مع اقتراب العام الدراسي

معلمو ريف حلب يرفعون الصوت.. رواتب دون حد “الفقر المدقع”

camera iconمعلمون يحتجون على تدني أجورهم ويطالبون بتحسين الواقع التعليمي في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- 22 من آب 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

tag icon ع ع ع

اعزاز – ديان جنباز

مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد، ارتفعت وتيرة احتجاجات العاملين في القطاع التعليمي بمدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، حيث تسيطر “الحكومة السورية المؤقتة”.

المحرك الأول لهذه الاحتجاجات هو انخفاض قيمة الأجور الشهرية، التي لم تعد تغطي جزءًا من احتياجات الأسرة، في ظل ارتفاع كبير لأسعار السلع، وعدم استقرار الليرة التركية مقابل الدولار.

ويتقاضى المعلم العازب 1750 ليرة تركية (نحو 65 دولارًا أمريكيًا)، والمعلم المتزوج 1925 ليرة (نحو 72 دولارًا أمريكيًا)، في منطقة وصل فيها حد الفقر المعترف به إلى 5486 ليرة تركية، وحد الفقر المدقع إلى 3957 ليرة، وفق فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة.

احتجاجات ومطالب منذ سنوات

نظّم عشرات المعلمين في مدن وبلدات ومخيمات ريفي حلب وقفات احتجاجية، في 17 و22 من آب الماضي، أمام مديريات التربية للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، وإصلاح العملية التعليمية، ووضع حلول جذرية للمشكلات التعليمية المتكررة في كل سنة.

رئيس نقابة المعلمين في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، محمد صباح حميدي، قال لعنب بلدي، إن احتقان المعلمين شديد، والوقفات الاحتجاجية هي بداية لسلسلة من الوقفات.

وذكر أن المطالب بتحسين معيشة العاملين في القطاع التعليمي وواقع التعليم متكررة منذ أعوام، دون أن يستجيب المعنيون لهذا الأمر، كما أن الجهات المعنية بالملف التعليمي غائبة، ولا مرجعية لمطالب المعلمين، وهو العامل الذي يزيد الأمر سوءًا بشكل دائم.

وأضاف أن سوء الملف التعليمي في الداخل السوري تتحمل مسؤوليته الحكومة التركية بالمقام الأول، وأن لها عديدًا من الشركاء، وهي قادرة على دعم العملية التعليمية إما من خلالها وإما من خلال المنظمات العاملة في المنطقة.

وأوضح حميدي أن معلمين وناشطين طالبوا الجانب التركي، عدة مرات، بإدخال المنظمات أو الأمم المتحدة لتساعد في تحسين الواقع التعليمي بالشمال السوري، إلا أن الجهات التركية رفضت بذريعة المساس بالأمن القومي التركي، وفق حميدي.

معلمون يحتجون على تدني أجورهم ويطالبون بتحسين الواقع التعليمي في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- 22 من آب 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

“لا حلول إلا الاستقالة”

محمد موسى معلم بمدرسة “الشعلة” في بلدة شمارين قرب اعزاز، قال لعنب بلدي، إن الراتب الشهري قليل جدًا، وحقوق المعلمين “ضائعة”.

وذكر أن المعلم مُطالب بزيادة عدد ساعات الدوام، بالإضافة إلى وجود “فوقية بالتعامل معه” حين يتوجه بسؤال أو مطلب للإداريين المحليين في التربية أو المجلس المحلي، ودائمًا ما تُرجع الجهات المحلية السبب إلى الجانب التركي.

وأوضح المعلم أنه في حال لم تتم الاستجابة للمطالب، فإن الخيار الوحيد أمام المعلمين هو الاستقالة الجماعية، والعمل في أي مجال آخر، حسب قوله.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي في احتجاجات المعلمين، فإن الحديث عن ترك قطاع التعليم تكرر على لسان المتظاهرين في حال وُجدت فرص العمل، على اعتبار أن أي عمل ثابت آخر يمنح الشخص راتبًا أعلى.

من جانبه، أحمد خاطر، معلم في مدرسة مخيم “النور” بمحيط مدينة اعزاز، قال لعنب بلدي، إن عدم تقدير عمل المعلمين في مناطق ريف حلب الشمالي ينذر بكارثة ضمن القطاع التعليمي.

وأضاف أن الأمر يجبر آلاف المعلمين على عدم الالتحاق بالمدارس هذا العام، ما يعني أن هناك آلاف الطلاب على باب التسرب المدرسي.

وذكر خاطر أن مشكلة التعليم لا تقتصر فقط على رواتب المعلمين على الرغم من أنها القضية الأهم، بل امتدت لتشمل قضايا الطلاب، وقلة دعم المدارس العامة، إذ إن المستلزمات الأساسية في المدارس باتت غير كافية للطلاب لعدم توفر نسخ الكتب، وتهالك البنية التحتية، وعدم القدرة على تأمين الوقود اليومي في فصل الشتاء.

رواتب لا تسد الرمق

منذر المحمد معلم في بلدة شمارين، قال لعنب بلدي، إن انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار وارتفاع الأسعار جعل الوضع المعيشي للمعلم سيئًا جدًا.

وأضاف المعلم الذي يقيم في أحد المخيمات الواقعة قرب الحدود السورية- التركية، أن وقوع المعلم في العوز والفقر يدفعه إلى البحث عن أعمال أخرى بعد انتهائه من دوامه اليومي في المدرسة.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، يتعرض المعلمون لكثير من الضغوط والتحديات اليومية في سبيل الحصول على لقمة عيشهم، ما يضطرهم إلى العمل في حال توفر الفرصة خارج أوقات الدوام بأي مهنة قد تكون في البناء أو العتالة أو الزراعة، بأجور متدنية قد لا تتجاوز الدولارَين في اليوم.

وتتكرر مطالب المعلمين منذ سنوات مع بداية كل فصل دراسي، مع عدم قبولهم بأي حلول جزئية أو مؤقتة من سلال غذائية أو قسائم ملابس، إذ يعتبر بعض المعلمين أنها لا تلبي مطالبهم.

وتعاني منطقة شمال غربي سوريا ترديًا في الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذي انعكس سلبًا على جميع مناحي الحياة.

وكانت أحدث زيادة على رواتب المعلمين بمناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” في كانون الأول 2022، وبلغت 75%، لكن ذلك لم يوقف الاحتجاجات والمطالب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة