فساد “السيد 10%” يلاحق عائلة مخلوف بعد وفاته

خال رئيس النظام السوري محمد مخلوف الذي توفي في 12 أيلول 2020 (تعديل عنب بلدي)

camera iconخال رئيس النظام السوري محمد مخلوف الذي توفي في 12 أيلول 2020 (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أثار إدراج خمس سيدات من عائلة محمد مخلوف خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على قائمة العقوبات الأوروبية شكوكًا حول أسباب فرضها حاليًا.

وجاء الإدراج بعد تسريبات مصرفية نُشرت تحت مسمى “Suisse Secrets” لأحد أكبر البنوك في سويسرا “Credit Suisse”، تضمنت تفاصيل عن حسابات أكثر من 30 ألف عميل، من بينهم محمد مخلوف خال رئيس النظام السوري، والنائب السابق للرئيس السوري، عبد الحليم خدام.

ذكرت التسريبات، التي نُشرت في 20 من شباط الحالي، أن مخلوف استُخدم كواجهة لصهره، الرئيس السابق، حافظ الأسد، لسنوات، بينما استفاد من علاقاته السياسية في إمبراطورية تجارية تشمل التبغ والعقارات والمصارف والنفط.

وتظهر بيانات حساب محمد مخلوف في بنك “Credit Suisse”، أن ثروته المودعة في البنك تقدر بثمانية ملايين و278 ألفًا و851 فرنكًا سويسريًا (حوالي تسعة ملايين دولار)، وهي نسبة أقل بكثير من القيمة المتوقعة لثروته خارج هذا البنك.

وأرسل مكتب منظمة “مكافحة الجريمة وغسل الأموال” (OCCRP)، الذي نشر التسريبات، رسائل إلى نجل مخلوف، رامي، عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه لم يحصل على رد.

“السيد 10%”

تصف منظمة “مكافحة الجريمة وغسل الأموال” محمد مخلوف على موقعها الرسمي، باسم “السيد 10%” بسبب “فساده المزعوم”.

وجاءت هذه التسمية من فرض مخلوف إتاوة على الشركات الأجنبية التي تريد دخول قطاع التبغ في سوريا، قدرها 10%، في سبعينيات القرن الماضي، وهو سلوك كرره في قطاعات اقتصادية حيوية في سوريا.

وبدأ محمد مخلوف عهده بزواج أخته عام 1957 من الرئيس السابق، حافظ الأسد، الذي فتح الطريق لمخلوف لبناء إمبراطورية تجارية قائمة على صلاته بالعائلة الحاكمة.

كما يُعرف محمد مخلوف ببطريرك إحدى أبرز العائلات في سوريا.

عقوبات على العائلة

بعد ساعات على ورود اسم محمد مخلوف في التسريبات، أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على أفراد من عائلته.

السيدات اللواتي أُدرجن في قائمة العقوبات هن: أرملة محمد مخلوف هلا طريف الماغوط، وأرملة مخلوف الثانية غادة أديب مهنا، وبناته الثلاث شهلاء وكندا وسارة، بحسب الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

وأرجع بيان نُشر في الجريدة أسباب العقوبات هذه إلى وفاة محمد مخلوف في أيلول 2020.

وقال بيان الاتحاد، “نظرًا إلى أن ورثته جميعًا أعضاء في عائلة مخلوف، فهناك خطر متأصل يتمثل في استخدام الأصول الموروثة لدعم أنشطة النظام السوري وستتدفق مباشرة إلى سيطرة النظام، ما قد يسهم في قمع النظام العنيف للسكان المدنيين”.

استخدام حرمه للالتفاف على العقوبات

يعتقد الباحث الأول في وحدة حقوق الإنسان والأعمال التجارية من “البرنامج السوري للتطوير القانوني” إياد حميد، أن رسالة هذه الخطوة الأوروبية موجهة للأفراد المعاقَبين وللنظام السوري، بأنه ليس بالإمكان الاعتماد على الأبناء والبنات والزوجات في الالتفاف على العقوبات من خلال تحويل الأموال والأصول وتسجيلها بأسمائهم.

ولا يعتقد حميد بوجود رابط بين التسريبات الأخيرة عن حجم الثروات في البنوك السويسرية وقرار العقوبات، وذلك لأن إدراج الأفراد على قوائم العقوبات الأوروبية عملية معقدة تبدأ قبل بضعة أشهر من صدور القرار النهائي، وتزامن صدور التسريبات مع القرار الأوروبي لا يتعدى كونه مصادفة زمنية.

حقيقة أن محمد مخلوف نهب سوريا هي قناعة ليست موجودة عند المعارضين فقط بل هي عند المؤيدين للنظام أيضًا، ولا يحتاج السوريون إلى حساب بنكي ليؤكدها، وخصوصًا أن ثروته المتوقعة أكثر بكثير من الأرقام التي ذُكرت، بحسب ما قاله الدكتور السوري في الاقتصاد ومدير الأبحاث في مركز “السياسات وبحوث العمليات” كرم شعار، في حديث إلى عنب بلدي.

ويرسل الاتحاد الأوروبي رسالة مفادها أن العقوبات ما زالت أداة سيعتمدها بسياسته الخارجية على عكس الفتور الأمريكي باستخدام العقوبات، بحسب شعار.

من محمد مخلوف؟

فور تولي حافظ الأسد مقاليد الأمور في سوريا عام 1970، أخذ نجم أخ زوجته محمد مخلوف بالصعود، ليتحول تدريجيًا إلى الركيزة المالية لعائلة الأسد على مدى السنوات التالية.

وأتاحت صلة القربى لمحمد مخلوف شغل منصب مدير “المؤسسة العامة للتبغ” أو ما يعرف باسم “الريجة”، ليبدأ من تلك المؤسسة بممارسة الفساد على نطاق واسع، بحسب فراس طلاس ابن وزير الدفاع السوري السابق، مصطفى طلاس، الذي وصف مخلوف بـ”بطريرك العائلة”.

وبحسب طلاس، استعان محمد مخلوف بخبراء من لبنان وبريطانيا في تأسيس إمبراطورية مالية استندت إلى مبيعات النفط، فكان يفرض على أي جهة تريد شراء النفط من سوريا أن تدفع له نسبة تقدر بـ7% من قيمة الصفقة مستفيدًا من سطوة نفوذ عائلة الأسد.

وبذلك كان يحصل يوميًا على مبلغ يقدّر من ستة إلى سبعة ملايين دولار من مبيعات النفط وحده.

كما فرض مخلوف نفسه شريكًا على جميع شركات النفط العاملة في سوريا، وفقًا لذات المصدر.

وخلافًا لبقية أفراد العائلة، لا يكاد اسم محمد مخلوف يظهر إلى العلن ضمن أي أنشطة تجارية، غير أن الوثائق المسربة من حسابات بنك “HSBC” في سويسرا عام 2015، كشفت أن محمد مخلوف قدم بياناته المصرفية إلى البنك، باعتباره وكيلًا لشركة التبغ الأمريكية “فيليب موريس” مالكة العلامة التجارية “مارلبورو”، وشركة “ميتسوبيشي” اليابانية، وشركة “كوكا كولا” الأمريكية، في سوريا.

ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات، منذ آب عام 2011، على محمد مخلوف لصلته الوثيقة بالأسد، ويمنعه من دخول دول الاتحاد.

وحاول مخلوف الطعن بالعقوبات على اعتبار أنها تخرق حقه في الخصوصية، بزعم أنها تمنعه من الحفاظ على المستوى الاجتماعي الذي اعتادته عائلته، غير أن المحكمة العامة الأوروبية رفضت، عام 2015، استئنافًا قدمه محمد مخلوف ضد تلك العقوبات، قبل وفاته في أيلول 2020 متأثرًا بفيروس “كورونا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة