تحقيق: صلات مباشرة بين تجارة “الكبتاجون” ونائب ماهر الأسد

camera iconقائد "الفرقة الرابعة"، ماهر الأسد - (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

كشف تحقيق مشترك لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC” وشبكة الصحافة الاستقصائية “OCCRP”، عن صلات مباشرة جديدة بين تجارة مخدرات “الكبتاجون” وضابط رفيع في قوات “الفرقة الرابعة”، وهو  اللواء غسان بلال الرجل الثاني بعد ماهر الأسد في الفرقة.

وجاء في التحقيق المنشور اليوم الثلاثاء، 27 من حزيران، أنه في عام 2021، بدأت محاكمة في لبنان ضد رجل أعمال سوري- لبناني، حسن دقو، الذي أطلقت عليه الصحافة اللبنانية لقب “ملك الكبتاجون”.

وأدين دقو بتهريب “الكبتاجون” بعد ضبط شحنة ضخمة منه في ماليزيا، تحتوي على نحو 100 مليون حبة، متجهة إلى السعودية، حيث قدرت قيمتها السوقية بما يتراوح بين مليار وملياري دولار، ما يجعلها واحدة من أكبر عمليات ضبط المخدرات في التاريخ.

ولم تجر أحداث المحاكمة في العلن، لكن فريق التحقيق التقى بالقاضي الذي أفاد بأن معظم الأدلة جاءت من مراقبة الاتصالات الهاتفية بين دقو وعدد من مهربي المخدرات.

في المحاكمة، قال دقو إنه كان يتعاون مع “الفرقة الرابعة” “لمحاربة مهربي الكبتاجون”، وقدم بطاقة هوية “الفرقة الرابعة” كدليل.

وتعد “الفرقة الرابعة”، وحدة نخبوية في قوات النظام السوري مكلفة بحماية النظام من التهديدات الداخلية والخارجية، ومنذ عام 2018، يقودها رسميًا ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لرئيس النظام، ويخضع ماهر الأسد لعقوبات غربية لشنه حملات قمع وحشية على المتظاهرين خلال الثورة السورية، كما جرى ربط اسمه بهجمات الأسلحة الكيماوية.

وأدين دقو بتهمة الاتجار بالبشر، في حين قال القاضي لـ “BBC”، إنه لم يعثر على دليل يثبت تورط مسؤولين سوريين في أعمال “الكبتاجون” الخاصة به.

وبالبحث في وثائق المحكمة المكونة من 600 صفحة، وجد فريق التحقيق سلسلة من لقطات شاشة لرسائل أرسلها دقو إلى شخص يسميه “المعلم”، صاحب “رقم ذهبي” (يتكون رقم هاتفه في الغالب من نفس الرقم يتكرر عدة مرات).

تحدثت “BBC” إلى مصادر مختلفة “رفيعة المستوى” في سوريا، أكدت أن الرقم يخص اللواء غسان بلال، مع عدم التأكيد من صاحب العلاقة بسبب الاتصال بالرقم بشكل متكرر دون الحصول على رد.

ويعد اللواء بلال الرجل الثاني بعد ماهر الأسد في “الفرقة الرابعة”، ويدير المكتب الأمني ​​لـ”الفرقة”.

وفي رسائل تطبيق “واتساب”، يناقش دقو مع “المعلم” حركة “البضائع”، التي يعتقد أنها “كبتاجون”، إلى بلدة الصبورة بريف دمشق، حيث يوجد “للفرقة الرابعة” قاعدة كبيرة، بالإضافة إلى مناقشة تجديد التصاريح الأمنية.

رئيس مكتب أمن "الفرقة الرابعة"، اللواء غسان بلال، مع قائد "الفرقة الرابعة"، ماهر الأسد- (BBC)

رئيس مكتب أمن “الفرقة الرابعة”، اللواء غسان بلال، مع قائد “الفرقة”، ماهر الأسد- (متداول وسائل التواصل)

نفوذ يساهم بالانتشار

أخبر جندي في قوات النظام فريق التحقيق، بشرط عدم الكشف عن هويته، أن الراتب الشهري لزملائه كان أقل من 150 ألف ليرة سورية، (17 دولارًا أمريكيًا)، وأن العديد منهم أصبحوا تجار مخدرات في مناطقهم لتكملة دخلهم، وهو أصبح أمرًا روتينيًا بالنسبة لهم.

وعن دور الجنود في تجارة “الكبتاجون” المحلية، قال الجندي، “لم يسمح لنا بالذهاب إلى المصنع، كانوا يختارون مكانًا للاجتماع، حيث نشتري من (حزب الله)، ثم نستلم البضائع وننسق مع (الفرقة الرابعة) لتسهيل حركتنا”.

وتحدث ضابط سابق انشق عن قوات النظام لفريق التحقيق، قائلًا، “بسبب الظروف المالية الصعبة التي يمر بها الضباط وأصحاب الرتب خلال الحرب السورية، لجأ العديد من أفراد (الفرقة الرابعة) إلى التهريب، وهكذا بدأ استخدام سيارات ضباط الفرقة في حمل المتطرفين والأسلحة والمخدرات، لأنها كانت الجهة الوحيدة القادرة على التحرك عبر نقاط التفتيش في سوريا”.

وبسبب الاقتصاد السوري المتدهور والعقوبات يعتمد النظام بشكل رئيسي على تجارة “الكبتاجون” وفق محللين، وقال المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن، لـ “BBC”، “حجم الإيرادات يفوق كثيرًا ميزانية الدولة السورية، إذا توقفت عائدات (الكبتاجون) أو تعطلت بشكل خطير، لا أعتقد أن نظام الأسد يمكن أن ينجو”.

تورط “حزب الله”

وأظهر التحقيق تورط “حزب الله” بعمليات صناعة وتهريب “الكبتاجون”، بعد الكشف عن محادثات هاتف محمول في مدينة السويداء جنوبي سوريا، وجد في مقر مجموعة راجي فلحوط، وهي مجموعة محلية، كانت تتبع لـ”الأمن العسكري”، واجهت اتهامات بضلوعها بعمليات القتل والخطف.

في تموز 2022، سيطرت حركة “رجال الكرامة” المحلية في السويداء على مقر راجي فلحوط، وعثر أفرادها على أكياس بدا أنها تحوي حبوب “الكبتاجون” معدة للتوزيع، وآلة يمكن استخدامها لضغط الحبوب، بالإضافة إلى بطاقة هوية لقوات النظام الخاصة بجماعة فلحوط، وهاتف محمول غير مقفل.

بعد حصولها على حق الوصول الحصري إلى الهاتف، وجدت “BBC” سلسلة من الرسائل بين فلحوط ومسؤول لبناني يسميه “أبو حمزة”، تعود لآب 2021، ناقشوا فيها شراء آلة ضغط الحبوب ونقلها من لبنان إلى سوريا.

و‎باستخدام رقم الهاتف، تتبعت “BBC” هوية أبو حمزة الحقيقية، ليتضح أنه يدعى حسين رياض الفطروني، المرتبط بحسب صحفيين محليين بـ”حزب الله”، حليف النظام السوري.

ولعب مقاتلو “حزب الله” دورًا رئيسيًا في القتال إلى جانب قوات النظام خلال الثورة السورية، ولهم وجود في معظم أرجاء مناطق نفوذ النظام، ويواجهون اتهامات سابقة بالتورط في تهريب المخدرات، لكنهم ينكرون ذلك رسميًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة