مبادرات لسد العجز.. الزلزال يحوّل المنظمات من منقذ إلى ضحية

متطوعون من فريق "ملهم التطوعي" خلال الاستجابة لاحتياجات العائلات المتضررة من الزلزال-20 شباط 2023(ملهم التطوعي/فيس بوك)

camera iconمتطوعون من فريق "ملهم التطوعي" خلال الاستجابة لاحتياجات العائلات المتضررة من الزلزال-20 شباط 2023(ملهم التطوعي/فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – لجين مراد

“الفريق الذي كان يسجل الضحايا أصبح ضحية”، هكذا وصف مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، حال كوادر المنظمات بعد الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا.

وفي حين تمتلك معظم المنظمات مكاتب إدارية في الجنوب التركي، يتركّز نشاطها في الشمال السوري، ما جعل وقع الكارثة أكبر، وحدّ من قدرتها على العمل.

دفع ذلك فريق “لا تخنقوا الحقيقة” لإطلاق حملة لمساعدة المنظمات، من خلال تأمين متطوعين قادرين على سد الفراغ الذي تركته الكوادر والمكاتب المتضررة.

الإدارة متضررة

تقوم المنظمات بإدارة العمليات والبرامج واللوجستيات من مكاتبها في تركيا، بينما يجري العمل الميداني في سوريا، وفق ما قاله الطبيب السوري والناشط في المجال الإنساني محمد كتوب.

وأضاف كتوب أن الوضع الراهن يفرض مهام إدارية على العاملين بالمنظمات في تركيا، لكن الضرر الذي طال مكاتبهم ومستودعاتهم يعرقل ذلك، لافتًا إلى احتمالية أن تتراجع فعالية هذه الكوادر لفترة طويلة.

وتضررت العديد من مكاتب المنظمات في الجنوب التركي، بينها مكاتب فريق “ملهم التطوعي” و”بنفسج” و”الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز).

المتطوعة في فريق “لا تخنقوا الحقيقة” والناشطة في المجال الإنساني مرسيل شحوارو، قالت لعنب بلدي، إن خسارة المنظمات لمكاتبها ومعداتها خصوصًا في الجنوب التركي، حدّ من قدرة المنظمات على تقديم الاستجابة الطارئة.

وأشارت إلى أن وجود كارثة حقيقية في تركيا عرقل العمليات اللوجستية، إذ كانت الأولوية بالنسبة لتركيا هي الاستجابة للمتضررين في الجنوب.

من جهته، قال “مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، لعنب بلدي، إن العديد من أقسام الفريق تضررت بشكل كبير خصوصًا في تركيا.

وتتوزع معظم كوادر “الشبكة السورية” بين الجنوب التركي والشمال السوري، ما جعلها عاجزة عن الاستجابة لكارثة الزلزال وتوثيق الضحايا بالسرعة والفعالية المطلوبة، وفق ما قاله عبد الغني.

وأجبر ذلك العاملين في “الشبكة السورية” الذين لم يتضرروا على تحمل مسؤوليات زملائهم المتضررين، لتستطيع “الشبكة” إتمام عملها.

متطوعون من منظمة “بنفسج” خلال الاستجابة لاحتياجات العائلات المتضررة من الزلزال-18 شباط 2023 (بنفسج/فيس بوك)

خسائر بشرية

نعت العديد من المنظمات السورية خلال الأيام الماضية عشرات المتطوعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أظهر حجم الخسائر البشرية التي خلّفها الزلزال ضمن كوادر المنظمات.

وترى الناشطة مرسيل شحوارو أن أثر الكارثة على عمل المنظمات جاء مضاعفًا بسبب الخسائر البشرية.

وأوضحت أنها المرة الأولى التي تكون فيها الكارثة بهذا الحجم، إذ انخفضت فعالية الكوادر إثر الخسائر البشرية في صفوف المتطوعين والعاملين بالمنظمات، بالإضافة إلى ذويهم.

وتعرض معظم أقارب وذوي كوادر المنظمات لأضرار متفاوتة، ما جعلهم عاجزين عن إتمام مهامهم بالشكل المطلوب، وفق ما قاله كتوب.

استجابة لحاجة المنظمات

تهدف المبادرة التي أطلقها فرق “لا تخنقوا الحقيقة” لتأمين متطوعين بشكل مؤقت لإجراء مهام لا يُشترط أن يكون العاملون فيها من كوادر المنظمات، وفق قول الطبيب محمد كتوب.

وأضاف أن أي شخص لديه خبرة قادر على تقديم المساعدة، من خلال تخصيص ساعات محددة أسبوعيًا لتقديم خدمات ضمن خبراته لمساعدة المنظمات، والحدّ من العشوائية المحتملة في حال استمرت المنظمات على هذه الحالة.

وقالت الناشطة شحوارو، إن فكرة الحملة جاءت من وجود كتلة بشرية لاجئة غير قادرة على تقديم ما يسد الحاجة ماديًّا، لكنها قادرة على تحمل أعباء إدارية وتنظيمية.

وترتبط المبادرة بإيمان فريق “لا تخنقوا الحقيقة” بوجود طاقة بشرية قادرة على القيام بمهام أساسية، ويمكن الاعتماد عليها.

ويعد الفريق مسؤولًا عن التواصل مع المتطوعين، بينما يتحمل الطبيب محمد كتوب مسؤولية التنسيق مع المنظمات لمعرفة احتياجاتها، وفق ما قالته شحوارو، لافتة إلى وجود العديد من طلبات التطوع من مختلف المناطق.

ثقافة أفرزتها الحاجة

نشأت عشرات منظمات المجتمع المدني في سوريا، استجابة لمتطلبات الواقع بعد عام 2011.

وتزايد عدد المنظمات الناشئة في المناطق “المحررة” لتسد الفراغ الذي تركه غياب الدولة، وتعمل على تلبية احتياجات المناطق بمختلف القطاعات.

ومن أبرز المنظمات الناشئة، “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء)، المنظمة التي عملت منذ تأسيسها على تلبية نداءات الاستغاثة، ما جعل كوادرها هدفًا للعمليات العسكرية للنظام السوري مرارًا، وحوّل العديد من المتطوعين من منقذين إلى ضحايا.

وفرض الواقع الأمني والحوكمي في سوريا على العديد من المنظمات إنشاء مكاتب في الولايات التركية الحدودية مع سوريا، وفي مختلف دول اللجوء.

ويعمل اليوم، بعد مضي حوالي 12 عامًا على بدء الثورة السورية، آلاف المتطوعين في مختلف المجالات ومن مناطق متفرقة ضمن منظمات المجتمع المدني بمختلف قطاعات العمل.

أرقام كارثية

بلغ عدد ضحايا الزلزال في الشمال السوري 2274 حالة وفاة، بحسب “الدفاع المدني“، بينما تجاوزت حصيلة الوفيات إثر الزلازل في تركيا 45 ألف حالة وفاة، في حصيلة غير نهائية.

وقدّر “الدفاع المدني السوري” عدد العائلات التي شُردت جراء الزلزال في الشمال السوري بحوالي 40 ألف عائلة، بينما بلغ عدد الأبنية المدمرة بالكامل نحو 550 بناء، والمتضررة بشكل جزئي أكثر من 1570 بناء إلى جانب مئات الأبنية المتصدعة.

وفي حين لا توجد إحصائية دقيقة لعدد السوريين المتضررين من الزلزال في تركيا، تظهر أعداد السوريين المقيمين في المناطق المتضررة حجم الكارثة، إذ بلغ عدد السوريين في الجنوب التركي قبل الكارثة ما يقارب مليونًا و750 ألف شخص.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة