“مدني” الرقة: منهاج النظام استجابة لرغبة الأهالي

camera iconمدرسة "إبراهيم هنانو" في حي الدرعية في الرقة (نورث برس)

tag icon ع ع ع

الرقة – حسام العمر

يتكرر الحديث بين أهالي مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، بشأن مكان تدريس أولادهم في هذه الفترة، مدارس “التعلم الذاتي” أم المعاهد الخاصة، وسط حيرتهم بكيفية دفع رسوم التعليم.

فياض الشيخ (35 عامًا)، أحد أبناء مدينة الرقة، يحاول دائمًا إقناع أخيه بفصل ابنه من مدرسة الحي الرسمية التي تدرّس منهاج “التعلم الذاتي”، الذي تعتمده “الإدارة الذاتية” في مناطق سيطرتها بشمال شرقي سوريا، وإرساله إلى أحد المعاهد الخاصة الذي يعتمد منهاج وزارة التربية التابعة لحكومة النظام السوري.

وقال فياض لعنب بلدي، مبررًا موقفه تجاه التعليم في الرقة، إن منهاج “التعلم الذاتي” غير معترف به، وإن أخاه سيضطر لاحقًا لإرسال ابنه الذي يدرس حاليًا في الصف السابع إلى مناطق سيطرة النظام للحصول على شهادة التعليم الأساسي.

يعيش أطفال مدينة الرقة، فعليًا، في ظل عمليتين تربويتين، وازدواجية مناهج التعليم تؤرّق الأهالي وتثير قلقهم، خصوصًا مع اختلاف الآراء حول الجهة التي يريدون أن يدرّسوا أطفالهم لديها.

“أيديولوجيا البعث”

الناشط المدني في مدينة الرقة نبيل محمد (36 عامًا)، اعتبر أن استمرار تدريس مناهج وزارة التربية التابعة لحكومة النظام السوري في مدينة الرقة، يسهم في استمرار ارتباط أولئك الأطفال وذويهم بأيدولوجية حزب “البعث”.

وطالب نبيل، في حديث إلى عنب بلدي، القائمين على العملية التربوية في مدينة الرقة، بوضع حدّ لتدريس منهاج النظام في المدينة.

منهاج النظام بـ100 ألف ليرة

تمنع “الإدارة الذاتية” تدريس منهاج النظام السوري في المدارس التابعة لها بشكل نهائي بمحافظة الحسكة ومدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي الشرقي، بينما تغض النظر عن تدريسه في مناطق دير الزور والرقة ومنبج.

وقال مدرّس في إحدى مدارس الرقة، لعنب بلدي، طالبًا عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن تدريس منهاج النظام في مناطق سيطرة “الإدارة” الذاتية هو أمر واقع مفروض على الجميع.

وأضاف أن “الإدارة الذاتية” تمنع تدريس منهاج النظام ظاهريًا، لافتًا إلى أن مسؤولي “الإدارة” يرسلون أبناءهم للدراسة في مناطق سيطرة النظام السوري.

وتابع المدرّس أن الأهالي يتداولون قضية منهاج “الإدارة الذاتية” وعدم الاعتراف به، لكن يعجزون عن إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة في الرقة التي تدرّس منهاج النظام، بسبب ارتفاع التكاليف الدراسة فيها، إذ يصل القسط الشهري في تلك المعاهد إلى نحو 100 ألف ليرة سورية (30 دولارًا أمريكيًا).

مجانية منهاج “التعلم الذاتي”

توفر “الإدارة الذاتية” في المدارس التابعة لها بمدينة الرقة مجانية التعليم، وتقدم الكتب المدرسية للطلاب وأغلبها من منهاج “التعلم الذاتي” الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، والذي تركّز مواده على الحساب واللغتين العربية والإنجليزية.

وقال عضو في “لجنة التربية والتعليم” بـ”مجلس الرقة المدني”، لعنب بلدي، إن استمرار تدريس منهاج النظام السوري في مناطق تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” هو أمر سببه رغبة الأهالي بذلك.

وأقرّ عضو “اللجنة” الذي تحفّظ على ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحًا بالحديث إلى الإعلام، بازدواجية المناهج والمدارس في الرقة، وما تحدثه من حساسيات بين السكان بسبب “المعايرة” حول أهلية المنهاج والاعتراف به.

وأضاف أن “الإدارة الذاتية” تمنع عمل المعاهد الخاصة خلال فترة الدوام الرسمي للمدارس، وتفرض أن يقتصر منهاج التعليم فيها على شهادتي التعليم الأساسي والثانوية، إلا أن المعاهد تتجاوز تعليمات “الإدارة” وتدرّس جميع مراحل التعليم وجميع صفوفها، على حد قوله.

توحيد المناهج

في تصريح لوكالة “نورث برس” المحلية، منتصف أيلول 2021، قال رجب المشرف، الرئيس المشترك لـ”هيئة التربية والتعليم”، إن “الإدارة الذاتية” تمتلك مناهج دراسية تمثّل مكوّناتها العرقية، وهي تتجه لتطويرها وتوحيدها.

وأضاف المسؤول في “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، أن “الإدارة الذاتية” أنجزت المناهج الدراسية باللغات الرسمية الثلاث (العربية والكردية والسريانية).

وتحدث رجب المشرف عن أن “الإدارة” متجهة نحو تطوير المناهج وتطوير الكوادر التربوية والتدريسية وصقل مهارات المعلمين، لبناء عملية تربوية تتفق مع الأساليب التعليمية الحديثة.

وكانت مدينة الرقة خضعت لسيطرة جهات متعددة خلال سنوات الحرب، تختلف بالتوجهات والقوانين التي فُرضت على السكان، منذ خضوعها عام 2013 لسيطرة فصائل المعارضة والفصائل الإسلامية، التي حازتها من قوات النظام السوري، ومن ثم سيادة تنظيم “الدولة الإسلامية” عليها مع نهاية العام ذاته، قبل أن يتم انتزاعها بقوة “التحالف الدولي” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في أواخر عم 2017، لتقع تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” منذ ذلك الحين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة