ستة أشهر للمساعدات الأممية إلى سوريا.. مؤشر على “عطالة” مجلس الأمن

camera iconجلسة مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قرار تمديد آلية ايصال المساعدات الى شمال غربي سوريا - 12 تموز 2022 (UN)

tag icon ع ع ع

أثار قرار مجلس الأمن الدولي بتمديد آلية وصول المساعدات إلى سوريا عبر معبر حدودي واحد “باب الهوى” لمدة ستة أشهر، ردود فعل دولية أغلبها سلبية.

القرار امتنعت فيه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عن التصويت، ليتمكّن المجلس من تبني القرار الذي تدعمه روسيا.

وكانت موسكو قد استخدمت حق النقض “فيتو” ضد مشروع لتمديد الآلية لمدة سنة، يوم الجمعة الماضي، لتنجح في مساعيها الخاصة للتجديد لمدة ستة أشهر الثلاثاء الماضي.

وصوّت بالإيجاب لهذا القرار بالإضافة إلى إيرلندا والنرويج، اللتين قدمتا مشروع القرار، كل من روسيا، الصين، الهند، ألبانيا، البرازيل، الغابون، غانا، الإمارات، كينيا، والمكسيك.

ردود فعل مستاءة

نائب المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز، قال تعليقًا على القرار، “تصويتنا اليوم يعكس قرار عضو واحد (روسيا) في مجلس الأمن أخذ المجلس رهينة لديه، في وقت تشهد فيه سوريا نسبة احتياجات إنسانية أكبر من أي وقت مضى”.

وأضاف، “هذه المدة ستجعل عمل المنظمات الإنسانية أكثر كلفة وأكثر صعوبة في مجال التخطيط، لنتذكر أن هذه الولاية موجودة لأن للنظام السوري تاريخًا موثقًا من الفساد، وسرقة المساعدات وحرمان المجتمعات التي هي بأشد الحاجة إليها”، بحسب ما نقله الموقع الرسمي للأمم المتحدة للجلسة المنعقدة الثلاثاء الماضي.

وحول امتناع فرنسا عن التصويت قال مندوبها نيكولاس دو ريفيير، أمام مجلس الأمن “فرنسا ليست راضية عن هذا التجديد الهش الذي لا يتجاوز ستة أشهر والذي ستنتهي صلاحيته وسط الشتاء عندما تكون المساعدات الإنسانية في غاية الأهمية، وكل ذلك تحت غياب أي ضمان للتجديد”.

وعن دعم مشاريع “إعادة الإعمار”، التي تطالب روسيا بأن تدعمها الدول الغربية، أوضح دو ريفيير قائلًا “موقف فرنسا على غرار نظرائنا الأوروبيين لن يتغير، لن نمول إعادة الإعمار ولن نرفع العقوبات ما لم تبدأ بجدية وبحسم عملية سياسية عملًا بأحكام قرار مجلس الأمن 2254”.

رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، دان ستوينسكو، حذّر من أن قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتمديد معبر باب الهوى لستة أشهر فقط جعل وكالات الأمم المتحدة والفاعلين الإنسانيين أمام “خيارات قليلة” للوصول إلى الأشخاص الذين هم بحاجة إلى المساعدات شمال غربي سوريا، عبر تغريدة بحسابه أمس الأربعاء.

وجاء موقف الأمين العام للأمم المتحدة من القرار محايدًا، إذ لم يُرحب أو يندد بالقرار، وإنما عبّر عن “أمله الشديد” بتجديد القرار بعد ستة أشهر.

ترحيب متباين

رحبت خلال جلسة التصويت على قرار تمديد آلية المساعدات إلى شمال غربي سوريا لمدة ستة أشهر بعد تبنيه كل من الهند، والصين، والإمارات، وروسيا عبر بيانات منفصلة لممثلي تلك الدول.

وقال نائب المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن، ديمتري بوليانسكي، إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجد “نمطًا مثاليًا” لآلية المساعدة عبر الحدود السورية، وأن روسيا ستراقب عن كثب كيفية تنفيذها على أرض الواقع.

وأوضح بوليانسكي أن بلاده ستراقب عن كثب تنفيذ هذه المهام، من بين أمور أخرى، وتتوقع أن يزود الأمين العام المجلس بمعلومات شاملة عن العمل الذي قام به، بحلول كانون الثاني من عام 2023 المُقبل.

كما رحبت تركيا بالقرار الأممي في بيان عبر وزارة خارجيتها، صادر في 12 من تموز، مؤكدةً ضرورة مواصلة الأمم المتحدة آلية عمل وظائفها في إطار مستدام ودون انقطاع، ومواصلة تركيا جهودها في هذا الاتجاه، بالتعاون مع المجتمع الدولي.

وشكرت منظمة الصحة العالمية على لسان رئيسها، تيدروس غيبريسوس، مجلس الأمن لحماية وضمان آلية إيصال المساعدات الحيوية التي تخدم المدنيين وتجنب قطع شبه كامل لها، ووصف القرار “بالخبر السار” لنحو 4.5 مليون سوري يعتمدون على هذا القرار.

تنديد حقوقي

عبّرت منظمة “أنقذوا الأطفال” العالمية عن استيائها من القرار الذي تبناه مجلس الأمن موضحةً أنه خذل الأطفال في سوريا بتجديد طريق المساعدات عبر الحدود لمدة ستة أشهر فقط.

ودعت المنظمة عبر بيان، الاثنين، مجلس الأمن إلى الالتزام بالإبقاء على الطريق الوحيد الفعال لتقديم المساعدات إلى شمال غربي سوريا مفتوحًا لفترة طويلة.

وقال مدير استجابة سوريا في المنظمة، تامر كيرلس، إن “التجديد لمدة ستة أشهر غير كافٍ بشكل ملحوظ ويؤدي إلى فقدان بعض الأطفال الأكثر ضعفًا في العالم، سيؤدي الإطار الزمني القصير إلى تحديات كبيرة بالنسبة لنا لتخطيط البرامج، هذا مهم بشكل خاص لأن هذا القرار سينتهي خلال فصل الشتاء القارس في سوريا”.

ووصفت منظمة “أوكسفام” القرار بأنه “مخيب للآمال” ويمكن أن يترك أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غربي سوريا دون المساعدة التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة عندما تأتي أشهر الشتاء القاسية.

وفي البيان الصادر عن المنظمة، في 12 من تموز، قالت رئيسة مكتب “أوكسفام” في نيويورك، بريندا موفي، “ستة أشهر ليست وقتًا كافيًا للتخطيط لطرق بديلة لإيصال المساعدات في غياب خيار (عبر الحدود)، ولا لإحراز تقدم كبير في الأنشطة لمساعدة البلاد على التعافي، مثل الاستثمار في الزراعة وتوفير الكهرباء الكافية، التي من شأنها أن تساعد السوريين ليصبحوا أقل اعتمادًا على المساعدات”.

بدوره، قال مدير منظمة “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء)، رائد الصالح، عبر “تويتر“، إن “ما حدث اليوم في مجلس الأمن، هو تكريس لعطالة المجلس وابتعاده كل البعد عن تحقيق الأمن والاستقرار للشعوب والحفاظ على الأرواح، وأصبح بدلًا من ذلك مصدر تهديد على حياة المدنيين في العالم بسبب الرضوخ للابتزاز الروسي، وتسييس المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة”.

وأضاف الصالح أن “تبني مجلس الأمن القرار 2642 الذي مدد إدخال المساعدات عبر الحدود لستة أشهر، هو في الحقيقة اعتماد للنسخة الروسية وربط استمرار المساعدات بتقديم تنازلات هدفها دعم نظام الأسد ومحاولة تعويمه سياسيًا، وتوفير غطاء أممي لاستخدام أموال الدول المانحة لإعادة إعمار مؤسسات النظام وسجونه”.

وطالب بإيجاد آلية مستقلة، تضمن استمرار وصول المساعدات المنقذة للحياة دون إتاحة الفرصة مجددًا لأي “ابتزاز سياسي”، مؤكدًا أن الأزمة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في سوريا، هي انعكاس لغياب الحل السياسي وتجاهل المجتمع الدولي لتطبيق قرار مجلس الأمن “2254”.

وكان “فريق منسقو استجابة سوريا” قد عبر الثلاثاء في بيانٍ آخر، عن خيبة أمله بالقرار الأممي نتيجة “رضوخ” مجلس الأمن الدولي للمطالب الروسية، وأن مضار القرار الحالي أكثر من نفعه كونه يشكل خدمات كبيرة للنظام السوري و اعتراف ضمني جديد في شرعية النظام السوري، بحد تعبيره.

وأكد البيان أن القرار الأخير هو “الحلقة الأخيرة” في بدء عمليات إغلاق معبر “باب الهوى” الحدودي أمام العمليات الإنسانية خلال الفترة القادمة، وتحويل مسار المساعدات الإنسانية إلى مناطق النظام السوري، مُطالبًا المنظمات الإنسانية العمل على إيجاد بدائل حقيقية لضمان استمرار المساعدات للمدنيين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة