مناقشات لصياغة قانون يحفظ الحقوق ويحمي العاملين في القطاع الإعلامي.

توثيق انتهاكات

عرض المشاركون في الندوة المشكلات والصعوبات التي يواجها الإعلاميون في الشمال السوري وتناقشوا للوصول إلى حلها.

الناشطة في المجال الحقوقي والإعلامي، حلا إبراهيم، حضرت الندوة، وقالت لعنب بلدي إنها لمست تطورًا ملحوظًا خلالها في تقبل الآراء والاستماع لوجهات نظر الإعلاميين من قبل السلطات، ووجدت مساحة حرية أكبر مما كان سابقًا، وتنظيمًا أفضل.

وخلال الندوة، عرض رئيس رابطة الإعلاميين السوريين، عمر حاج أحمد، أرقامًا وإحصائيات وثقتها الرابطة، لانتهاكات الحريات الإعلامية في سوريا، وبلغ عدد القتلى من الإعلاميين منذ انطلاق الثورة السورية حتى الآن 715 قتيلًا 83% منهم قتلهم النظام وحلفائه.

وقتل تنظيم “الدولة الإسلامية” 9%، بينما قُتل 5% منهم على يد الفصائل المسلحة و”هيئة تحرير الشام” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حسب إحصائيات رابطة الإعلاميين السوريين.

ووثقت رابطة الإعلاميين اعتقال 1310 إعلاميًا، 85% منهم اعتقلتهم قوات النظام، و6% اعتقلهم تنظيم “الدولة” ونُقلوا إلى سجون النظام، و4% معتقلون في سجون الفصائل شمال غربي سوريا.

انتقادات وصعوبات.. “لا حرية تعبير”

يواجه الإعلاميون والصحفيون في الشمال السوري، صعوبات كثيرة خلال تغطياتهم، على رأسها عقبات تتعلق بالتصاريح المطلوبة للعمل، وتقبل السلطات والمجتمع لعملهم بالإضافة لانتهاكات تطالهم.

الناشطة الحقوقية والإعلامية، حلا إبراهيم، قالت إن الصحفيين المستقلين يواجهون صعوبات كثيرة في الحصول على التصاريح اللازمة والموافقة على تغطياتهم، لافتة إلى أنها لم تتمكن من الحصول على بطاقة العمل الإعلامي من الجهات المختصة حتى الآن، دون معرفة أسباب ذلك.

وأضافت حلا أنها منذ سنة لم تستطع مزاولة مهنتها في إدلب، لعدم حصولها على البطاقة والتصاريح اللازمة، مشيرة إلى التمييز في التعامل بين الإعلاميين المستقلين والإعلاميين التابعين للحكومة، بهدف تعزيز الإعلام الحكومي وإضعاف الإعلام المستقل.

مشكلة أخرى تطرقت لها حلا في حديثها كإعلامية مستقلة، هي هجوم ما أسمته “الجيش الإلكتروني” التابع لسلطات الأمر الواقع في الشمال السوري عليها، في حال تناول الجوانب السلبية لعمل هذه السلطات.

المشكلة ذاتها يعاني منها الإعلامي المستقل “أبو أحمد” (طلب عدم ذكر اسمه خوفًا من اعتقاله)، وقال معربًا عن أسفه، إن الصورة الذهنية للمجتمع عن العمل الإعلامي “مشوهة”، ترتبط بجمع المال أو التلميع لجهات ما، وبعيدة كل البعد عن الإعلام الناقل للحقيقة والواقع.

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة "الإنقاذ" العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

ويرى “أبو أحمد” في حديثه لعنب بلدي، أن سبب هذه الصورة الخلط بين الإعلام التابع لجهات معينة كالمنظمات والسلطات والإعلام المؤسساتي ذو المصداقية والرسالة، مطالبًا بالعمل على بناء الفهم الصحيح لعمل الإعلام من خلال الندوات والحوارات، لتصحيح صورة المهنة أمام المجتمع.

إعلامي مستقل آخر (طلب عدم نشر اسمه) عرض لعنب بلدي مشكلة يواجها الصحفيون والإعلاميون، وهي غياب جهة تمثلهم تمثيلًا حقيقيًا وتدافع عنهم.

وقال الإعلامي إنه لا توجد أي جهة تدافع عن حقوق الصحفيين أو تعمل على تعويضهم عن الأضرار التي يمكن أن تصيبهم في أثناء عملهم، سواء أكانت الأضرار جسدية أو مادية.

وعلى مستوى العقود التي يتم تنظيمها بين الإعلاميين والسلطات، قال الإعلامي إن هذه العقود يتم انتهاكها دون وجه حق أو تبرير، وأن العديد من الجهات الإعلامية والمؤسسات تبرم عقود “فري لانس” مع الصحفيين والإعلاميين للتنصل من الدفاع عنهم، ولعدم تعويضهم عن أي أضرار قد يتعرضون لها أثناء عملهم، وتبتعد عن أي التزامات قانونية أو مالية تجاههم.

وطالب الإعلامي عبر صحيفة عنب بلدي، بإيجاد جهات نقابية تمثل الإعلاميين تمثيلًا حقيقيًا وتتعاون مع السلطات لحل هذه المشكلات.

من جانبها ترى الإعلامية سناء العلي، وهي مراسلة لمنصة “SY+”، أن هناك تطورًا ملحوظًا في مجال العمل الإعلامي، فهي تلاحظ أنه أصبح أكثر احترافية، ويمتلك خبرة ووعيًا أكبر في  نقل الرسالة والصوت.

بدوره قال الإعلامي عبد الرزاق الشامي، ويعمل متعاونًا مع تلفزيون “سوريا”، إن التصاريح لإنتاج تقارير أمر ميسّر إلى حد كبير مقارنة بما كان عليه في السابق، وأن السلطات المحلية تبدي تعاونًا عندما يكون هناك تنسيق مسبق معها. أما فيما يتعلق بإنتاج التحقيقات الصحفية، فيواجه الصحفيون عوائق كثيرة، لذلك يفضل (هو) الابتعاد عنها.

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة "الإنقاذ" العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

عاملون في القطاع الإعلامي خلال ندوة أقامتها وزارة الإعلام في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب- 3 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

تضييق واعتداء

يرى الإعلامي “أبو أحمد” أن الشمال السوري لم يخط بعد على طريق تحرير الإعلام والصحافة، ومساحات الحرية بشكل عام “شبه معدومة”، مشيرًا إلى أنه يتعرض لمضايقات دائمة من قبل الجهات المعنية، سواء المنظمات أو السلطات في معرض نقل الحقائق

بدورها قالت الإعلامية سناء العلي، إن مشوار الإعلاميين للوصول إلى الحريات الإعلامية ما يزال طويلًا، وأن الحريات المتوفرة في الوقت الحالي لا ترقى إلى نصف ما هو مطلوب، لافتة إلى خوف الإعلاميين من إبداء الرأي أو النقد رغم التطور البسيط الحاصل في الآونة الأخيرة.

وأضافت سناء أن العمل الإعلامي إلى الآن غير محمي، وتخشى الاعتقال من قبل سلطات الأمر الواقع، والتعرض لها من قبل بعض “الخلايا النائمة” التي قد تكون موجودة أو تعرض أسرتها لمضايقات، مشيرة إلى أن هناك بعض المواضيع التي لا يسمح للإعلاميين بتناولها.

بدوره قال الإعلامي، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن العاملين في قطاع الإعلام لا يزالون بعيدين عن الحرية في نقل الأخبار، وإن كان هناك تحسن ملحوظ في مجال تنظيم العمل الإعلامي، إلا أنه يفتقد للضوابط والمعايير والقوانين الواضحة، ولالتزام السلطات والجهات المسؤولة بها.

ويعتقد الإعلامي أن هناك حاجة كبيرة لوجود جهة تمثل الإعلاميين وتصون حقوقهم وتكفل حرياتهم وتدافع عنهم، وتحاسبهم عند ارتكاب الأخطاء.

ويتعرض العاملون في المجال الإعلامي للعديد من الانتهاكات في الشمال السوري، سواء في المناطق التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام”، أو تلك التي يسيطر عليها “الجيش الوطني السوري”، خصوصًا الانتهاكات المتعلقة بالتضييق على الحريات الإعلامية.

وفي 7 من تشرين الأول 2022، اغتال مقاتلون مجهولون، تبيّن لاحقًا أنهم يتبعون لمجموعة “أبو سلطان الديري” ضمن “فرقة الحمزة” (الحمزات) التابعة لـ”الجيش الوطني”، الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل، ورغم اعتقال الضالعين بالحادثة، لا تزال المطالب بكشف نتائج التحقيق حاضرة ومستمرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة